اللحظة الساداتية مجدداً

اللحظة الساداتية مجدداً؟!

اللحظة الساداتية مجدداً؟!

 العرب اليوم -

اللحظة الساداتية مجدداً

بقلم - عبد المنعم سعيد

«اللحظة الساداتية» هي لحظة انفراج لأزمة مستعصية نتيجة المبادرة السياسية التي تؤدي إلى تغيير البيئة التفاوضية وجعلها أكثر ألفة في البحث عن حل. هي في عُرف صاحبها الرئيس أنور السادات كانت أولاً الاعتقاد الجازم بأن الأزمة –وهي احتلال إسرائيل الأراضي المصرية والعربية- قابلة للحل الدبلوماسي، وأن هذا الحل يقع في يد الولايات المتحدة، وهي الدولة الوحيدة القادرة على التأثير في إسرائيل. وثانياً أن الولايات المتحدة لا تتحرك بحكم كونها دولة عظمى وكبيرة إلا تحت ضغط أزمة مكلفة ومستحكمة؛ ومن ثم كانت حرب أكتوبر (تشرين الأول) التي أثبتت أن للاحتلال تكلفة مادية وعسكرية كبيرة لإسرائيل وللولايات المتحدة التي كان عليها تعويضها عن خسائرها في الحرب، ومواجهة الاتحاد السوفياتي نووياً عند ختامها مما أثَّر على أمن كوكب الأرض. وثالثاً أن الحرب أشهرت «سلاح النفط» الذي كان للمملكة العربية السعودية دور رائد فيه لكي يخلق بدوره أزمة اقتصادية عالمية جعلت طوابير الانتظار طويلة في محطات البترول الغربية؛ أما في بقية العالم فقد أصبحت أزمة طاقة مؤثرة على الاقتصاد العالمي. وقتها انتهى الجمود في «أزمة الشرق الأوسط» وحالة «اللاحرب واللاسلام» التي استحكمت منذ حرب يونيو (حزيران) 1967 ولم يعد لها لا أفق عسكري أو تفاوضي أو سياسي. ورابعاً رحلة الرئيس السادات إلى القدس لم تكن المفاجأة الاستراتيجية التي جرت فيها أقل تأثيراً من مفاجأة الحرب لأنها غيّرت من البيئة التفاوضية وأعطتها طريقاً للحل قام على مبادلة الأرض مقابل السلام للأراضي العربية المحتلة؛ وحل الدولتين بالنسبة إلى القضية الفلسطينية.

     

 

           

 

الآن فإن المملكة العربية السعودية تقود لحظة أخرى من أجل السلام ووقف الحرب الروسية - الأوكرانية التي دخلت عامها الثاني، ولا يوجد أُفق حتى الآن لا لنصر طرف وهزيمة طرف آخر، ولا للتسوية التي تكفل القبول من كلا الطرفين، ولا حتى يكون وقف لإطلاق النار يقلل خسائر الطرفين. الحرب باتت مرشحة لأن تكون ليست بالضرورة حرباً «أبدية»، وإنما تطول بما فيه الكفاية لإرهاق الطرفين إرهاقاً شديداً، وإرهاق العالم معهما. حالة الحرب الجارية الآن تشهد أولاً تصعيد الحرب؛ فمن ناحية فإن «الهجوم المضاد» الأوكراني يلقى صعوبات كثيرة في التقدم الذي بات بطيئاً ويزداد ثمنه في الضحايا والعتاد سواء بالنسبة لأوكرانيا وروسيا. النتيجة أن روسيا صعّدت من استخدامها الصواريخ وقصف المناطق المدنية والبنية الأساسية؛ وفي الجانب المقابل فإن أوكرانيا زادت من استخدامها للمسيّرات الجوية داخل روسيا ذاتها، ومسيّراتها البحرية في البحر الأسود لتدمير وحدات بحرية روسية. التصعيد في هذا الاتجاه يعقّد كثيراً محاولات السلام، ويولّد المزيد من الكراهية، وباختصار امتداد الحرب يزيد. وثانياً إن من نتائج هذا التصعيد العسكري كان تدمير صوامع القمح الأوكرانية، ومعها أجزاء من ميناء أوديسا على البحر الأسود؛ وباتت الضحية الأساسية لذلك اتفاقية الغذاء، وارتفاع أسعاره حتى قبل أن يصل إلى المستهلك. وثالثاً أن تأثيرات العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا وبقية العالم والشركات التي تتعامل معها خلقت اضطرابات كبيرة في الاقتصاد العالمي.

المنهج السعودي للتعامل مع اللحظة الحالية يدرك الآثار السلبية الكبيرة للحرب على الأمن الأوروبي والعالمي، وإن مواجهته عن طريق مصالحات محدودة لتبادل الأسرى أو اتفاقيات الغذاء قد استنفد أغراضه، وبات إحدى أدوات الضغط التي يستخدمها كل طرف للتأثير على الطرف الآخر، وعقاب أطراف المجتمع الدولي التي تتخذ موقفاً أقرب لهذا الطرف أو ذاك. هنا فإن تكوين تكتل دولي لإنهاء الحرب من الدول ذات التأثير المباشر أو غير المباشر في مسار القتال؛ أو الدول المجروحة والمهددة بسبب الحرب، يمكن أن تكون له قيمة «أدبية» و«معنوية». الفكرة الأولى التي جاءت إلى الإعلام الدولي كانت أن يكون الأمر أشبه بمظاهرة سلام تشبه إلى حد ما تلك التي جرت خلال الستينات من القرن الماضي لمعارضة الحرب الفيتنامية ولكن من خلال الدول هذه المرة. المشاورات الكثيرة والمعقَّدة التي أجرتها الدبلوماسية السعودية أخذت بالمبادرة إلى طريق أكثر تعقيداً وفاعلية يبدأ بمؤتمر للعاملين في حقل «الأمن القومي» –مستشار الأمن القومي ومن هم في مقامه– لكي يتبادلوا الرأي حول الموضوع. لم تعد المسألة مظاهرة سلام وإنما صياغة المعادلة الرئيسية للحل التي تقوم على رفض احتلال الأراضي الذي قامت به روسيا إزاء أوكرانيا، ورفض تهديد الأمن الروسي من خلال توسعات حلف «الناتو» بما فيها ضم أوكرانيا للحلف بعد أن أُضيفت السويد وفنلندا بالفعل. إدراك هذه المعادلة جاء في خطوطه الأولية من خلال المبادرة الصينية المكونة من 12 نقطة، التي طرحتها بكين في 24 فبراير (شباط) الماضي والقائمة على «احترام سيادة جميع الدول» و«العزوف عن عقلية الحرب الباردة» و«وقف القتال» و«استئناف المفاوضات».

نتيجة الجولة الأولى كانت كبيرة ومشجعة خصوصاً أن الصين والولايات المتحدة شاركتا فيها بتمثيل رفيع المستوى. حضور أوكرانيا أعطاها جرعة غير قليلة من المشاعر العالمية إزاء الحرب، وامتدحت الصين الجهد السعودي في خلق الجسور. غياب روسيا ربما في هذه المرحلة كان مفيداً خصوصاً أنها من خلال التشاور والعلاقة مع الصين كانت تعرف بالمداولات كافة؛ وكذلك لمنع تشاحنات ومباريات إعلامية بين موسكو وواشنطن. ورغم أن أربعين دولة شاركت في الاجتماع فإن هناك القليل الذي تسرب عن تفاصيل اللقاءات المباشرة والجانبية، وهو من الأمور التي نعلمها من اللحظة الساداتية، حيث يمنع التسريب في هذه المرحلة المبكرة من المفاوضات تمهيداً لجولات أخرى قد تكون أولاها حضور قادة الدول، وقد تكون عند مستويات أخرى. دوران العجلة في اللحظة السعودية لن يقل تعقيداً عمّا كان عليه قبل نصف قرن.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللحظة الساداتية مجدداً اللحظة الساداتية مجدداً



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab