المهمة الأولى حماية الإصلاح

المهمة الأولى: حماية الإصلاح!

المهمة الأولى: حماية الإصلاح!

 العرب اليوم -

المهمة الأولى حماية الإصلاح

بقلم - عبد المنعم سعيد

 

ما سمي «الربيع العربي» كان لحظة فاصلة في التاريخ العربي، حتى إن بعضاً منا سماها «اليقظة العربية» مشبهاً إياها بتلك اللحظات التي نمت خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وقامت على أساسها الدولة العربية المعاصرة. وبعد الحرب العالمية الثانية قام «النظام العربي» على أكتاف جامعة الدول العربية؛ ومن وقتها عاش العرب أياماً تكون فيها الوحدة باهرة، وأياماً أخرى تكون الفُرقة ظاهرة، ولسوء الطالع أن بداية النظام واكبها ما بات معروفاً باسم «القضية الفلسطينية».

القضية كانت استثناءً في حركة التحرر العربية من الاستعمار والهيمنة الأجنبية التي وقعت أساساً على عاتق كل شعب عربي على حدة، بينما لم تتوانَ الشعوب العربية الأخرى عن تقديم العون المادي والمعنوي والدولي لنصرة البلاد المعنية. فلسطين وحدها كانت استثناءً من ذلك؛ حيث وقعت على عاتق الدول العربية ربما بسبب الطبيعة الاستيطانية للاستعمار الذي ألمّ بها؛ وربما لموقعها وسط الجناحين الشرقي والغربي للعالم العربي؛ وربما لأنها تحتوي على المنطقة المقدسة للعرب المسيحيين والمسلمين في القدس. ومع مرور الزمن باتت القضية موضوع المزايدة والمناقصة بين العرب دولاً وحركات سياسية وفكرية حتى جاءت حرب يونيو (حزيران) 1967 لكي يمتد الاحتلال الإسرائيلي إلى 4 دول عربية إضافية، ومعها باتت «إزالة آثار العدوان» الشعار العربي الذي فصل ما بين الأراضي المحتلة في فلسطين وتلك التي احتُلت خلال «النزاع الأخير» كما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 242.

وقد شكّل ذلك مرحلة جديدة أصبح فيها على الشعب الفلسطيني أن يقود من خلال «منظمة التحرير الفلسطينية» الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني طريق المقاومة والثورة والانتفاضة وصلت به إلى «اتفاق أوسلو» الذي وضع الأساس لما سمي حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.

ومع بداية القرن الحادي والعشرين بات واضحاً أن العالم العربي كله قد وصل إلى طرق مسدودة في تعضيد أركان الدولة العربية وازدهارها في المراتب العالمية؛ بينما أصبحت فلسطين ممزقة ما بين سلطتين سياسيتين: السلطة الوطنية الفلسطينية التي تغلب عليها حركة «فتح»، وتقيم في الضفة الغربية، وحركة «حماس» «الإسلامية» التي سيطرت على غزة، وتنافسها فيها «حركة الجهاد الإسلامي» التي تقيم في غزة والضفة الغربية معاً. أصبح السلاح الفلسطيني مبعثراً، ومعه قرارات الحرب والسلام والأمن القومي الفلسطيني.

وبالتوازي مع ما جرى للانقسامات الفلسطينية، ومع مطلع العقد الثاني من القرن الحالي ظهر «الربيع العربي» المزعوم لكي يسفر عن 3 توجهات أولها الفوضى التي قادت إلى حروب أهلية، وتبناها الشباب الذي لا يريد للمظاهرات والاعتصامات أن تتوقف؛ وثانيها نجاح التيارات الأصولية الراديكالية في السيطرة على الشارع في دول عربية؛ وثالثها التيار الإصلاحي الذي بزغ مع منتصف العقد لكي يقدم رؤية جديدة للدولة العربية المعاصرة التي تقوم على مفهوم الدولة الوطنية، والسعي نحو التنمية المستدامة، وتجديد الفكر الديني، والعمل على المشاركة في التنافس العالمي نحو التقدم والرفعة. هذا التيار الأخير بزغ بقوة مع عام 2015 من خلال «رؤية 2030» في مصر والسعودية، وعدد من الدول العربية في الخليج العربي والأردن والمغرب وقد تبنت جميعها المسيرة الإصلاحية المشار إليها، وكانت لها نتائج إيجابية كثيرة رغم مواجهتها الحرب ضد الإرهاب، ووباء «كورونا»، والنتائج السلبية للحرب الروسية - الأوكرانية.

ولكن دول الجوار للإقليم العربي وجدت في حالة الربيع الفوضوي فرصة للتدخل السياسي والعسكري في الدول العربية باستخدام حالة الانقسام الفلسطيني والمنظمات المنقلبة على السلطة الوطنية الفلسطينية؛ ومن خلال خلق تنظيمات خارجة على الدولة في العراق وسوريا ولبنان واليمن هدفها زعزعة الدولة الوطنية من ناحية، والمزايدة عليها من ناحية أخرى.

هذا الإصلاح بات الآن في منتصف الطريق؛ بينما تشير نتائج النصف الأول إلى اختراق الدولة العربية موانع كثيرة محلية وإقليمية ودولية كانت فيها النظرة إلى العرب بوصفهم قوماً ليس لديهم استعداد للحداثة والتقدم. التجربة أظهرت فساد هذه النظرة مضافاً لها القدرة على السعي من أجل تحقيق التهدئة الإقليمية للحروب الأهلية والمنازعات بما فيها التقدم في التعامل مع القضية الفلسطينية. حدث ذلك من خلال مقترحات جديدة لحل القضية من خلال التعاون ومناهج للأمن الإقليمي والتنمية «الجيو - اقتصادية» التي يمكنها استيعاب جميع الدول الإقليمية إذا ما أرادت السلام مع الدول العربية في إطار من الرخاء المشترك. هذا المنهج خلق حقائق «جيو - سياسية» إذا ما اكتملت فستحقق في المستقبل القريب قيام إقليم جديد يمكنه المشاركة الإيجابية في العالم المعاصر.

حرب غزة الخامسة الحالية هي مجمع للتحول الإسرائيلي الذي ينظر بشك كبير تجاه النهضة الجارية في دول عربية مجاورة بوصفها ترجمة لعناصر القوة، خصوصاً إذا ما اشتملت على عناصر نووية حتى لو كانت سلمية، وتخلق ارتباطات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية. إيران رغم فترة التهدئة الأخيرة أرادت قطع الطريق على هذه المسيرة، وشاركتها فيها حركة «حماس» التي انفردت بقرار الحرب محملة الشعب الفلسطيني أعباءً باهظة. هذا التغير في المناخ الإقليمي يجعل «المهمة الأولى» لدول الإصلاح العربية حماية خطوات الإصلاح التي قامت بها، وما ترتب عليها من نتائج «جيو - سياسية» تدفع في اتجاه التعامل مع القضية الفلسطينية ومأساة غزة الحالية من خلال عنوانها الشرعي وهو «منظمة التحرير الفلسطينية»، والسلطة الفلسطينية، مع دفع إسرائيل لتحقيق تعديلات داخل نظامها السياسي تدفع بعيداً العناصر المتطرفة. مثل ذلك عملية بالغة التعقيد، ولكنها ليست أكثر تعقيداً من عمليات الإصلاح الكبرى التي جرت في دول عربية ساد الظن عنها أنها غير قابلة للإصلاح، وأنها مستسلمة لقوى رجعية أو بيروقراطية تمنع عنها رياح التقدم. تحقيق الاستقرار الإقليمي بما فيه المسألة الفلسطينية ضرورة لحماية الإصلاح.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المهمة الأولى حماية الإصلاح المهمة الأولى حماية الإصلاح



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية
 العرب اليوم - التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab