بقلم - عبد المنعم سعيد
تغير العالم بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر وهو ما نقلناه من مقدمة مقال سابق بعنوان: زمن ١١ سبتمبر؟!, نشر بمناسبة مرور عشرين عاما على الأحداث. وبقدر ما كان فى الأمر مفاجأة كبيرة للدنيا، فإنه لم يكن كذلك بالنسبة للدولة المصرية التى كان عليها محاربة الإرهاب فى جولات كل جولة منها كانت مرتبطة بعقد كامل. الجولة الأولى كانت خلال السبعينيات من القرن الماضى، فلم يكن كافيا إخراج الإخوان المسلمين من السجون، وبدايتهم الدعوة من جديد فى المحافل المصرية، وإنما بدأت عمليات الاغتيال للشخصيات العامة مثل وزير الأوقاف الشيخ محمد الذهبى، ولم تنته باغتيال رئيس الدولة محمد أنور السادات. صاحب الاغتيال والعنف، ما يماثله سعى إلى السيطرة الفكرية على أذهان المصريين وتقاليدهم. بات ملموسا محاولات تغيير الشخصية المصرية الوطنية، بأشكال كثيرة تشمل الرجال والنساء، والكبار والصغار، وفق برامج منظمة وممنهجة تثير الخوف والفزع، وتطارد نفوس البشر بالذنوب والمعاصى حتى ينتهوا إلى شخصيات طيعة امتلكت فضيلة الحياة الدنيا والآخرة. العجيب أن المواجهة فى الثمانينيات قامت على الاستيعاب فى الحياة العامة، فجاءت تجربة شركات توظيف الأموال، وفى التسعينيات بات الإرهاب حربا معلنة على الدولة المصرية.
العجيب أن العالم وقتها، وفى مقدمته الولايات المتحدة والدول الغربية، اعتبر الإرهاب ظاهرة شرقية تنكسر فيها حدود السياسة، وأن الشكوى منها نتيجة نظم سياسية غير قادرة. دعوة مصر آنذاك لعقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب لم تلق آذانا صاغية، بل أكثر من ذلك حصلت جماعات الإخوان على مكانة متميزة فى بريطانيا، وبقدرة فائقة على الخداع استولت على قيادة وإمامة جميع المساجد والمراكز الإسلامية فى غرب أوروبا وشمال أمريكا. وقتها ساد ظن آخر أن تسوية صراع العرب مع إسرائيل كافية لمواجهة العنف والإرهاب. كان ذلك مفارقا للواقع، ودعوة للغيبوبة السياسية، وداعيا لجماعة القاعدة أن تستجمع قواها وذكاء أعضائها الشرير بالقيام بما بات معروفا بأحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١.