بقلم - عبد المنعم سعيد
الهوية هى نقطة البداية فى مشروع التحديث، لأنه عندها تبدأ وتنتهى أمور كثيرة. سؤال الهوية هو سؤال عما يجعل الفرنسيين فرنسيين والألمان ألمانا والروس روسا، ومن ثم يمكننا أن ندلف إلى أسئلة أخري. فما الذى يجعل المصريين مصريين، ومن ثم يمكننا الحديث عن مصر الدولة كما نتحدث عن فرنسا وألمانيا أو روسيا أو غيرها. لا توجد بدهيات فى هذا الأمر، وإنما عملية تاريخية معقدة أن تجد جماعة من البشر قد تجمعت على مشاعر وقيم وتفاهمات تختلف عما كان بينهم وآخرين. فى قديم الزمان كان الرحالة يمشون من بلادهم حتى يجدوا لسانا آخر. اللغة ركن مهم من الهوية، لأنها هى التى خلقت التواصل بين الجماعة، وفى حالتنا المصرية فإنها خلقت أشعارا وأهازيج وملاحم وأذواقا خاصة لا توجد فى بلد آخر. التحديات الخارجية من أقوام أخري؛ توالى المستعمرين يخلق تحديا تاريخيا ينتقل بين الأجيال، ويتوارثه القادة. السوق المشتركة تنتج اعتمادا متبادلا، وفى مصر كان نتاج النيل فى تحدى الفيضان والجفاف الذى احتضنه المصريون منذ فجر التاريخ. فى مصر، ومهما يكن دور العناصر المختلفة، فإن مصر تقع فى مقدمة الدول الوطنية أى تلك التى لدى سكانها هوية خاصة استمرت لبضعة آلاف من السنين.
الهوية ليست عملية ساكنة، وصلت إلى مدار وتوقفت عنده، وإنما هى عملية ديناميكية تربط المصريين فى كل عصر بعواطف متميزة تنتظر فى شوق أن يكون لها مستقبل مشترك. المشروع الوطنى المصرى الذى بدأ مع ثورة يونيو ٢٠١٣ يضيف أبعادا جديدة من الثقة فى الصفة المصرية أو البراند المصرى فقرا وغني، وتعاسة وسعادة. هو ينصرف إلى الأسئلة الأولية ليس فقط عما نريده لمصر من مكانة وقدرة وعزة، وإنما ما نريده للمصريين من نوعيات التقدم والغنى والسعة. هذا السؤال الجوهرى لابد أن يثار خلال الانتخابات الرئاسية المصرية التى عليها أن تتجاوز آلام اللحظة الاقتصادية ، وإغراء استغلالها إلى الآفاق الرحبة لمستقبل مشترك.