مصر فى عيون شرق وغرب المتوسط

مصر فى عيون شرق وغرب المتوسط

مصر فى عيون شرق وغرب المتوسط

 العرب اليوم -

مصر فى عيون شرق وغرب المتوسط

بقلم - مصطفي الفقي

تلقيت دعوة عام 2019 بوصفى مديرًا لمكتبة الإسكندرية لزيارة اليونان، فسافرت على رأس وفد من زملائى العاملين والعاملات بالمكتبة، وفى مقدمتهم نائبة المدير حينذاك المهندسة هدى الميقاتى وهى شخصية متميزة ذات كفاءة عالية، وتشاورنا مع الجانب اليونانى فى البرامج المشتركة بينهم وبين مكتبة الإسكندرية، إذ ترتبط المكتبة العريقة بخصوصية تاريخية مع الجانب اليونانى مثل دول أخرى فى حوض المتوسط بحيرة الحضارات الكبرى وملتقى ثقافات الشرق والغرب، وفوجئنا بعد وصولنا بموعد محدد لنا مع رئيس جمهورية اليونان، وقد كان أستاذًا جامعيًا وفقيهًا قانونيًا حيث استقبلنا بحفاوة فى مكتبه وتحدث معنا حول العلاقات التاريخية بين مدينة الإسكندرية ودولة اليونان القديمة وتأثير الثقافة الهيلينية على شخصية المكتبة تاريخيًا والارتباط بها جغرافيًا، ثم بدأ يتحدث فى الموضوع الرئيس الذى أظن أنه كان من أسباب دعوته إلى لقائنا، فقد قال لى إنه تلقى اتصالًا من رئيس الصين منذ فترة وجيزة يحدثه عن موضوع تحالف الحضارات القديمة، حيث ذكر له الرئيس الصينى أن هناك دولتين فى حوض المتوسط لهما الأهمية الكبرى فى تاريخ حضارات المنطقة وذكر تحديدًا مصر واليونان، ثم أردف رئيس الجمهورية فى أنه يعول على مكتبة الإسكندرية لكى تكون هى المرادف المصرى فى التعاون مع الثقافة اليونانية المعاصرة لتأكيد أهمية الجوار الحضارى المشترك بين البلدين، ولقد راقت لنا مبادرة الرئيس اليونانى وظلت المكتبة تفتح جسور الحوار مع دول المتوسط على كل المستويات امتدادًا لرسالتها التاريخية وتأكيدًا لدورها الحضارى، ولا عجب فالمكتبة بمقرها فى الإسكندرية تضع فى أحد مداخلها تمثالًا للشاعر اليونانى السكندرى كفافيس وهو الذى أصبح مزارًا كلما تردد رئيس وزراء اليونان فى زياراته الرسمية لمصر وحرصه على المرور بمكتبة الإسكندرية منارة المتوسط وأيقونة الثغر، وجدير بالذكر أنه بعد تلك الزيارة بعدة شهور تلقيت دعوة من المكتبة الوطنية البرتغالية لزيارة لشبونة عاصمة تلك الدولة الجميلة التى أصبحت ملاذًا لأثرياء أوروبا والشخصيات المرموقة فى المجالات المختلفة ، وهناك فوجئت أيضًا بموعد محدد مع رئيس الجمهورية - وقد كان مثقفًا كبيرًا - تحدث معى والوفد المرافق حول قضايا فكرية وتاريخية تنم عن ارتباط شديد بحوض البحر المتوسط رغم أن دولته تقع على أقصى الطرف الغربى منه، وكنت أحمل له بعض مطبوعات المكتبة باللغات المختلفة كهدية رمزية للصداقة الثقافية بين مصر وبلاده، فأخذ بيدى وقرر أن نتفقد معًا مكتبته الخاصة الملحقة بمكتبه والتى تحوى بعض الكتب النادرة التى يعتز بها رئيس الدولة البرتغالية حينذاك، وقد كنت أحمل له معى صورة فوتوغرافية لأقدم بردية فى مكتبة الإسكندرية القديمة ففرح بها كثيرًا وقال لي: إننى أفكر ماذا أعطيك بنفس قيمتها، فتخابثت بابتسامة لطيفة وقلت له: يا فخامة الرئيس إذا أهديت مكتبة الإسكندرية صورًا من الخرائط الأصلية القديمة التى صاحبت الكشوف الجغرافية التى أسهمت فيها البرتغال بقدر كبير فإن المكتبة سوف تكون ممتنة لأغلى هدية يمكن أن تقدمها دولة الكشوف الجغرافية التى أبحرت غربًا عبر المحيط إلى العالم الجديد، فضحك وقال لي: إنك تعرف ما تريد جيدًا، ووعد بأن يأتى إلى مصر فى زيارة تتضمن المرور على مكتبة الإسكندرية وتبادل الهدايا الوثائقية معها، ثم غلف ذلك الحديث الطويل بالتعبير عن احترامه الواضح لمصر وتحياته لرئيسها، وعبر عن تعلقه الشديد بالحضارة المصرية القديمة ودورها التنويرى فى شرق المتوسط وغربه وجنوبه الإفريقى، ولقد أكدت لى الزيارتان - إلى أثينا ولشبونة - أن مصر هى درة المنطقة التى تعيش على أرضها، وأن الإسكندرية هى أيقونة البحر الأبيض المتوسط التى تحمى حضارة التاريخ للتواصل مع مستقبل البشرية.

إننى أسوق أحداث هاتين الزيارتين اللتين جاءتا بناء على رغبة الطرف الداعى خروجًا عن المألوف، وإظهارًا للرغبة الشديدة فى التعاون مع مكتبة الإسكندرية التى حرصنا على أن تكون مصدر إشعاع لا ينطفئ، وطاقة ضوء لا تخبو أبدًا، وهنا أسجل للوطن المصرى مكانته الكبيرة فى الخارج ونظرة الاحترام التاريخى بل والحالى أيضًا لشعب صنع الحضارات واحترم الديانات واحتوى مختلف الثقافات، فكان بحق أيقونة تصل الماضى بالحاضر وتبدو أمام الجميع دولة تحكمها مبادئ واضحة فى سياستها الخارجية وتعتز دائمًا بمبادرتها البناءة فى جميع المشاكل الإقليمية والدولية، ولقد لاحظت من خلال خدمتى فى الخارج أن مكانة مصر فى عيون الآخرين أكبر منها فى عيون أبنائها أنفسهم، وتأكد لى ولغيرى على الدوام أن مصر درة المنطقة وأيقونة الإقليم مهما عصفت بها الأجواء وتكاثرت فوق سمائها السحب إلا أنها تبقى دائمًا مصدرًا للقوى الناعمة فى الداخل وفى الخارج على السواء.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر فى عيون شرق وغرب المتوسط مصر فى عيون شرق وغرب المتوسط



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين
 العرب اليوم - نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab