خواطر عن المحتوى والتسويق

خواطر عن المحتوى والتسويق

خواطر عن المحتوى والتسويق

 العرب اليوم -

خواطر عن المحتوى والتسويق

بقلم - عبد المنعم سعيد

هناك خمس حقائق لابد أن تكون تحت عيوننا فيما يخص بلدنا الحبيب مصر. أولاها أن مصر خرجت من محرقة الربيع العربى بسلام، ورغم هيمنة «الإخوان» على الربيع المغدور فإنها خرجت من السلطة بثورة شعبية ساندتها القوات المسلحة حتى وضعت البلاد كلها على عتبات جديدة. وثانيتها أن هذه العتبات كانت عملية واسعة النطاق للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى والدينى لم تحدث في مصر منذ كان الخديو إسماعيل في الحكم. هذا الإصلاح لم يكن سريًّا، ولا تعبيرًا عن نية فاضلة، بل إنه كان ظاهرًا للعيان سواء كان في بناء المدن وامتداد العمار من النهر إلى البحر، أو إنشاء البنية الأساسية، التي لا تنقطع فيها كهرباء ولا يتوقف فيها ماء ولا ينصرف منها غاز. وثالثتها أن عملية الإصلاح هذه، والممتدة من العواصم والمدن إلى ريف الحياة الكريمة، واجهتها ثلاث أزمات هائلة؛ واحدة حرب مع الإرهاب، انتهت بنصر مؤزَّر، وواحدة أخرى جاءت من عدو لا يعرف عنه أحد في العالم من قبل، وهو بلاء الكورونا، وخرجت منها بأعلام مرفوعة، وواحدة ثالثة جاءت من الحرب الأوكرانية، التي ليس لمصر فيها ناقة ولا جمل، ولكن سخونتها لفحت الوجوه المصرية بالغلاء والضغوط الاقتصادية الدولية والإقليمية. ورابعتها أن هذه الأزمة الأخيرة طرحت نوعًا من المراجعة، وأحيانًا الشكوك، عما إذا كان المسار الذي اخترناه قد تجاوزته الحكمة. وخامستها أن مصر وهى في منتصف رؤيتها ٢٠٣٠ منشغلة بقضايا تنموية مهمة مخطط إنجازها قبل عام ٢٠٢٥، واحدة منها تخص استصلاح ثلاثة ملايين ونصف المليون فدان مُقدَّر لها أن تسد أجزاء مهمة من الفجوة الغذائية..

.. وأخرى تركز على تفعيل العمل في ١٧ منطقة صناعية جديدة تضيف إلى القاعدة الصناعية المصرية قفزة في عمليات توطين وتعميق تصنيع البلاد، وثالثة أن كل ما تحقق من تغيير على مدار السنوات الماضية يتطلب تشغيلًا واسع النطاق، يتطلب نقلًا للبشر، وتفعيلًا للتكنولوجيا، وقرارات وقوانين تضعها على الطرق الشرعية السليمة.

هذه الحقائق الخمس مضافًا إليها حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهى أن كل ما تحقق يجرى وسط بيئة إقليمية مضطربة وقلقة، وما يحدث في السودان حاليًا ما هو إلا مشهد واحد في منطقة مزدحمة بالمشاهد. ورغم وجود إشارات إلى التهدئة منذ إعلان العلا في ٥ يناير ٢٠٢١ وعودة العلاقات العربية القطرية والعربية التركية ومؤخرًا الاتفاق الإيرانى السعودى، ووجود مشاهد أخرى تدل على مجال لإقليمية جديدة؛ فإن التفاؤل لا يزال بعيدًا عن الحسبان، حيث إن العائدين من سوريا إلى اليمن إلى العراق مثخنون بجراح كثيرة. ولكن التوازن بين هذه الحقائق في مجملها يعبر عن الشوط الكبير الذي قطعناه؛ وفى الواقع أن القصة المصرية في مجملها لا تختلف كثيرًا عن قصص جرت في أقاليم أخرى من العالم لم يكن فيها التفاعل ما بين الداخل والخارج من الأمور السعيدة. ما ينقص التجربة المصرية هو أن أصولها- التي بدأت مع تطبيق «المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية لمصر ٢٠٥٢»، والذى وضعته «الهيئة العامة للتخطيط العمرانى» ما بين عامى ٢٠٠٨ و٢٠٠٩؛ حتى التطبيق العملى لها، والذى قام على توافر الإرادة السياسية والعملية، مع جذب الموارد المحلية والأجنبية لصالح اختصار أزمنة التنفيذ- لم يتيسر لها النفاذ إلى الجمهور المصرى، ولا العالم الخارجى. القوى المعادية سواء كانت لمصر عامة، أو للنظام السياسى خاصة، حاولت دائمًا أن تصور الحالة المصرية كما لو كانت متخبطة ما بين مشروعات لا يوجد بينها منطق ولا رابط، وبدون تخطيط أو دراسة.

المشروعات القومية العملاقة المصرية، من قناة السويس الجديدة في شرق مصر إلى الدلتا الجديدة في غربها، وُصفت في الصحافة الأمريكية والأوروبية على أنها «أفيال بيضاء»، وهو تعبير أُطلق على حكام العالم الثالث، الذين أرادوا إعطاء انطباع بوجود تنمية من خلال مشروع ضخم يجرى التغنى به طوال الوقت. مثل ذلك لا ينطبق على مصر، فلا يوجد مشروع واحد، وإنما آلاف المشروعات الشاملة للجغرافيا المصرية بأكملها. أكثر من ذلك أن كل ما بُنى في مصر استند إلى مفهوم شامل يقوم على «الدولة الوطنية» و«الدولة الحديثة» و«الدولة المعاصرة»، ولكن هذه المفاهيم ظلت غائبة عن العقل العام داخل مصر وخارجها. المدهش أن عددًا من التجارب الإصلاحية العربية التي سارت على نفس الطريق، وبالطبع وفقًا للظروف الخاصة بكل دولة سواء كانت السعودية أو الإمارات أو الأردن أو المغرب، نجحت في اختراق حاجز الضباب الإعلامى على الساحة العالمية. عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، «ليزلى جراهام»، قام بزيارة المملكة العربية السعودية مؤخرًا، وهو الرجل الذي ما انفك يهاجمها خلال السنوات الماضية بتهم التخلف الاقتصادى والاجتماعى واضطهاد النساء والشباب والأقليات؛ لكى يصرح الآن بأن السعودية تعيش حالة من «الثورة الإصلاحية» غير المسبوقة من أجل تنويع مصادر الدخل وتعبئة الكفاءات الوطنية رجالًا ونساء.

الحقيقة هي أن الفارق ما بين التجربة الإصلاحية المصرية الرائدة في عهد ما بعد «الربيع المغدور» والتجارب العربية الأخرى ليس فارقًا ماليًّا فقط؛ أو حتى مصر ترى أن الواقع يتحدث عن نفسه ولا يحتاج إلى ما هو أكثر، ولكن غياب آليات المحتوى وأدوات التسويق التي تربط ما بين الواقع وما هو دائر في خيال المستقبل. الدول العربية من السعودية إلى المغرب تجعل من هذه الآليات والأدوات جزءًا لا يتجزأ من كل مشروع، يبدأ معه، ولا ينتهى بعد انتهائه. في ١٧ إبريل الجارى ورد الخبر التالى من السفارة السعودية بالقاهرة: استضافت نيوم، مؤخرًا، ١٤٠ شخصيةً من الروّاد العالميين في قطاع الإنتاج السينمائى والتلفزيونى، وذلك في احتفالية خاصة لاستعراض الاستديوهات الجديدة، ومراحل التطوير، ومرافق دعم الإنتاج، والحوافز المقدمة، وفرق العمل الاحترافية، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز مكانة «نيوم» كونها مركزًا عالميًّا للصناعات الإعلامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وشهدت الاحتفالية.. مشاركةً واسعةً وحضورًا عالميًّا من عدة دول، شملت السعودية والإمارات، والمغرب، وتركيا، والهند والمملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وهولندا والبرتغال، إضافة إلى دول من أمريكا الشمالية.

بالطبع، فإننا في مصر نتمنى التوفيق للأشقاء في السعودية، ولكن ما يهمنا هنا هو إثارة حقيقة الحواجز الواقعة بين ما تم إنجازه، وصورته في الداخل والخارج كحقيقة مترابطة في إطار استراتيجية وطنية تستحق الإعلان والمناقشة. وإذا كان للحوار الوطنى أن تكون له نتيجة إيجابية بعد عام من إعلانه فهى أن يجعل من مناقشاته سبيلًا للنظر إلى الاستراتيجية الوطنية خلال المرحلة المقبلة، وبالتحديد خلال السنوات السبع المقبلة؛ وأكثر من ذلك رفع الغمة عن كل ما تحقق ليس فقط إعلاميًّا، وإنما أيضًا من خلال تشغيل التغيير الذي حدث بالفعل في مصر وتحويله إلى مسار تاريخى حينما لا يكون التاريخ ما مضى، وإنما ما هو آتٍ!.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر عن المحتوى والتسويق خواطر عن المحتوى والتسويق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab