حرب السويس بعد 67 عامًا

حرب السويس بعد 67 عامًا

حرب السويس بعد 67 عامًا

 العرب اليوم -

حرب السويس بعد 67 عامًا

بقلم - مصطفي الفقي

ما أشبه الليلة بالبارحة، عبارة نرددها بلا وعى فى كثير من المناسبات رغم أنها تحتوى بعدًا فلسفيًا لفهم حركة التاريخ الذى يكرر نفسه مع اختلاف المواقف والشخوص، ففى مثل هذه الأيام منذ 67 عامًا تآمرت إسرائيل مع بريطانيا وفرنسا لشن حرب السويس على مصر انتقامًا من تأميم عبدالناصر للقناة، ومازلنا نتذكر الظروف الدولية المحيطة بمنطقة الشرق الأوسط حينذاك عندما هبط المظليون من الجنود البريطانيين والفرنسيين فى سماء بورسعيد حيث أبدى أبناء المدينة بسالة منقطعة النظير ووقف الشعب المصرى صامدًا يستمع إلى حديث قائده من فوق منبر الأزهر الشريف وهو يقول: سنقاتل.. سنقاتل، وفى ظنى أنه لا توجد دولة فى المنطقة تعرضت عبر تاريخها الطويل لضغوط خارجية مثل مصر فى كل الأزمنة مستهدفة من الطامعين فى دورها والحاقدين على مكانتها والمتطلعين الى إمكاناتها الطبيعية والبشرية، وها هى الأيام التى نمر بها تثبت بوضوح صدق تلك النظرية التى تقوم على أسس عدوانية وعنصرية تريد تحميل مصر أوزار المنطقة وتجعل حل القضية الفلسطينية على حساب أرض مصرية وهو أمر مستحيل لمصر شعبًا وحكومة ورئيسًا فالتفريط فى الأرض هو عوار لا تنتهى آثاره أبدًا، فها هو الوطن المصرى يتعرض فى هذه الأيام لحرب إعلامية واقتصادية تسعى لتشويه صورته وتمزيق وحدته وتحميل مصر كل خطايا المنطقة وكل ذنوب إسرائيل وللأسف فإن هناك من يبتلعون الطعم ويركضون وراء تلك الشائعات والأكاذيب والأراجيف، وما زلت أتذكر أنه فى خريف عام ٢٠٠٦ دعتنى جامعة لندن لكى أكون متحدثًا عن حرب السويس بعد ٥٠ عامًا من حدوثها فى حضور عدد كبير من الأكاديميين والسياسيين والمؤرخين من الدول الأوروبية والأقطار الشرق أوسطية، وأتذكر أن الأستاذ الأمريكى الشهير (روجر أوين) كان حاضرًا - وهو بالمناسبة الممتحن الخارجى لى فى مناقشة أطروحتى للدكتوراة عام ١٩٧٧ - وكان من بين الحضور أيضًا وزير الخارجية المصرى الراحل أحمد ماهر وكانت القلوب قد تطهرت والنفوس صفيت وأصبحنا نتحدث يومها عن حرب السويس كذكرى بعد نصف قرن من وقوعها وقد كان من بين الحضور بعض الجنرالات السابقين فى الجيش البريطانى الذين اعترف بعضهم خلال كلماتهم أمام المؤتمر بأن حرب السويس كانت نقطة تحول فاصلة، وهى التى أسدلت الستار على الإمبراطورية التى كانت لا تغرب عنها الشمس حيث لقن المصريون قوى الغزو الثلاثى درسًا فى البسالة والوطنية والصمود، وفى هذه الأيام يحتدم الصراع مرة أخرى حول فلسطين وتجرى محاولات خبيثة لتوريط الكنانة ودفعها دفعًا لكى تتحمل مسئولية الصراع الطويل الذى أسهمت فيه بأكبر قدر من التضحيات الإيجابية عبر العقود الثمانية الأخيرة، وقد حان الوقت لكى يدرك الجميع أن تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأرض المصرية هو أمر مستحيل حتى لو اجتمع له الإنس والجن، فخريطة الدولة المصرية معطاة تاريخية باركها الله منذ أن تحدث نبيه موسى الكليم فى الوادى المقدس طوى، فخريطة مصر مقدسة وأرضها هى ملتقى الحضارات والثقافات والديانات ولا يمكن أن تكون شيئًا آخر غير ذلك ومصر تقود فى هذه الأيام مواجهة مع قوى مختلفة بعضها ظاهر وبعضها خفى تطفح كلها حقدًا على مصر ورغبة فى نهش بعض أطرافها متناسين أن المحروسة هى محمية إلهية عصيةً على السقوط أو الركوع، هكذا قال التاريخ وكذلك دعمته الجغرافيا.

إننا نتمسك بثوابت القضية الفلسطينية ونرفض المحاولات المشبوهة لدفع الشعب الفلسطينى جنوبًا نحو سيناء المصرية ونؤكد أن تصدير الصراع وتهجير الفلسطينيين هما أمران لا يقبلهما عقل ولا يدعمهما منطق كما لا تستند على القانون الدولى أو قرارات الشرعية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.. وسوف تبقى مصر مرفوعة الهامة عالية القامة ما بقى الوجود.

arabstoday

GMT 17:37 2024 السبت ,04 أيار / مايو

أكبر جائزة فى الأوليمبياد

GMT 07:13 2024 السبت ,04 أيار / مايو

أن تمتلك إرادتك

GMT 07:10 2024 السبت ,04 أيار / مايو

دعوة الوليّة

GMT 23:56 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

الأكاديميا الأميركية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب السويس بعد 67 عامًا حرب السويس بعد 67 عامًا



نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 18:35 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

وفد من حماس يصل القاهرة السبت لبحث هدنة غزة

GMT 21:45 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

غانتس يتفوّق على نتنياهو

GMT 14:50 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

اختيار ملابس السفر قبل بدء مغامرة صغيرة

GMT 17:10 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

الغضب والثقة في السرب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab