كَفْر له سيرة

كَفْر له سيرة

كَفْر له سيرة

 العرب اليوم -

كَفْر له سيرة

د. وحيد عبدالمجيد

لم يعرف العرب كتابة السيرة الذاتية إلا حديثاً عندما احتكوا بالعالم الحديث وتأثروا بالمعرفة الجديدة فيه، وكثر هذا النوع من الكتابة فى العقود الأخيرة، وأصبح مألوفاً لنا.

ولكن كتاب المثقف اللبنانى الكبير فرحان صالح (كفرشوبا: قصة حب وسيرة مكان)، والصادر عن المجلس الأعلى للثقافة مؤخراً، ليس سيرة ذاتية له، رغم أنه لا يخلو من هذه السيرة. إنه كتاب فى سيرة المكان حين ترتبط بسيرة الإنسان ارتباطاً عميقاً لا انفصام فيه.

وكفرشوبا هى بلدة صغيرة فى جنوب لبنان نشأ فيها صالح وارتبط بها. ولكنه لم يكتب سيرتها بسبب هذا الارتباط الوجدانى بالمكان فقط، بل لأن هذا المكان شهد بحكم موقعه على الحدود بين لبنان وفلسطين وسوريا أحداثاً كبيرة على مدى عقود.

كتب فرحان سيرة هذه البلدة، وكأنه يكتب سيرته الذاتية، فتداخلت السيرتان بحيث لا يستطيع القارئ فصلهما، رغم أن الموضوعى فى الكتاب يطغى على الذاتى فى معظم الأحوال. إنه شعور لا يستطيع الإنسان أن يقاومه حين يكون مشدوداً إلى مكان يكتب تاريخه الاجتماعى والاقتصادى والثقافى، وليس فقط ما شهده من أحداث سياسية.

ولكنه لا يكتب هذا التاريخ بمنهج المؤرخ، بل بلغة أديب يربط سنوات وعيه الأولى فى بلدته بحياتها وسكانها، ومن بينهم عائلتهم الفلاحية.

ورغم أنه غادر كفرشوبا إلى بيروت، وهو فى الثانية عشرة من عمره، ليكمل دراسته ويعمل، فقد ظل فيها بروحه، قبل أن يعود إليها مقاوماً للاحتلال ومستعداً لبذل هذه الروح فداءً لها ولأمته.

فقد التحق بالمقاومة عام 1968 ليس لمجرد أن كفرشوبا كانت من البلدات التى دفعت ثمن النضال العربى ضد الصهيونية، ولكن لأن تكوينه القومى جعله فى قلب هذا النضال طول الوقت.

ومع ذلك فربما كان المكان الذى ارتبط به دافعاً بدوره إلى اختياره الانتماء إلى القومية العربية. ولنتأمل قوله: (الأرض بين شوبا اللبنانية والجولان وفلسطين كشرايين الجسد: وحينما ضُربت الشرايين فى فلسطين، أخذ الضعف يبرز فى كل من سوريا ولبنان، وفى بقية أنحاء الجسم العربى. هذه البيئة المشتركة تأثرتُ بها كما غيرى. ومنها بدأت ترتسم الملامح الأولى لهمومى ولشخصيتى السياسية).

ومن هذه الملامح، التى لم يتطرق إليها صالح، إيمانه القوى بالتنوع والتعدد والاختلاف على كل صعيد، وسعيه المستمر إلى نشر قيم التنوير، لكى تتفتح الزهور فى مجتمعاتنا العربية المجدبة ثقافياً وفكرياً.

 

arabstoday

GMT 13:32 2024 الأحد ,04 آب / أغسطس

مدن الصيف: فسحة مش لطيفة خالص

GMT 20:06 2024 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

فتحى سرور

GMT 19:24 2024 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الجيل الرابع؟!

GMT 21:51 2024 الإثنين ,05 شباط / فبراير

«الشوطة التى شالت فيتوريا»!

GMT 19:39 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

رهانات الحكومة الخمسة لعلاج الجنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كَفْر له سيرة كَفْر له سيرة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab