الرئيس المثالي

الرئيس المثالي

الرئيس المثالي

 العرب اليوم -

الرئيس المثالي

بقلم - أمير طاهري

كان إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة، الأحد الماضي، رئيساً مثالياً تماماً من وجهة نظر «المرشد الأعلى» للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي.

لقد أدرك رئيسي الطبيعة الحقيقية لنظام الخميني، ودعمها من دون تردد. وأدرك أن التناقض الكامن في قلب النظام المصمم ليكون استبدادياً في حقيقته، مع التظاهر بالديمقراطية على السطح، من المتعذر تخفيف حدته، ناهيك عن تسويته، من دون خضوع الرئيس لـ«المرشد الأعلى»، فالنسر ذو الرأسين لا يمكنه الطيران. واللافت، أن أياً من أسلاف رئيسي لم يدرك هذا الأمر، أو يرغب في الاعتراف به.

جدير بالذكر، أن الرئيس الأول، أبو الحسن بني صدر، كان يدين بمنصبه لـ«الإمام». ومع ذلك، بدأ يشكك فيه بعد أسابيع من توليه منصبه. وعليه، عزله «الإمام» الخميني، بفتوى لم يتجاوز نصها 9 كلمات، ليظهر للجميع مَن الرئيس الحقيقي. وبعد هذه الصفعة لغروره المتضخم، فرّ بني صدر إلى المنفى.

أما الرئيس الثاني محمد علي رجائي، فتناثرت أشلاؤه جراء هجوم إرهابي نفذته مجموعة إسلامية - ماركسية.

وكان علي خامنئي الرئيس الثالث. وقد حاول هو الآخر، لكن بحذر شديد، أن يتبع مساراً مستقلاً، لكن سرعان ما أعيد إلى مكانه. أراد خامنئي إلغاء منصب رئيس الوزراء، لكنه تلقى لطمة حادة من «الإمام».

وتولى الرئيس الثالث علي أكبر هاشمي رفسنجاني، منصبه عندما تولى خامنئي منصب «المرشد الأعلى». واتسمت فترة ولايته، التي امتدت لثماني سنوات، بتوتر شبه دائم بينه وبين خامنئي. واقترف رفسنجاني خطأ تكريس طاقته للسعي إلى كسب النفوذ عبر الثروة، في سياق رعاية النخب الثرية الجديدة.

في المقابل، أظهر خامنئي شخصية زاهدة زائفة، بينما انهمك في حشد الدعم لنفسه داخل الأجهزة العسكرية والأمنية. وفاز خامنئي، مع اندماج نخب الأثرياء الجدد تدريجياً مع المجموعات العسكرية والأمنية التي تغلغلت في جميع قطاعات الاقتصاد. ومع اقتراب نهاية ولاية رفسنجاني، أصبح الأثرياء الجدد ومسؤولو الأجهزة العسكرية والأمنية توأمين سياميين متصلين من الرأس - وكان خامنئي هو الرأس.

من جانبه، أدرك محمد خاتمي، خليفة رفسنجاني، حقيقة موقفه وتقبّلها باعتبارها أمراً واقعاً. ومع ذلك، فقد حاول أن يبني صورته باعتباره بائعاً متجولاً يروّج لـ«الإسلام الجديد» الذي، على حد تعبيره، يطرح نموذجاً جديداً، وهو الديمقراطية الإسلامية، لتصحيح خطأ الفصل بين الدين والدولة الذي ارتكبه عصر التنوير.

وجاء فوز محمود أحمدي نجاد، خليفة خاتمي، بالرئاسة بفضل نظرة خامنئي الخاطئة له باعتباره «شخصاً قريباً من طريقة تفكيري». وسرعان ما ارتكب أحمدي نجاد الخطأ نفسه الذي ارتكبه أسلافه، عندما تصرف باعتباره أكثر من مجرد دمية بيد آخر. وادعى أن الإمام الغائب حضر خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبالتالي تم اختياره.

والأسوأ من ذلك، أنه أقال وزير الأمن من دون إبلاغ خامنئي الذي أعاد تعيين الوزير على الفور.

وكان الرجل التالي الذي ارتكب الخطأ ذاته حجة الإسلام حسن روحاني، الذي حاول هو الآخر أن يصبح ذا شخصية مستقلة، بمساعدة المهنئين البريطانيين والأميركيين الذين رأوا فيه رجلاً يمكنهم العمل معه.

وقد اتصل به الرئيس الأميركي باراك أوباما هاتفياً، وأشاد به وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ووصفه بأنه رجل دولة. وروج وزير الخارجية محمد جواد ظريف، صديق روحاني، لصورته وهو يسير إلى جانب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، على ضفاف بحيرة ليمان في جنيف، كما لو كانت مسيرة انتصار لإمبراطور روماني.

وأخيراً، جاء رئيسي وحرص على تجنب مثل هذه الأخطاء. وبالفعل، لم يفعل شيئاً من دون أن يعلن أنه ينفذ تعليمات القائد الأعلى. وتقبل رئيسي مسألة إلغاء شخصيته واستقلاله دونما تذمر.

في الواقع، على مدى أربعة عقود، شهدت الجمهورية الإسلامية خلافات بين فرق وفصائل مختلفة. وجاءت هذه الخلافات مدفوعة بإغراءات ومخاوف. وتمثل الإغراء الأكبر في عقد صفقة مع «القوى الكبرى»، بخاصة الولايات المتحدة، ليضمن المرء وضعه في الداخل.

وكان لدى رفسنجاني كرئيس، ومير حسين موسوي كرئيس للوزراء قنوات سرية منفصلة مع واشنطن من دون أن يبلغا خامنئي بذلك، والذي أراد طوال الوقت تحقيق التطبيع تحت سيطرته الحصرية.

وفتح تهميش الفصائل المتنافسة وتعيين رئيسي رئيساً، آفاقاً جديدة لقبول طهران العرض الذي قدمه أوباما قبل عقد من الزمن. وفي عهد رئيسي، خففت طهران حدة معاداتها لأميركا، وبدأت حواراً منتظماً مع واشنطن.

وبالفعل، تولت إيران تطبيع العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، ورغم خطابها المناهض لإسرائيل، قبلت بشن هجمات رمزية إلى حد كبير من قِبل عملائها على «العدو الصهيوني».

ومع سيطرة فصيل خامنئي بشكل كامل للمرة الأولى، بدا أن فكرة أوباما المتمثلة في «ضم إيران إلى الزمرة» قد حظيت بفرصة. وواصل الرئيس جو بايدن سياسة أوباما من خلال تخفيف العقوبات على إيران، وبالتالي مساعدة رئيسي على تجنب الانهيار الاقتصادي، في خضم تصاعد الغضب الشعبي ضد النظام. والآن، يحاول خامنئي العثور على «رئيس مثالي» آخر.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس المثالي الرئيس المثالي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:34 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
 العرب اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab