فى أى أزمة أو نزاع معاصر، منذ الحرب العالمية الأول على الأقل حتى الآن، هناك مساحات لأدوار اللاعبين.
هناك دور اللاعب المحلى، أى الطرف المعنىّ مباشرة بالأزمة أو الصراع.
وهناك دور اللاعب الإقليمى، أى ذلك الذى يكون جغرافياً فى موقع الجوار، أو يكون معنياً بالأمر لأنه فى «جوار الجوار»، أى إنه معنىّ بالأخطار التى تعود على جار جاره، لأنها بالتالى إذا ما اتسعت سوف تعود بآثارها السلبية، أو الإيجابية، عليه وعلى مصالحه.
وهناك اللاعب الدولى، أو القوى العظمى، التى تنظر إلى الصراع والأزمة على أنهما أمر يهمها ويؤثر فى مصالحها بشكل عام، ويرتبط بشكل مباشر بمصالح حيوية، أو يؤثر فى أماكن استراتيجية حاكمة، أو مصالح مالية أو تجارية مباشرة.
إذن نحن نتحدث عن أدوار اللاعبين فى الأزمات، سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً.
السؤال الذى نطرحه اليوم، ويتعين علينا أن نجيب عنه بكل شجاعة وعلمية وشفافية، فى أزمات وصراعات ملتهبة مثل:
1 - اليمن
2 - سوريا
3- غزة
4 - العراق
5 - لبنان
من هو الطرف الحاكم المتحكم الأكثر تأثيراً فى إدارة وحسم وإشعال أو إنهاء الصراع من الأطراف الثلاثة، المحلى أم الإقليمى أم الدولى؟
فى الصراعات الخمسة، وفى الملفات جميعها، نحن نشهد دفع فاتورة الصراع الإيرانى مع حلفائه من ناحية، ضد الأمريكى وحلفائه فى الجانب الآخر.
يتخذ ذلك أشكالاً مختلفة، سياسية أو عسكرية أو استخبارية أو تجارية أو دبلوماسية، صعوداً وهبوطاً، حسب مصالح الطرف الإقليمى الإيرانى، المتصارع مع الطرف الأمريكى الدولى.
الصراع أحياناً يكون على مواقع استراتيجية، مثل خليج عدن فى اليمن، أو ميناء «بانياس» فى سوريا، أو كركوك فى العراق.
والصراع قد يأخذ شكلاً مناطقياً، مثل دول مجلس التعاون، أو سوريا الكبرى، أو دول الشام والعراق.
والصراع قد يأخذ شكلاً مذهبياً، مثل الصراع السنى الشيعى، أو الإسلامى المسيحى، أو المسيحى المسيحى، أو الدرزى الدرزى، أو السنى السنى.
فى النهاية، نستطيع أن نقول -بضمير مرتاح وبانزعاج شديد وحزن هائل- إن المسألة الآن لم تعد أبداً لها علاقة بأى لاعب محلى، سواء فى اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان أو غزة.
فى اليمن يصدر أمر صواريخ الحوثيين من طهران.
وفى سوريا يقرر قائد المنطقة العسكرية الروسى فى بانياس تحركات أى قوات فوق الأراضى والبحر والجو.
وفى غزة يتلقى تنظيم الجهاد الإسلامى أوامره من دمشق بعد أن تصدر فى طهران.
وفى بغداد وبيروت لا تشكيل أو نجاح لعمل أى حكومة لبنانية أو عراقية قبل تسوية مُرضية لطهران مع الأمريكيين.
لا حول ولا قوة لأى سياسى محلى فى هذه المنطقة، بعدما أصبحت المنطقة عرائس مربوطة بخيوط تحركها عواصم مثل أنقرة وتل أبيب وطهران وموسكو وواشنطن وباريس والدوحة.
باختصار، قرار اليوم والغد فى يد قوى غير عربية!