أردوجان والجماعة

أردوجان والجماعة

أردوجان والجماعة

 العرب اليوم -

أردوجان والجماعة

عمرو الشوبكي

حين قرر أردوجان أن يقتحم مقر صحيفة الزمان التركية فى منتصف هذا الشهر، ويلقى القبض على رئيس تحريرها و10 من صحفييها، لم يلفت نظر الكثيرين أن صحيفة الزمان كانت من أكثر الصحف الداعمة لأردوجان وتجربته، وأنها أيضا نجحت فى خلال أقل من 10 سنوات أن تكون هى الصحيفة الأولى فى تركيا.

والحقيقة أن «الزمان» ليست مجرد صحيفة، إنما هى جزء من مؤسسة إعلامية عملاقة، لها قناة تليفزيونية ومواقع إلكترونية، تربى جزء من قيادتها على أفكار فتح الله جولن الإسلامية المعتدلة وجماعته الدعوية التى عرفت بجماعة جولن.

وقد نجحت الزمان فى سنوات محدودة أن تتفوق فى توزيعها على الصحف اليمينية العلمانية، بما فيها كبريات الصحف التركية، مثل حريات وغيرها، وتميزت بالوقار والمهنية، سواء أثناء تأييدها أو معارضتها لأردوجان، ومع ذلك اقتحمت الشرطة مقرها، واعتقلت العديد من صحفييها، بعد أن نشرت الصحيفة كثيراً من التحقيقات حول قضايا فساد.

والحقيقة أن حروب أردوجان الآن ليست فقط ضد خصومه السياسيين من القوى الشبابية اليسارية والليبرالية، إنما ضد حلفائه الأساسيين، وتلك بداية النهاية لأى نظام سياسى.

فالمعركة مع صحيفة الزمان هى جزء من معركة أكبر، يتهم فيها أردوجان خصومه بأنهم جزء من جماعة سرية تتآمر على نظامه، وتقيم كيانات موازية لمؤسسات الدولة، واعتبر أن صحيفة الزمان جزء من هذه المؤامرة التى تحركها جماعة فتح الله جولن.

المواجهة العلنية بين جماعة جولن الدعوية وحزب أردوجان السياسى جاءت بعد سنوات طويلة من الدعم المتبادل، فالجماعة التى انتشرت فى ربوع تركيا، وازدهر نشاطها فى عهد أردوجان ركزت على التعليم والأعمال الخيرية والرسائل التربوية، وبنت آلاف المدارس والمعاهد والجامعات (الفاتح وغيرها) وقدمت قيماً دينية حديثة ومستنيرة، تتحدث عن التعايش مع الثقافة الغربية ومحاور الأديان وغيرها.

وقد اعتبر الكثيرون أن نجاح أردوجان فى الانتخابات السابقة وبقاءه فى السلطة 12 عاماً يرجع بشكل أساسى لدعم جولن وجماعته له، وأن هذا الدعم مثل الصورة الحديثة التى سبق أن تحدثنا عنها مراراً وتكراراً فى الحالة المصرية، فى الفصل بين المجالين الدعوى والدينى من جهة، والحزبى والسياسى من جهة أخرى، وفى ذات الوقت فإن تخوف بعض القوى المدنية الدائم من أن هذا الفصل ما هو إلا لعبة توزيع أدوار، وأن كلاً من الحزب الدينى والجماعة الدعوية يقومان فقط بلعبة توزيع الأدوار- ثبت فى الحالة التركية أنه غير صحيح، لأن المواجهة بين سلطة أردوجان السياسية والجماعة الدعوية التى دعمته مواجهة واضحة وعميقة، وأن وجود هذا الفصل منذ البداية بين حزب أردوجان وجماعة فتح الله جولن جعل الخلاف بينهما فى النور، وقضى على مقولة «الأخوة الدائمة» بين الحزب السياسى والجماعة الدعوية، وإذا ما كانت العلاقة بينهم صحية منذ البداية وقائمة على الفصل بين المجالين، فإن الخلاف بينهما سيكون صحياً أيضاً مهما كانت حدته.

إن تسلط أردوجان وفجاجة خطابه واتهامه لكل المعارضين، بمن فيهم خصوم جماعة جولن بأنهم أعضاء فى جماعة سرية، وأنهم جزء من الكيانات الموازية- يعكس أزمة عميقة فى حكمه، وإن كان لنا أن نستفيد من هذا الصراع فى جملة واحدة فى العالم العربى، فهو أن تنظيم المجال الدينى والدعوى بصورة منفصلة عن المجال السياسى يعنى أن الصراع بينهم فى حال حدوثه، كما فى تركيا، لن يكون بالقتل والقنابل، كما يجرى فى أكثر من بلد عربى، إنما بأساليب سياسية، كثير منها غير ديمقراطى، ولكنه يفتح الباب حتماً لانتزاع الديمقراطية من فم أردوجان.

arabstoday

GMT 12:45 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

خُذ على راسها دكتور عزمي

GMT 04:28 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

ستة من عصر الكتابة

GMT 04:26 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

رياض السلام بين واشنطن وموسكو

GMT 04:25 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

بلاد ما بين الجنازتين

GMT 04:23 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

لقاء تاريخي في الرياض يرنو إليه العالم

GMT 04:22 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

السعودية المتجددة وشرق أوسط مستقر

GMT 04:20 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

عصر كهربائي جديد

GMT 04:18 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

أين ستذهب طاقة «حزب الله» وأنصاره؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوجان والجماعة أردوجان والجماعة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:51 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

وفاة المطربة السودانية آسيا مدنى

GMT 05:39 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

لبنان بعد الحرب

GMT 06:05 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

لبنان: برنامجا استكمال الهزيمة أو ضبطها

GMT 03:02 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

مايكروسوفت تحذر من هجمات التصيد الاحتيالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab