قصر خديجة

قصر خديجة

قصر خديجة

 العرب اليوم -

قصر خديجة

مصطفي الفقي
بقلم: مصطفي الفقي

تتميز ضاحية حلوان بالتاريخ العريق وتواصل العمران، سكنها الحكام ولاذ بها مَن يريد الاستشفاء لاعتدال جوها ونقاء البيئة فيها، كل ذلك قبل أن تبدأ مسيرة التصنيع فى الزحف عليها مع بدايات العصر الناصرى، وتتردد هنا مقولة غير مؤكدة أنها كانت نصيحة سياسية وليست فقط توجهًا اقتصاديًّا لدعم الصناعة المصرية، فقد رأى البعض أن تطويق حلوان بحزام من المصانع وسياج ضخم من العمال سيكون هو الضمان لحراسة الثورة الوليدة وقتها ومواجهة أعدائها بذلك التجمع البشرى للعمال المخلصين لثورتهم والحريصين على مصانعهم، ولقد كانت حلوان دائمًا مقصدًا للسائحين وموقعًا متميزًا لذوى المكانة، حتى إن الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبدالعزيز اتخذ لنفسه فيها مسكنًا عندما أتى إلى مصر، ولقد توافد عليها رهط من كبار المماليك وقادة الرأى وزعماء الحركة الوطنية، كما انتشرت بين ربوعها بعض عناصر الإسلام السياسى، ولا نزال نتذكر أن القاضى الشهير الخازندار قد صرعته رصاصات إخوانية أمام منزله فى أربعينيات القرن الماضى، وعندما توليت إدارة مكتبة الإسكندرية فى عام 2017 تلقيت اتصالًا هاتفيًّا من محافظ القاهرة وقتها، المهندس عاطف عبدالحميد، يقول لى إن هناك قصرًا تاريخيًّا قد جرى ترميمه فى ضاحية حلوان لكى يكون مقرًّا لمبنى المحافظة التى تحمل اسمها.

ولكن تم العدول عن ذلك ليصبح القصر مرشحًا لعمل ثقافى كبير يخدم أهل الحى. وأضاف المحافظ أن رئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، قد اقترح ضمه إلى مقتنيات مكتبة الإسكندرية لكى يكون منارة ثقافية جنوب القاهرة ومركز إشعاعٍ تنويرى فى ذلك الحى المتميز، وهو الحى الذى يضم متحف الشمع وركن فاروق والحديقة اليابانية، فضلًا عن أنه حى تراثى بامتياز، ولقد رحبت ومعى كل زملائى فى المكتبة بهذه الهدية الكبيرة، عاقدين العزم على توظيفها على نحوٍ أمثل واختيار أفضل الكفاءات داخل المكتبة للنهوض بها وتحويلها إلى بقعةٍ مضيئة تجذب كل الأعمار من الأطفال والشباب والكبار والفتيان والفتيات بالأنشطة المتعددة ذات الطابع الثقافى والحرفى على السواء، وقد فعلنا ذلك، وعندما جاء للقاهرة محافظ جديد، هو اللواء خالد عبدالعال، واصل مسيرة سلفه بدعم مكتبة الإسكندرية وقصر خديجة بحلوان فى كل المناسبات نتيجة حرص الدولة على أن تكون المنطقة مركز إشعاع حقيقى ينشر المعرفة ويطارد التعصب والإرهاب.

والأميرة خديجة صاحبة هذا القصر هى ابنة الخديو عباس حلمى الثانى، الذى يطلق عليه بعض المؤرخين لقب «خديو الحركة الوطنية»، الذى عزلته بريطانيا عام 1914 عندما أعلنت الحماية على مصر، وجاءت بالسلطان حسين كامل، الذى أمضى فى حكم مصر ثلاث سنوات فقط، قبل أن يرحل عن عالمنا ليؤول حكم البلاد إلى عمه الأمير أحمد فؤاد، السلطان أولًا، ثم ملك مصر بعد ذلك، فالأميرة خديجة هى من النسب المباشر للخديو إسماعيل بن إبراهيم باشا، القائد العسكرى الشهير، الابن البكر لمحمد على الكبير، ولقد حرصت على إعطاء دفعة دائمة للقصر بأنشطته الجديدة، وهو الذى شرفه محافظ القاهرة بالزيارة فى مناسبات مختلفة، وأتذكر أننى فاجأت المكان بزياراتٍ دون ترتيب مسبق، وأسعدنى للغاية أن أجده مليئًا بالشباب والأطفال يقرأون ويرسمون ويتحاورون مع أصداء فرق موسيقية تصدح بالأنغام الجميلة والموسيقى الهادئة والفنون الراقية. إنها تجربة لمشروع ثقافى أعتز دومًا بالمشاركة فيه ورعايته منذ بدايته.

سوف يظل قصر خديجة علامة مضيئة فى مسيرة حى حلوان بجنوب القاهرة، على مسافة غير بعيدة من جامعة حلوان المتألقة بالتخصصات التعليمية والثقافية والفنية، التى تنفرد بها تلك الجامعة الناهضة فى ذلك الحى المهم، الذى امتدت إليه أنشطة مكتبة الإسكندرية، لتجعل منه صورة مصغرة لها فى قلب العاصمة المصرية، وسوف تظل حلوان ضاحية متميزة فى جنوب القاهرة، بكل ما تملك من مقومات مناخية وصناعية وأيضًا ثقافية، فحلوان حى تراثى تعاقبت عليه النظم وتتابع على أرضه الحكام، وسوف يستمر قصر خديجة هناك بإشعاعه وضيائه قلعة للتنوير ومصدرًا للضياء الفكرى والثقافى والفنى ورافدًا قاهريًّا لمكتبة الإسكندرية بتاريخها العريق وحاضرها المتألق

 

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصر خديجة قصر خديجة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab