أول الغيث قطرة

أول الغيث قطرة؟!

أول الغيث قطرة؟!

 العرب اليوم -

أول الغيث قطرة

بقلم - عبد المنعم سعيد

لا أدري ما سوف يكون عليه الحال يوم نشر المقال واطلاع القراء عليه؛ وما أعرفه وقت الكتابة أنه في صباح الجمعة 24 الشهر الجاري، وفي الساعة السابعة صباحاً، بدأت أول هدنة في حرب غزة الخامسة بين إسرائيل و«حماس». الهدنة أعطت أربعة أيام فقط يقف فيها القتال فيما عدا إعطاء إسرائيل حق استخدام سلاحها الجوي شمال قطاع غزة إلا من ست ساعات فقط يصمت فيها أزيز الطائرات. خلال فترة الهدنة يجري سباق مع الزمن لإدخال مئات الشاحنات حاملة احتياجات القطاع الأساسية من غذاء ودواء ووقود، وحمل الجرحى والمصابين إلى مستشفيات خارج القطاع عبر بوابة رفح المصرية. اتفاق الهدنة تضمن تسليم «حماس» وحلفائها من المقاتلين في تنظيمات أخرى خمسين رهينة خلال الأيام الأربعة، مقابل 300 أسير فلسطيني، وبالاتفاق سوف تعطي الأولوية للأطفال والنساء. حمل اتفاق الهدنة نافذة لاستمرارها ولو لأيام أخرى، إذا ما أفرجت «حماس» عن رهائن أخرى، فيكون لكل عشرة منهم يوم من وقف إطلاق النار. مثل هذه النافذة يمكنها إضافة أيام إضافية للهدنة، ولكن ذلك لم يكن مضموناً نظراً لعوامل لا يمكن التغاضي عنها تدفع في اتجاه استئناف القتال، وبشراسة أكثر مما كان عليه.

على الجانب الإسرائيلي، فإن الحكومة الإسرائيلية التي قبلت وقف إطلاق النار بصعوبة بالغة كان عليها فيها أن تبتلع اعتراضات الأحزاب الدينية المتطرفة، أعلنت بوضوح كامل أن الهدنة جاءت نتيجة الضغوط الدولية، وبخاصة من قبل الولايات المتحدة، وأنها سوف تستغلها في المزيد من الإعداد للجولة المقبلة من الحرب. من جانب «حماس»، فإنها طالبت دائماً بهدنة أكبر حتى يمكنها الاستعداد بشكل أكبر للجولة المقبلة التي سوف تحاول فيها الاستفادة من حرب المدن التي دخلتها إسرائيل التي سوف يكون عليها إدخال المدرعات الثقيلة إلى الشوارع الضيقة بفعل التدمير الواسع للمباني السكنية، فيسهل اصطيادها من المسافة صفر. الهدنة بالنسبة للطرفين طالت أم قصرت، ظلت «فرصة» الاستعداد لقتال جديد. في الوقت نفسه، فإن الهدنة رغم الاحتفال الدولي بها ظلت بعيدة على جبهتين، هما: «حزب الله» في شمال إسرائيل، والحوثيون في جنوب البحر الأحمر.

أياً ما كان خلال الأيام القليلة الماضية، فالمؤكد أن جهوداً مضنية قد بذلت من أجل استمرار الهدنة أو التفاوض حول هدنة جديدة، وخلال الحرب العربية - الإسرائيلية الأولى عام 1948 عقدت أكثر من هدنة، وفي الأخيرة جرى التسليم بالأمر الواقع الذي انتهت الحرب إليه. وبينما هناك إصرار بين طرفي القتال - إسرائيل و«حماس» - على استمرار الحرب، فإن الواقع السياسي والدبلوماسي تغير كثيراً عما كان عليه عند بداية المعركة. هناك أربع حقائق تغيرت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الستة التي تلت السابع من الشهر المنصرم؛ أُولاها أن القضية الفلسطينية كسبت كثيراً من التعاطف الإنساني من ناحية، والنظر إليها باعتبارها مفتاحاً رئيسياً لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط من ناحية أخرى. حدث ذلك بسبب التغير غير المسبوق من قبل الرأي العام العالمي، والمجتمع الدولي في الواقع، للتعاطف مع الفلسطينيين، وجرى ذلك من دون استثناء داخل العالم الغربي وخارجه. والثانية أن واقع القتال لم يعطِ إسرائيل نتيجة حاسمة، لا في استعادة الرهائن ولا في تدمير «حماس» وحلفائها، ومثل ذلك في الحرب غير المتكافئة يحرم الأقوى من النصر ويمنح الأضعف الانتصار؛ لأنه لم يهزم. مثل ذلك جرى في فيتنام وأفغانستان والجزائر وحتى خلال حرب الثورة الأميركية على الاستعمار البريطاني. والثالثة أن آليات كثيرة قد جرت لخلق الجسور التفاوضية من أجل ليس فقط تحقيق «الهدن» الجديدة، وإنما للتعامل مع الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من خلال حل الدولتين الذي لم يعد عليه خلاف بين الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية. ولا يقل أهمية عن ذلك أن فجوة جرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليس فقط فيما يتعلق بحل الدولتين، وإنما أيضاً كيفية التعامل مع قطاع غزة بعد وقف القتال، حيث أعلنت إسرائيل بإصرار أنها سوف تظل محتلة للقطاع لأجل غير مسمى، ولم تمانع من عودة المستوطنات إليها مرة أخرى. واشنطن من ناحيتها أعلنت أن الذي سوف يدير القطاع هم الفلسطينيون، ولم تمانع أن يكون ذلك من خلال منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية مع دعم عربي ودولي.

رابعها أن الدول العربية لم تكن ساكنة خلال حرب غزة الخامسة، ورغم السخونة العالية للقتال، والمأساة الإنسانية التي نجمت عنها، فإن مصر عقدت مؤتمراً للسلام خرج عنه بيان للدول العربية التسع (دول مجلس التعاون الخليجي الست ومعها مصر والأردن والمغرب) أدان بشدة الاعتداء على المدنيين في الجانبين، ودعا إلى عودة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية لكي تكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. كان ذلك تمهيداً لانعقاد القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي سلمت بما توصلت إليه الدول التسع، وأضافت إليه آليات طرح الأمر على مجلس الأمن، والدول الخمس الدائمة العضوية، وطرح المخالفات الإنسانية الإسرائيلية على المحكمة الجنائية الدولية. في كل هذه الآليات كانت هناك معالجة نتائج القتال الحالية، ودعوة واسعة لكي لا يتكرر القتال مرة أخرى من خلال عملية سلام حقيقية تضع مساراً لدولة فلسطينية مستقلة.

بشكل ما، فإن ما جرى بين قمة القاهرة وقمة الرياض يشهر نزعة عربية نشطة تأخذ بتلابيب القضية الفلسطينية المزمنة في يدها من خلال وضع نظام للأمن الإقليمي، وحل المسألة الفلسطينية عن طريق مسار الدولة المستقلة، والمسألة الإسرائيلية من خلال سلام حقيقي يستوعب إسرائيل في الشرق الأوسط الذي يتخلص من التطرف الديني والعدوانية الشوفينية العنصرية، وينحو إلى بناء وتعاون إقليمي يتيح التنمية والرخاء.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول الغيث قطرة أول الغيث قطرة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab