بقلم - عبد المنعم سعيد
لم أكن أتصور أن عنترة بن شداد البطل المغوار والفارس المقدام والشاعر المفوه والرومانسى صاحب أرق قصص الحب فى التاريخ العربى سوف يتجسد لنا من السينما السعودية، وربما العالمية أيضا قريبا. المناسبة أن المملكة العربية السعودية استعانت بالمخرج الأمريكى سيمون ويست الذى اشتهر مع إخراجه فيلم «غزاة المقبرة» من أفلام الحركة والدراما العنيفة بطولة أنجيلينا جولي، لكى ينتج فيلما عن ملحمة عنترة أو Antra. الفيلم يأتى فى إطار عمليات التحديث الجارية فى المملكة، وتأتى فى كتاب الترفيه وبناء القوة الناعمة. وخلال السنوات القليلة الماضية نجحت السعودية فى أن تشق طريقها إلى السينما وغيرها من الفنون. ولا يوجد مثل قصة العبد الأسود الساعى نحو الحرية، والشاعر العنيد الذى نجح فى وضع معلقة على أستار الكعبة كما يفعل كبار شعراء الجزيرة العربية، والمحب من عبلة التى خلقت أسطورة لا تقل حميمية عن قصة قيس وليلى؛ وكُثير وعزة، وجميل وبثينة، وهى الطبعات العربية التاريخية من روميو وجولييت. السينما المصرية اهتمت بالأسطورة من قبل باعتبارها جزءا من التراث العربى وأخرجت فيلما عام ١٩٦١ بطولة فريد شوقى والفنانة كوكا.
الاهتمام بشخصية عنترة بن شداد بدأ أيضا فى الستينيات من القرن الماضى ربما بسبب الفيلم، ولكن ما أذكره أننى وصحبة من الأصدقاء نجحنا فى إبقاء مكتبة مدرسة الباجور الثانوية والإعدادية أيضا أن تبقى مكتبة المدرسة مفتوحة خلال أشهر إجازة الصيف، وكانت أربعة أشهر كاملة. وهناك وجدت قصة الفارس المقدام فى بضعة أجزاء حكت قصته كلها، ومن النشوة تطلعت إلى كتب أخرى عن سيف بن ذى يزن وأبوزيد الهلالى وغيرهما من قصص الفروسية العربية الأصيلة. دخول السعودية فى هذا المضمار سوف يضيف إلى استنهاض ما فى التاريخ العربى من أصول زاهية، وفى مصر ربما آن الأوان لكى نبعث صور أبطالنا منذ أحمس وتحتمس وغيرهما ممن يقدمون الإلهام لأجيال جديدة.