الدائرة الكربونية
الجيش الإسرائيلي يعلن قصف "بنى تحتية عسكرية" قرب الحدود السورية اللبنانية فيضانات تايلاند تودي بحياة 9 أشخاص وتؤدي إلى نزوح أكثر من 13 ألف مواطن قصف إسرائيلي يستهدف سيارة تابعة لمنظمة «وورلد سنترال كيتشن» في خان يونس ويؤدي إلى مقتل أربعة أشخاص الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل
أخر الأخبار

الدائرة الكربونية!

الدائرة الكربونية!

 العرب اليوم -

الدائرة الكربونية

عبد المنعم سعيد
بقلم : عبد المنعم سعيد

كانت رواية لورانس سوندورز «ملف الغد» أو «The Tomorrow File» هي أول ما قرأت بعد ذهابي إلى الولايات المتحدة للدراسة في سبتمبر (أيلول) 1977. كان قد مضى عامان منذ نشرها في عام 1975، وضمها إلى عائلة القصص المثيرة للخيال العلمي التي تحصل على ما سُمِّي «الأكثر مبيعاً»، والتي جرت أحداثها في عام 1998، أي قبل نهاية القرن والألفية بعامين فقط، وهو ما بدا في ذلك الوقت بعيداً جداً.

وكما هو الحال في مثل هذه الرواية، فإن فيها كثيراً من الخيوط المتشابكة بين السياسة والاقتصاد والعلوم والعواطف، وهكذا أمور يجري حدوثها في عصر عشناه بالفعل، وعبرناه الآن بأكثر من عقدين من السنوات، تحقق فيها ما تحقق من أمور كانت «مستقبلية» وقتها، وبعضها الآخر نعرف يقيناً أنه ليس أضغاث أحلام، وإنما في طريقه إلى التحقيق.

ما كان لافتاً للنظر بشكل خاص لشاب قادم من العالم العربي، زاوية في الأحداث تتعلق بالنفط، ليس على طريقة الماضي الذي جعله محركاً للثورة الصناعية، ومساهماً في انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وضرورياً لحركة البشر بعد أن باتت السيارة عنواناً على عصر بأكمله؛ ما كان جديداً هو أن النفط فيه ما هو أكثر من قيمة الاحتراق المولدة لطاقة تسبب الحركة؛ فجوهر النفط أنه مادة «كربونية»، لا أن «الكربون» هو أساس المادة ذاتها، وبالعلم يمكن أن يصير غذاء. كان ذلك نقلة كبيرة في التفكير وقتها تهدد مصالح «الأشقاء السبعة» المهيمنين على صناعة النفط في العالم، كما أنها تهدد توازنات القوى العالمية (كانت حرب أكتوبر «تشرين الأول» 1973 غير بعيدة عن الذهن عندما كُتبت الرواية!).

ما حدث في الواقع خلال العقود التالية أن قصة النفط تغيرت كثيراً عما جرى في الرواية؛ لأن الدول المنتجة امتلكت ثرواتها الطبيعية، وبات الحديث عن «أوبك» حديثاً عن «كارتيل» مهيمن.
لم تعد قصة النفط هي المساهمة في انتشال الملايين من الفقر، وإضاءة المدن، وحركة الناقلات والمواصلات، وأنها كانت وراء الإنتاج الزراعي، والصناعي بالطبع، وحتى الملاهي والجامعات. ما أصبح عليه النفط هو تحمل المسؤولية الخاص بفناء كوكب الأرض، نتيجة الاحتباس الحراري الناجم عن احتراق الوقود «الأحفوري» بأشكاله المختلفة. الصورة التلفزيونية والسينمائية للنفط الآن تدور حول الزلازل والأعاصير، وهجرة سكان الكوكب إلى كواكب أخرى، توجد فيها مخلوقات متوحشة.

لحسن الحظ أن هذه القصة لم تعد وحدها في الساحة، ولا المناظرات حول الطاقة الأحفورية والطاقة المتجددة، فقد بات هناك فكر جديد للنظر في قضايا الطاقة؛ بحيث تكون «الطاقة الكربونية» مساهمة في التنمية المستدامة، ودون إضرار بالكوكب الذي نعيش فيه.

«ملف الغد» بات ممكناً أن يكون «الآن»، والفكرة تأتي من المملكة العربية السعودية المؤهلة تماماً لكي تقود في هذا الطريق. فالمملكة واحدة من رواد الطاقة العالميين، وتنتج أكثر من 10 ملايين برميل يومياً، ولديها نحو 267 مليار برميل من الاحتياطيات. هي واحدة من أكبر 10 منتجين للغاز، مع أكثر من 9000 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة. ومن هذا الدور المحوري في عالم الطاقة، تقدمت المملكة بمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وهو إطار تتم فيه معالجة انبعاثات الكربون من جميع القطاعات النفطية، وجميع أنواع الغازات، من خلال الضغط وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير والإزالة. الفكرة هنا هي محاكاة ما يحدث في الطبيعة؛ حيث يمكن استعادة توازن دورة الكربون في حلقة مغلقة، تعيد تدوير واستخدام ما خرج وانبعث، وتعيده في مسار الحياة والاستخدام من جديد. مثل ذلك يوفر طريقة جديدة لمواجهة تحديات التنمية المستدامة التي تقدر جميع الخيارات، وتشجع جميع الجهود المبذولة، للتخفيف من تراكم الكربون في الجو، مع تسهيل النمو الاقتصادي العالمي في الوقت ذاته.

المسألة ببساطة هي أن العالم لا يستطيع الاستغناء عن النفط، والطاقة الكربونية بوجه عام؛ لأن مصادر الطاقة المتجددة من رياح وشمس لا تحقق التوازن المطلوب بين الاحتياجات والاستخدامات الإنسانية، في عالم تحرك في جميع أرجائه وسكانه الأكثر من سبعة مليارات نسمة، للتنمية والتقدم. ومن ناحية أخرى، فإن هناك قطاعات اقتصادية مهمة في العمليات الصناعية والنقل يصعب استبعاد الطاقة الأحفورية منها؛ خصوصاً إذا ما تم تدوير انبعاثاتها من الكربون. والحقيقة أن هناك سوابق لهذا الأمر، فقد جرى استخدام غاز الميثان الناتج عن إنتاج النفط في أغراض مدنية؛ وفي عام 1980، قامت المملكة باستعادة تلك الغازات المرتبطة بالنفط، واستخدامها لإنتاج مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية. وقد مكن هذا صناعة البتروكيماويات من خلق آلاف من فرص العمل، والمدن الصناعية، والمساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، كما غذت محطات توليد الطاقة ومنشآت تحلية المياه. وقدر أنه تمت إزالة أكثر من 2.8 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من الجو، منذ ذلك الحين.

وفي الواقع، تقوم السعودية، وفقاً لما جاء في مؤتمر مبادرة «الاستثمار المستقبلي» بإصلاح نظامها البيئي بالكامل؛ حيث تقوم حالياً بتشغيل أكبر محطة لاحتجاز الكربون واستغلاله في العالم؛ حيث تصل إلى تحويل نصف مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، إلى منتجات مثل الأسمدة والميثانول. وتدير أيضاً واحدة من أكثر المناطق تقدماً لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون، والتي تلتقط وتخزن 800000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. علاوة على ذلك، توجد لدى المملكة خطة لنشر بنية تحتية إضافية، لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه على مستوى المملكة.

مثل ذلك يمثل ثورة كبرى في التعامل مع واحدة من أهم الإشكاليات المعاصرة، ما بين حق كل شعوب العالم في التقدم والتنمية المستدامة من ناحية، واستحالة حدوث ذلك دون تهديد لسلامة الكوكب من ناحية أخرى. حل هذه الإشكالية لا يكون إلا من خلال استلهام الطبيعة التي تلعب دوراً مهماً في إزالة الكربون، كجزء من اقتصاد الكربون الدائري. وإدراكاً لذلك فإن المملكة تتخذ إجراءات لتحقيق هذه الأهداف، بما في ذلك توسيع الغابات والمزارع، ومروج الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية في كل من البحر الأحمر والخليج العربي، وهو مجال يمكن اتساعه إلى أبعاد جديدة، إذا ما جرت فيه مستويات أعلى من التعاون الإقليمي والدولي. ويبدو أن المملكة سوف تحاول أن تطرح الأمر على مؤتمر الدول العشرين في العام المقبل، عندما ينعقد في السعودية.

مما هو متاح من معلومات حول تطبيقات «الدائرة الكربونية» في عالم اليوم، واعتمادها على ما عليه الحال في الطبيعة، والجهود السعودية في استخدامها بتطبيقات متعددة، فإن هناك جهداً كبيراً مطلوباً للإعلام العربي، عن هذه النقلة النوعية في التعامل مع واحدة من أهم إشكاليات العالم المعاصر كما أسلفنا. فالشائع دائماً أن العرب مستهلكون دائماً للأفكار والتكنولوجيا، وإذا ما استخدموها فإنها ليست دائماً لخير البشرية. أظن أنه قد آن الأوان لمثل هذا التفكير أن يتغير.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدائرة الكربونية الدائرة الكربونية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
 العرب اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 06:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

القمة الخليجية في الكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab