بقلم - عبد المنعم سعيد
نبهنى د. أسامة الغزالى حرب فى عموده "الصحفيون والتطبيع!" – الأربعاء ٢٢/٣/٢٠٢٣ـ إلى قرار الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بحظر التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو ما رآه خاطئا مهنيا ووطنيا وقانونيا. المسألة ربما تكون فوق ذلك كله لها طبيعة سياسية وإستراتيجية تذكر بما دار فى مصر ودول عربية خلال عقد التسعينيات من القرن الماضى من مقاطعة عندما كانت القيادات الفلسطينية فى فلسطين وداخل إسرائيل تدعو العرب للقدوم وقاية لفلسطين من التهويد. الآن نحن فى العقد الثالث بعد ما جرى توفى فيهم ياسر عرفات وفيصل الحسينى والكثير من القيادات الفلسطينية. الآن فإن فلسطين تبدو كما هى عليه مقسمة ما بين السلطة الفلسطينية فى رام الله، وسلطة حماس فى غزة، والفلسطينيين داخل إسرائيل الخاضعين لعملية "أسرلة" منظمة؛ والفلسطينيين فى الشتات وقد اندمج أطفالهم فى الأقطار التى يعيشون فيها. ما هو أكثر من ذلك أنه نتيجة تقاعس فلسطينيى الداخل عن الوحدة نجح نيتانياهو فى تكوين أكبر تحالف عنصرى فى الوزارة الإسرائيلية سياسته العملية هى الاستيطان والمزيد منه حتى بلغ فى الضفة الغربية ٦٠٠ ألف مستوطن جعلت من الإسرائيليين أغلبية فى القدس.
ما يفوت على الجميع أن المعركة على فلسطين كانت لها دائما وجهان: جغرافى حول الأرض؛ وديمغرافى حول البشر والأغلبية على أرض فلسطين. هذا البعد الأخير كان هو جوهر خلق الحقائق على الأرض، وهذه الآن تتعرض لأكبر خطر تعرض له الفلسطينيون فى تاريخهم المعاصر. ليس سرا على أحد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تتضمن عناصر تدعو صراحة لنكبة جديدة تدفع الفلسطينيون للفرار من أراضيهم وفى المقدمة تقع القدس وبعدها الضفة الغربية، أما من هم فى داخل إسرائيل (٢١٪ من السكان) فهم فى حالة المواطنة من الدرجة الثانية إلى يوم يبعثون. المنادون بالمقاطعة ينزعون عن فلسطين عروبتها، ويمنعون عنها المدد البشرى اللازم للثبات والبقاء، وللأسف يرمون الفلسطينيين عنوة إلى الأحضان الإسرائيلية.