مجلس النواب الجديد

مجلس النواب الجديد

مجلس النواب الجديد

 العرب اليوم -

مجلس النواب الجديد

مصطفى الفقي

تحدث الكثيرون وأسهبوا فى الإشارة إلى ضعف الإقبال على انتخابات «مجلس النواب» مؤخرًا، وهذا صحيح، ولكن دلالته لا تطعن فى قيمة المجلس الجديد ولا شرعيته من الناحية الدستورية والقانونية، ولكنها قد تقلل من قيمته سياسيًا وتاريخيًا، رغم أن الذين صوتوا لناخبيه هم مواطنون ومواطنات مصريون ومصريات يمثلون عينة واقعية من شرائح المجتمع المختلفة، ولكن القيمة الحقيقية لما جرى تبدو من بعض الإيجابيات التى احتوتها النتائج التى جرى إعلانها فى الجزء الذى تم من تلك الانتخابات فى عدد من محافظات «مصر» جنوبًا وشمالًا، ولعل أهم هذه المؤشرات هى:

أولًا: لقد تكفلت القوائم بتكريس مقاعد للمرأة والشباب والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة والمصريين فى الخارج، فى إطار تشكيلة متنوعة تعكس التحول الذى جرى، وتشير إلى تغير نوعى للصورة النمطية للبرلمانات المصرية، كما تضمنت القوائم أسماء من اتجاهات مختلفة وتخصصات متنوعة، ولا يعنى ذلك أن الصورة وردية أو أن المرشحين والفائزين كانوا هم الأفضل على الإطلاق، ولكن المسألة فى النهاية نسبية وتحتاج إلى مراجعة فى المستقبل، ولكنها على كل حال بداية تحول لم يكن متوقعًا، وهنا لابد أن أشير بوضوح إلى أن ضعف الإقبال على التصويت لا ينتقص من شرعية المجلس الجديد، لأن «الدستور»- شأن كل الدساتير- لم يحدد نصابًا لازمًا لعدد المصوتين، ولم يضع حدودًا لدرجة الإقبال التى تشكل الحد الأدنى للتصويت الصحيح، خلاصة القول فى هذه النقطة أن عدد الناخبين يمثل فى النهاية الحد الأدنى المطلوب للمشاركة فى الانتخاب، حتى لو كان ذلك لا يعبر بدقة عن التيار الغالب فى الشارع، وذلك عوار سياسى بالطبع، إلا أنه تبقى عينة ذات دلالة لا يمكن تجاهلها فى كل الظروف، لأنها ليست عينة منحازة، ولكنها تعبير عشوائى من صميم المجتمع بطبقاته وقطاعاته وشخوصه.

ثانيًا: إن فوز بعض الأقباط بعدد يفوق كل الانتخابات التى أُجريت بعد ثورة يوليو 1952 هو مؤشر إيجابى يستحق التوقف عنده والإشادة به، لأنه يعنى أننا نستعيد تقاليد «الفترة الليبرالية» 1919- 1952، ويكفى أن نعلم أنه فى المرحلة الأولى وحدها دخل الإعادة اثنان وعشرون مرشحًا مسيحيًا، وإن كان قد فاز منهم أربعة فقط، إلا أن القوائم تضمنت ما يعوض ذلك التراجع، وقد نكون أمام مجلس نواب جديد فيه أرقام معقولة من الفئات التى كانت مهمشة، ومنها الأقباط والمرأة والشباب، فضلًا عن فئات لم يكن لها تمثيل بالمرة مثل المصريين فى الخارج وذوى الاحتياجات الخاصة.

ثالثًا: إن تأمل عدد الكفاءات داخل المجلس الجديد يوحى بوجود بعض الشخصيات العامة والتخصصات المطلوبة، رغم إحجام الكثيرين عن الترشح هذه المرة، لأنها تأتى بعد 30 يونيو 2013 وأيضًا 25 يناير 2011، والمصرى بطبيعته يختبر الموقف ويتأمل المشهد قبل أن يدخل فيه أو يتعامل معه، فضلًا عن أن هذه الانتخابات- مثلما هو الأمر بالنسبة لأى انتخابات أخرى- فيها قدر كبير من الإنفاق المادى، حيث يلعب المال السياسى دورًا ملحوظًا فى هذا الشأن.

رابعًا: إننا نلاحظ أن التغيير شامل، وأن الوجوه جديدة، وهناك نوعية يُعتبر وجودها غير مسبوق، فالمجلس يبدو فى مجمله غير تقليدى، ولقد استمعت إلى كثيرين ممن يقولون إن «مجلس النواب الجديد» فقير الكفاءات، محدود الخبرات، وهذا قول مردود عليه بأن الجديد غير مألوف بطبيعته، بل غامض إلى حد الرفض لمَن لم يشارك فيه، ولقد أُثيرت بحق مسألة مكتب المجلس للرئيس والوكيلين وفقًا للائحة الحالية، إلا أن ذلك لم يغير من شأن التساؤل الدائم: مَن رئيس المجلس القادم؟ فمن قائل إن الدولة سوف تتجه إلى اختياره من بين المُعَيَّنين، وذلك أمر صحيح قانونيًا، ولكنه مُستَهجَن سياسيًا، فهل يقبل المستشار «عدلى منصور» بهذا المنصب، بعد أن كان رئيسًا مؤقتا للجمهورية ورئيسًا للمحكمة الدستورية العليا، وهل يقبل المستشار «أحمد الزند»، وزير العدل الحالى، رئيس نادى القضاة السابق، رئاسة «مجلس النواب»؟ الأمر ذاته ينسحب على آخرين مثل المستشارة «تهانى الجبالى»، ورئيس لجنة الخمسين «عمرو موسى»، أم أن هناك اسمًا مدخرًا لا يعلمه إلا الله يجرى الدفع به فى اللحظة المناسبة؟

خامسًا: إن تَرَدِّى نسبة الناجحين من المنتمين لـ«حزب النور»، بل من «التيار السلفى» عمومًا، هو محدود للغاية ومُخَيِّب للتوقعات، وكأنما أراد الناخب المصرى أن يطبق النص الدستورى الذى يمنع قيام الأحزاب الدينية، تاركين الخيار لتلك الأحزاب ذاتها، لكى تعى الدرس وتعيد النظر فيما هى عليه، فى محاولة لتوفيق أوضاعها تبعًا للنص الدستورى الواضح، الذى يمنع قيام أحزاب على أساس دينى، وهنا لا يمكن التلاعب بالقول من قبيل أنها أحزاب ذات خلفية دينية فقط، إذ إن فك الاشتباك المفتعل بين الدين والسياسة هو واحد من أهم مقومات الدولة الديمقراطية الحديثة، فضلًا عن مظاهر الدولة المدنية الحقيقية.

هذه قراءة سريعة فى ملف الانتخابات المصرية الأخيرة نحاول به أن نشير إلى كثير من المظاهر الجديدة فى المجلس القادم، وإن كانت الصورة لم تكتمل بعد.. لقد استكملنا الاستحقاق الثالث من «خارطة الطريق»، وأصبحنا على مشارف عصر جديد فى الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية.. دعنا نأمل بروح التفاؤل أن يتحقق لـ«مصر» والمصريين بعض ما يستحقون!

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجلس النواب الجديد مجلس النواب الجديد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab