قراءة في ديوان الجميلة سوف تأتي للشاعر أسامة جاد
آخر تحديث GMT16:12:05
 العرب اليوم -

قراءة في ديوان "الجميلة سوف تأتي" للشاعر أسامة جاد

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - قراءة في ديوان "الجميلة سوف تأتي" للشاعر أسامة جاد

تونس ـ فاطمة عياري

كمن يخشى أن يُتهمَ بالشعر، تردّد كثيرًا الشاعر والصحافي المصري أسامة جاد في نشر هذا الديوان، ديوانه الأول. هو، من يحمل "ضوءًا، أرسلته نجمة في مخاضها الكوني، وماتت"...يسير به في "مَدينة مظلمَة، تمضي الكائنات نائمةً في شوارِعِها وهي تَحلم بأنها لم تَمتْ" وكلما إشتدت عليه وطأة الضوء، يهرع إلى كهفه ليتحصن به، و الكلمات الخضراء التي نبتت للتوّ من أثر الوميض تدق جدران رأسه الصغيرة و هي تصرخ : دثرني، دثرني... كلماته لا تشبه كلماتنا التي، غالبًا، ما نسرِف في هذرها، إنها تنبت في فمه طواعيةً "كالأسنان اللبنيّة"، ولأنه يمتلكُ "حاسةً مدهشةً في الحقيقةِ لشمِ الكلماتِ، ووزنِ شعرِيتِها، من خلال شهقات تفاجِئه بلا تفسير واضح" فإنه غالبًا ما يتفوّق على القارئ، فيتركه في حيرةٍ من أمره وهو يحاول، أن يُضيف بعضًا من الماء إلى نصوصه المركّزة جدًا، تمامًا كاللبن كامل الدسم، لعله يستطيع وقتها، أن يظفر ببعض من تلك المعاني المكثفة في نصوصه، أو ليس هو القائل: التعلق حزن مختبئ واليأس فرح البدايات الجديدة أيها القارئ، كن حذرًا إذًا، واخلع نعليْك كلّما وقفت في عتبة أحد نصوصه، فقد لا تنجو، وقد تضطر للقفز عاليًا، وأنتَ تحاول الإمساك بذيل تلك "الـ كُنْ" الممتدة منذ الأزل "بين كَشفِ الكافِ ومكنونِ النون". ذلك أنّ عنوان كل نص، هو في حد ذاته مؤامرة واضحة المعالم لاستدراجك إلى "سراديب الطفولة المسكونة بالعناكِبِ والرعب وأميراتِ الأحلام"، أو إلى "مدائن النمل" أو "أثير الغابة" أو "إلى أرض بيضاءَ لا يعيش الظلُّ فيها"... تأمل جيدًا سيمائية كل واحد منها، وستهز برأسك موافقًا. أيها القارئ، ألازلتَ تحاولُ الإمساك بطرف "الجميلة" أم أنه تسرب من بين أصابعك مجدّدًا كالزئبق؟ أمسكت به؟ دقّق النظر إذًا في زخرفته، متانة الغُرزة و دقتها...جمال الحَرف، تدافع الجُمل و تنضيدها...تأمل هذا "الإيقاع البصري" الذي كثيرًا ما يتفوق على "الإيقاع السمعي" للنص ليبلغ ذروته في قطعة البروكار هذه: "عن تاريخ القبلة الأولى" أُ حِ بُّ كِ كَ بُّ حِ إ أُ حِ بُّ كْ كْ بُّ حِ إ      أُ حِ بُّ بُّ حِ إ        أُ حِ حِ إ           أُ إ                 أ أُ            حِ ح      بُّ بُّ كَ كِ كْ أحِبُّكْ أُحِ حِ أُ أُأ أُأُ أُ ولأنه هوَ، ولأنه مسكون بهاجس الوجود والوطن والنساء والعشق، ولأنه كنبيّ بلغ أشُدّهُ، فصار يتقن فن التنبُّؤ والوعظ، فإن "الجميلة سوف تأتي" ليس أقل من بهو للمرايا... يركض فيه الأطفال "بالمرايِلِ المدرَسية"، و تستريح على أطرافه الأشجار المنهكة "من مشْي طويل"، و تنشغل فيه الملائكة "بطلاء الأحلام"...و عند الغابة، حطّاب مختبئ بين الشجرات، يراقب "ذات الرداء الأحمر" وهي تطارد الذئب و تصرخ :"أحبُّكَ يا ذئبي"... وفي وسط هذا البهو، يقف أسامة جاد بكل أناقته ومن خلال إعتماده على اللغة المكثَّفة، المجاز، السرد المختزل...ليطلق جموح النصّوص/المرايا حتى تطارد تصوراته عن الموت و الضفة الأخرى و شكل الذاكرة و الذكريات و التجارب و تلك الكائنات الخضراء و الزمن و اللغة و الأحلام و العشق و الأنثى و النزوات العابرة و عن تاريخ القبلة الأولى و عن الثورة و الشهداء... كثيرة هي النصوص التي تترك فيكَ أثر بهجتها، الدهشةَ، رائحة الولادة البيضاء...وهي تجر حبلها السرّي بيدها...و كثيرة أيضًا هي النصوص التي تبعث فيك الفزع، تأمل فقط تواريخ بعض النصوص، ووميض الأسطورة في بعضها الٱخر... وستدرك ذلك.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في ديوان الجميلة سوف تأتي للشاعر أسامة جاد قراءة في ديوان الجميلة سوف تأتي للشاعر أسامة جاد



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:43 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 العرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab