بقلم - عبد المنعم سعيد
كان الرئيس الأمريكى بايدن هو الذى خلق سمعة سيئة للحروب طويلة الزمن، بإعلانه أنه لن يقبل للولايات المتحدة أن تستمر فى حروب تبقى إلى الأبد. أصبح تعبير Forever Wars ذائعا، ووقتها كان المقصود الحرب الأمريكية فى أفغانستان؛ وبقايا حروب فى العراق وسوريا. انسحبت أمريكا منها جميعا تقريبا؛ ولكن ذلك لم يمنع أن العالم بات يشهد حروبا أبدية جديدة، واحدة منها فى أوروبا كان الظن أنها لن تحدث أبدا، وعندما حدثت ساد الظن أنها سوف تستغرق أسابيع، ولكنها عبرت العام، ولا يوجد بصيص ضوء أنها سوف تنتهى فى نهاية العام الثاني. وعندما نشب الصراع بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، بدا أنه يكفى الحصول على وعد لوقف إطلاق النار بعدها يعود كل طرف إلى قواعده، أو ثكناته، ولكن بعد شهور وحزمة كبيرة من الاتفاقيات، فإن إطلاق النار مستمر. الحرب ـ كما هى العادة ـ تغذى نفسها، لأن فيها قتلى يستحقون الانتقام لقتلهم، وهناك جرحى يذكرون دائما بظلم الطرف الآخر، وهناك دائما تدمير ونزوح ولجوء، وفى كل حالة تتعمق ذكريات تغذى الحرب والقتال.
الحروب الأبدية لها جذور فى التاريخ، والعلاقة بين روسيا وأوكرانيا مزجت تاريخيا ما بين الاندماج والانفصال، وسبقت الحرب الحالية حروب فى القرم وأثناء الحربين العالميتين. كان الخروج الأوكرانى من الاتحاد السوفيتى ثقيلا على موسكو، وجرحا لم يندمل، ولا يظن أن الحرب الحالية سوف تغلق نزيفه. عديد من المراقبين يرون أن الحرب فى السودان تعود إلى ما قبل الاستقلال عام ١٩٥٦، وما بعدها كان حلقات من الحروب الأهلية تقطعها نوبات من السلم والانتخابات، وبعدها يعود الأمر إلى أصوله الأولى من النزاع. فى السابق لم يؤد انفصال الجنوب إلى وضع نهاية للحرب، فقد نشبت حروب داخل الجنوب دخلت درجة من السكينة مؤخرا, ولكن الحرب الحالية لا تحدث فى الشمال فقط، وإنما فى مدينة واحدة منه الخرطوم. الحروب الأبدية لها أشكال كثيرة.