الأيام الصعبة

الأيام الصعبة

الأيام الصعبة

 العرب اليوم -

الأيام الصعبة

بقلم - عبد المنعم سعيد

لا يمر حديث عام فى مصر الآن، سواء كان يجرى داخل المؤسسات الرسمية المصرية أو خارجها، دون ذكر الظروف الصعبة التى رتبتها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية على العالم وعلى مصر.

والحقيقة أنه لن يختلف أحد على أن الأزمة تشكل علامة فارقة فيما سببته من أيام صعبة، ولعل ما يجعل الأيام فيها أكثر صعوبة أن لا أحد يعلم متى سوف تنتهى الحرب الملعونة، ولكن الحقيقة الأخرى هى أن الزمان لا يتوقف، والمشروع الوطنى المصرى لا ينبغى له أن يتراجع أو يصل إلى خيبة الأمل.

بل إن على القائمين عليه أن يتسلحوا بالعزيمة الكافية لكى يتجاوزوا هذه الأحوال الثقيلة؛ فرغم ما نشاهده الآن من بدايات الهجوم الأوكرانى المضاد الذى يبدأ موجة أخرى من التصعيد، ومعها سوف تتزايد تعبيرات الشك وعدم اليقين فى الذيوع العام؛ فإن ما هو معلوم أن الأزمة الراهنة ليست استثنائية فى التاريخ البشرى.

وأن التأثيرات الاستراتيجية تعيد إلى الذاكرة العالمية ليس فقط فترة «القطبية الثنائية» التى عاشها العالم فى زمن الحرب الباردة، وإنما تستدعى أيضا فى نفس الوقت ذكريات الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفترات الحروب الكورية والفيتنامية والأفغانية والعراقية الإيرانية، إلى غيرها من الأزمات الطاحنة. العالم لم يسلم أبدًا من أزمات اقتصادية واستراتيجية طاحنة، وفيها كلها لم تسلم مصر من لفحات حرارتها.

التأثيرات على مصر لا شك عميقة، وربما لا تحتاج مصر لأن تكون رؤوسها باردة وأنفاسها عميقة وقدرتها على الحساب والتدبير بأحكم ما تستطيع كما هى الآن وهى تواجه حزمة مركبة من التحديات الحرجة.

وليس معنى ذلك أن حالة بمثل هذا الحرج لم تواجهها مصر من قبل، وهناك بين المصريين من ينتمون إلى جيل مرت عليه أزمات وكوارث بدت الدنيا وقتها حالكة الظلام.

وعاش جيل فى أزمات الصراع العربى الإسرائيلى، وحتى فى الجيل الحالى، فقد شاهد اللحظات الكارثية التى هلت على مصر فى مطلع العقد الماضى عندما حكم الإخوان المسلمون، وبعد أن مضى حالهم تركوا الدولة خاوية على عروشها.

وخلال عقد واحد، واجهت مصر أزمات الإرهاب وكورونا وعامًا كاملًا وأكثر من أزمة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، أثرت على الغذاء والطاقة وضاعفت من كوارث سلاسل التوريد.

الخلاصة هى أن مصر خاضت امتحانات من قبل فى صلابتها، واختبرت فى اختياراتها؛ وهذه المرة فإن مصر وهى تواجه امتحانًا آخر فإنها أكثر استعدادًا من أى وقت مضى.

ورغم نوبة التضخم وارتفاع الأسعار العاتية، فإنها لا تواجه أزمة لا فى الغذاء ولا فى الطاقة ولا فى الدواء ولا فى الإسكان ولا فى الاتصالات ولا فى العمل. وهى تصل إلى هذه الأزمة وناسها أكثر انتشارا فى جغرافيتها من أى وقت مضى، وأكثر غنى بالأصول الحقيقية أكثر من أى وقت فى التاريخ المعاصر.

ما نحتاجه ربما نظرة أكثر عمقًا إلى بلدنا ونظرة أكثر عمقًا إلى بلاد أخرى مثلنا عاشت الأزمات الأخرى والآن هى تواجه الأزمة الراهنة أكثر استعدادًا بأسلحة اقتصاد السوق، والقدرة على تعبئة الموارد المادية والبشرية.

ولعل ذكريات حفر قناة السويس الجديدة خلال فترة قياسية تشهد على أن مصر لم تكن وقتها فى أسعد حالاتها بعد أن خرجت من أتون «الربيع العربى» المزعوم، وواقعة تحت ضغط الإرهاب والبنية الأساسية الضعيفة.

ومع ذلك فقد بحثت فى جيوبها عن المال، وشمّرت عن سواعدها للعمل، ووقتها جاء المدد التكنولوجى لكى يعمق القناة ويقيم أخرى، وتفوز قناة السويس فى منافسة مشروعات عدة لنقل التجارة الدولية بين الشرق والغرب تقيمها إسرائيل أو روسيا.

ولمن لا يعلم فإن هناك مشروعات جديدة للمنافسة تقيمها العراق وتركيا، وإيران وروسيا، توازى قناة السويس من خلال خطوط سكك حديدية تنقل من المحيط الهندى وبحر العرب إلى الحدود الأوروبية فى روسيا وتركيا.

مشروع القطار السريع بين السويس وبورسعيد، مضافًا إلى القناة البحرية، وخط أنابيب السوميد البرى بين ميناء العين السخنة على البحر الأحمر وميناء الدخيلة على البحر المتوسط، يجعل مصر فى مقدمة السباق.

لم تكن مصر أكثر احتياجًا للسرعة فى العمل والإنجاز والدفع نحو تحرير السوق المصرية وتشغيل ما تغير فى مصر قدر ما تحتاجه الآن، لأن لحظة الخروج من الأزمة الكبرى لن تكون أقل مفاجأة من لحظة الدخول فيها.

فى كل الأزمات العالمية والإقليمية السابقة خرجت دول العالم على لحظة جديدة، فاز فيها من هو أكثر استعدادًا وتفاؤلًا أنه استمر فى البناء والتجهيز للمنافسة القادمة خلال أيام صعبة ولحظات عصيبة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأيام الصعبة الأيام الصعبة



ياسمين صبري أيقونة الموضة وأناقتها تجمع بين الجرأة والكلاسيكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:37 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

تامر حسني وهنا الزاهد ينتهيان من تسجيل أغنية أحلى واحدة
 العرب اليوم - تامر حسني وهنا الزاهد ينتهيان من تسجيل أغنية أحلى واحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 03:28 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

أول عاصفة ثلجية في تاريخ تكساس والأسوء خلال 130 عاما

GMT 15:30 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الاحتلال الإسرائيلي يواصل العملية العسكرية في جنين

GMT 16:20 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يعلن التعاقد مع كولو مواني على سبيل الإعارة

GMT 23:16 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نوتنجهام فورست يجدد رسميا عقد مهاجمه كريس وود حتى 2027
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab