الأصابع الخفية

الأصابع الخفية

الأصابع الخفية

 العرب اليوم -

الأصابع الخفية

عمرو الشوبكي

كثيراً ما تحدثنا عن الأصابع الخفية، وقليلاً ما تكلمنا عن الأصابع العلنية، فالأولى لا تحتاج علماً ولا سياسة، إنما فتاوى وكلام مرسل ونظريات مؤامرة أقرب للحديث عن دراكولا وبيوت الأشباح، أما الثانية فرغم أنها مرئية ونراها كل يوم، فإنها تستلزم جهدا وتحليلا ومعرفة لا نريد أن نبذلها.

خطاب الأصابع الخفية سمعناه على لسان الرئيس السابق د. محمد مرسى حين تحدث عن الأصابع التى تلعب فى البلد بدلاً من أن يواجه المشاكل التى تواجه البلد، وعدنا وصرنا نستمع لحديث الأصابع الخفية والمؤامرات الدولية التى تقف وراء احتجاجات أمناء الشرطة وقطاع من موظفى الدولة الرافض لقانون الخدمة المدنية، حتى أصبحت تلك الأصابع المسؤول الأول عن كل مشاكلنا.

المؤكد أن مواجهة أى تآمر خارجى يبدأ بمواجهة المشاكل الداخلية وتقديم قراءة علمية للواقع المعاش وكيفية مواجهته، فبدل الحديث عن الأصابع الخفية التى حرَّكت احتجاجات أمناء الشرطة، علينا أن نجيب أولاً عن السؤال: هل نظام أمناء الشرطة كان اختيارا صحيحا؟ وكيف نبنى نظاما شرطيا قائما أساسا على رجل الشرطة المنفذ على الأرض، وهو قوام أى جهاز شرطى فى العالم، ويُفترض أن تراه فى كل مكان من أقسام الشرطة، وحتى المطارات- (مصر البلد الوحيد فى الدنيا الذى قد تجد فيه مقدما يختم لك جوازك عند الدخول والخروج)- ممثلا للدولة وهيبتها، وهناك مستوى ثان قيادى استقر فى بلادنا على أن ضابط الشرطة المنوط به القيادة والتخطيط لا أن يقوم بعض اللواءات بتنظيم إشارات المرور فى ميدان التحرير.

جوهر العلاقة النفسية والوظيفية المعقدة بين الأمين والضابط فى مصر يجب أن يكون حاضرا فى خلفية أى تحليل لما جرى فى الشرقية، الأسبوع الماضى، وأن عقدة الرتبة والدرجة الحاكمة فى عمل الهيئات المدنية أضعفت من قدرات الجهاز الإدارى وكفاءته، فهناك مائة مسؤول ومائة مدير ونائب ومساعد، فى حين أن مَن يقوم بالعمل شخص واحد، ووصل الأمر للصحافة، فهناك رؤساء التحرير ومساعدوهم ونوابهم ومديرو التحرير ومساعدوهم، ورؤساء الأقسام ونوابهم ومساعدوهم، والديسك المركزى وقادته، حتى اختفى تقريبا من القاموس لقب المحرر الصحفى أو أصبح عملة نادرة.

والحقيقة أن تجربة أمناء الشرطة جاءت فى هذا السياق حين سعت الدولة إلى خلق مناصب تبدو كأنها متميزة عن الشرطى العادى، (وكأن الشرطى التاريخى أبوشريطة عيب)، فاخترعت نظام أمناء الشرطة، وثبت مع الوقت تعثر التجربة، وأن المطلوب هو كيف يمكن بناء نظام شرطى قوامه مستويان: الأول شرطى مدرب ومهنى، ومدير وقائد هو الضابط.

لقد اخترعنا العجلة فى أمور كثيرة، ونسينا أنه فى بلاد أخرى كثيرة لا يوجد فيها نظام أمناء ولا ضباط شرطة أصلا، إنما مفتشو شرطة من خريجى جامعات مدنية، ثم يؤهلون فى معاهد متخصصة تؤهلهم للالتحاق بجهاز الشرطة، وهناك بلاد أخرى يوجد بها نظام ضباط الشرطة، وهناك بلاد ثالثة ديمقراطية أنشأت بجوار الشرطة المدنية جهازا شرطيا موازيا شبه عسكرى تحت إشراف مشترك من وزارتى الدفاع والداخلية كما فى فرنسا، (Gendarmerie National)، للقيام ببعض العمليات الأمنية النوعية والتواجد فى مناطق بعينها، ويضم جنودا وضباطا وفق التسلسل الهرمى للجيوش.

فى مصر مشكلة أمناء الشرطة وغيرها من المشاكل لن تعالج بالحديث المريح عن الأصابع الخفية، إنما بمعرفة أسبابها والبحث العميق فى جذورها والاجتهاد فى إيجاد حلول متدرجة وجراحية لها تتجاوز «الحل» بالمُسَكِّن الذى لا نعرف غيره منذ عقود.

arabstoday

GMT 03:52 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 03:50 2024 السبت ,25 أيار / مايو

جلطات التاريخ

GMT 03:48 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 03:46 2024 السبت ,25 أيار / مايو

صولة الأسد بحديث المتنبي عن الحسد

GMT 03:44 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 03:42 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 03:39 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«الجنايات»: الحقائق غير التمنيات!

GMT 03:38 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأصابع الخفية الأصابع الخفية



سلمى أبو ضيف تطل كالعروس على السجادة الحمراء في "كان"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:45 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

منة شلبي تخوض دراما رمضان المقبل

GMT 12:57 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

نصائح لتزيين المنزل بالنباتات الصناعية

GMT 09:00 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

وقت ممارسة الرياضة مهم لفقدان الوزن

GMT 00:14 2024 الجمعة ,24 أيار / مايو

الرئيس المثالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab