بقلم - عبد المنعم سعيد
الأمر يحتاج بعض الوقت حتى يمكن الاستيعاب. قد يكون وفاة شخص يُقدر، أو لحصول آخر على جائزة تليق. المشوار ابتكار سعودى يتلاءم مع برنامج للترفيه واسع النطاق يستخرج من العالم العربى أحلى ما فيه من فنون ونغم لصالح فكرة تنموية فى جانب، وفكرة عروبية فى جانب آخر. جوهره رحلة فنان يصدح بها فى ليلة مع رفاق آخرين أمام جمهور عربي، ومن فاتته الليلة سوف يجدها فى الصباح وعبر الأيام مجزأة عبر اليوتيوب فى أغنياتها ومواقفها الموسيقية. هذه المرة كان محمد منير هو صاحب المشوار الطويل الذى يبلغ ١٠٠٠، نعم ألف أغنية، والذى عرفته لأول مرة قبل أربعة عقود عندما جاورنى فى مقاعد طائرة ذاهبة إلى فرانكفورت وتحدثنا عن الموسيقى والطرب والتطريب وفروقات بين جيل جديد من الفن وأجيال سابقة. وكأننا على موعد مع الطائرات، تجاورنا فى طائرة أخرى من نيويورك إلى القاهرة لكى يحدثنى عن محاضرات ألقاها عن الفن النوبي. تعددت وتباعدت المصادفات، ولكن آخرها كان قبل أسابيع عندما اتصل بى فجأة لكى يكون أول سؤال هو ما هى أحوال السودان؟ كان فى حفل فى السعودية، وعندما نشب القتال بين الفصائل، ذهب من الرياض إلى الخرطوم مباشرة؛ وعندما غنى هناك حصل الشعب السودانى على وقف إطلاق النار طوال غنائه!.
وقتها عرفت تلك الحالة فى عشق البنات عندما صرعته عيون الجميلة فتوقفت سيارته فأرسل لحاكم الخرطوم يطلب منه أن يوقف جلسته حتى تقوم القيامة! باختصار كان مشوار منير أن ينهل من النبع الصافى للأصول النوبية، لكى يضعها فى النهر المصرى الواسع لكى يصل صفاؤها وإنسانيتها إلى بحار الله الواسعة. يقال دائما إن المحلية هى أسرع الطرق إلى العالمية، وكان ذلك حاضرا فى مشواره المطل من السعودية، حيث كان معه ٨٧ عازفا من كل أنحاء الدنيا يشدون معه عن الإنسان: ولو ما لوش عنوان. مشواره حكاية مصرية فعلا!.