بقلم - عبد المنعم سعيد
كرة القدم هى «الميكروكوزم» المجسد للدولة والأمة، فهى لعبة «جماعية» حيث السباق والهجوم والدفاع، وكافة رموز الماضى والحاضر من أعلام وهتاف ونشيد وطني. هى مصدر السعادة ساعة النصر والحزن وقت الهزيمة، وفى كليهما بالطرق السلمية ما لم يصل الجنون إلى العنف والصدام وهو ما يحدث نادرا. وفى الحالة المصرية فإن هناك الكثير من التماثل فى حالة التنمية بين الرياضة والوطن حيث يحكى التاريخ لنا كم كانت مسيرته تصعد وتهبط، ولكنها لا تأخذ مسارا مستقيما يأخذنا من مرحلة إلى مرحلة أعلى فى السباق. تراكم الخبرة وما يحتاجه زمن الممارسة والتراكم المعرفى والرأسمالى والمهاري، ولكنه ينقطع باستمرار وفقدان الصبر وانهيار التسامح مع الزمن. المثال فى عالم كرة القدم جرى عندما تولى المدربان «كوبر» و«كيروش» تدريب الفريق الوطني. الأول أوصلنا إلى نهائى كأس الأمم الإفريقية، وبعدها قادنا إلى كأس العالم. والثانى جاء فى نهايات فترة الإعداد وبعد أن كدنا نفقد كل الخطوات التمهيدية لكى يصل بنا إلى نهائيات إفريقيا، وإلى الخطوة الأخيرة قبل الذهاب إلى كأس العالم. وكان أهم ما فعله أنه أعاد اكتشاف الكرة المصرية بحفنة ماهرة من اللاعبين.
كلا المدربين كان على معرفة بأن مهمة التدريب تبدأ بمعرفة اللاعبين وقدراتهم، وأن اللاعب المصرى ليس هو اللاعب البرازيلى أو الألماني، ومن ثم كان تطبيق طرق اللعب الملائمة للمهارة واللياقة البدنية، وهذه كان أكثرها دفاعية وصفت من قبل النقاد بأنها «عقيمة» لأنها لا تسجل أهدافا كثيرة، ونسى الجميع أنها أبقت شباكنا عذراء فى معظم الأحوال. كان أهم ما فعلاه أنهما خلقا بناء يستحق التطوير، وفى النتائج لم يكن بها عار، وإن كانت تعطى البداية لطريق يتوَّجُه فوز إذا ماتسلحنا بالصبر. ولكن نفاد الصبر كان هو النتيجة، وجرى التعامل مع كليهما بما يمس السمعة المصرية فى التعامل مع المدربين الأجانب، وحصدنا بعد ذلك التراجع، سواء كانت البطولة تتم فى مصر أو فى ساحل العاج.