عن حماس وإسرائيل  عن غزة والهدنة

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

 العرب اليوم -

عن حماس وإسرائيل  عن غزة والهدنة

قوات الأحتلال
عريب الرنتاوي

وأنا أتابع "جدل الهدنة" بين حماس وإسرائيل، المندلع بكثافة على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي، لم أجد أفضل من العودة إلى "البدايات" للتعرف على جذر الفكرة وتتبع تطور المفهوم ورصد المراحل التي مرّ بها، إذ بات واضحاً لكل المتابعين والمختصين، أن "التهدئات المؤقتة" وصولاً لـ"الهدنة طويلة الأمد"، لم تكن فكرة طارئة أو وليدة لحظتها لدى الفريقين، كما أنها لا تخاطب "البعد الأمني" في علاقتهما الصراعية فحسب، بل تخفي وراءها استهدافات ذات طبيعة استراتيجية لكل منهما.   كنت أعرف أن إسرائيل "لا تريد" قطاع غزة، حتى أن رئيس حكومتها اسحق رابين تمنى ذات يوم، أن يستفيق من نومه فيرى البحر وقد ابتلع القطاع برمته ... البعض بالمناسبة، ينسب لجولدا مائير، قولاً مماثلاً ... وربما هذا ما يفسر "قلة الاهتمام" الإسرائيلي بتكثيف النشاط الاستيطاني اليهودي في القطاع في الفترة من العام 1967 وحتى تفكيك العدد القليل من المستوطنات والبؤر الاستيطانية في العام 2005.... ولعل من مفارقات التاريخ، أن رئيس حكومة من معسكر اليمين، أرئيل شارون، هو من سيقدم على تنفيذ خطة الانسحاب من جانب واحد من القطاع، ملبياً بذلك حلم سلفيه "اليساريين"، رابين ومائير ... ودائماً للأسباب ذاتها: الخلاص من الكثافة السكانية الهائلة للفلسطينيين المنزرعة فوق شريط ضيق من الأرض لا تزيد مساحته عن مساحة مدينة من الحجم المتوسط.   وبات من المعروف للقاصي والداني، أن المفاوض الإسرائيلي كان أبدى تساهلاً لافتاً أمام نظيره الفلسطيني في محادثات أوسلو بخصوص مستقبل القطاع .... ولولا إصرار الراحل ياسر عرفات على تأمين موطئ قدم له في الضفة الغربية، لكان حصوله على "غزة أولاً"، أمراً يسيراً ... عرفات أدرك مبكراً خطورة التفكير الإسرائيلي القاضي بفصل الضفة عن القطاع، فأصر على صيغة "غزة وأريحا أولاً".   لكن ما لم أكن أعرفه، شخصياً على الأقل، هو ما كشفه الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حماس وأبوها الروحي، ذات مقابلة صحفية، عن عرض إسرائيلي قُدّم للحركة في بدايات الانتفاضة الأولى، وقبل انطلاق مسيرة مدريد – أوسلو بسنوات، بتولي إدارة قطاع غزة تحت الرعاية الإسرائيلية الأمنية... الشيخ أحمد ياسين رفض العرض الإسرائيلي مُحقاً، من منطلق أنه لن يرتضي لحركته أن تكون دمية في يد إسرائيل وأداة من أدواتها الاحتلالية.   التخلص من القطاع، والتخطيط لمستقبل منفصل له عن مستقبل الضفة الغربية، فضلاً عن إبداء الاستعداد للتعامل مع حركة حماس بل وإعطائها "وكالة حصرية" لإدارة قطاع غزة، هي إذن، توجهات قديمة جداً لـ"المؤسسة" الإسرائيلية، الأمنية منها والسياسية، تعود أقله لأواخر ثمانيات القرن الفائت، أي قبل مدريد وأوسلو وقيام السلطة الفلسطينية ... وما المقاربات التي تنتهجها إسرائيل اليوم حيال حماس والقطاع، سوى الثمرة الطبيعية لتلك البذرة الجنينية في التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي للحل النهائي للقضية الفلسطينية.   حماس والهدنة ما لم أكن أعرفه كذلك، أن فكرة "التهدئة المؤقتة وصولاً للهدنة طويلة الأمد"، كانت صاحبت حماس تقريباً منذ نشأتها الأولى، وحتى قبل أن تقطع "شوطاً ذا مغزى" في مشوارها "الجهادي المسلح"، وليس كنتيجة لظرف استثنائي خاص تعيشه الحركة في قطاع غزة، أو بفعل تفاقم المعاناة الإنسانية للفلسطينيين المحاصرين في الشريط الخاضع لسيطرة حماس وسلطتها ... ومن يراجع ركام الصفحات التي كتبت عن موقف الحركة من "الهدنة" والمقابلات التي أجريت مع الشيخ ياسين ورئيس مكتبها السياسي آنذاك موسى أبو مرزوق، ورجلها القوي الراحل عبد العزيز الرنتيسي، يلحظ أن الحديث عن التهدئة والهدنة، صاحب حماس منذ انطلاقتها، ورافقها في مختلف مراحل تطور مسيرتها السياسية والعسكرية، مع اختلافات "نوعية" في النظرة والمفهوم.   فالشيخ أحمد ياسين مثلاً، ربط التهدئة بانسحاب إسرائيل إلى حدود العام 1967، من دون صلح أو اعتراف، و"أصّل شرعياً" لهذا المفهوم، بالعودة إلى "صلح الحديبية" بين النبي محمد و"كفار مكة" في العام 627، ولم يَغفَل عن ذكر "صلح الرملة" بين صلاح الدين الأيوبي والملك ريتشارد "قلب الأسد" في العام 1192، مستنداً في كل ما ذهب إليه، إلى "أحاديث" و"تفسيرات" تتحدث عن "تجدد الأمم كل أربعين عاماً"، وحاجة الأمة المسلمة الضعيفة لفترات من التهدئة والهدوء لتعد لأعدائها "ما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل". وإذا كان الشيخ ياسين مهتماً بالجانب الشرعي من حديث الهدنة والتهدئة، فإن المستوى السياسي للحركة ممثلاً بموسى أبو مرزوق، قد وجد في "اتفاقات الهدنة"، المبرمة بين الدول العربية وإسرائيل في رودوس في العام 1949، "سابقة" يمكن أن تستند إليها حماس في عرض التهدئة أو القبول بها، على ألا يكون ذلك على حساب ثوابتها الشرعية والوطنية وأهمها أن فلسطين أرض وقف للمسلمين، لا يجوز التفريط بها أو التنازل على أي جزء منها.   على أن فكرة التهدئة والهدنة، ستأخذ قرابة عشر سنوات على انطلاق الحركة، لكي تتحول إلى "مبادرة" أو "مشروع"...حدث ذلك عشية محاولة الاغتيال التي تعرض رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في عمان عام 1997، حيث تقول الوثائق الإسرائيلية، أن مما أثار غضب الملك الحسين أن تلك المحاولة جاءت غداة قيامه بنقل مبادرة لتهدئة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل، وأنه سلمها لرئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك (واليوم) بنيامين نتنياهو، وأن داني ياتوم، من الموساد، لعب دور "ساعي البريد" بين الجانبين... إسرائيل ردت على مبادرة الهدنة بمحاولة اغتيال مشعل في قلب العاصمة الأردنية.   مرة أخرى، قبل عملية مدريد – أوسلو وقيام السلطة، وقبل وصول حماس إلى حكم قطاع غزة في العام 2007 بعشر سنوات، كانت التهدئة والهدنة، مدرجة بقوة على جدول أعمال حماس، وتحتل مساحة واسعة في فكرها السياسي، لكن ما كان يتغير بين حين وآخر، هو تراجع حماس عن بعض شروطها للتهدئة، وهبوط سقف مطالباتها، من الانسحاب غير المشروط إلى حدود العام 1967 كما طالب مؤسسها بالأمس، إلى المطالبة بمستشفى ميداني ومنطقة صناعية وانتظام التيار الكهربائي ومزيد من العاملين الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية، كما يُطالب ورثته اليوم.   حماس، وعلى لسان خليل الحيّة، تنفي استعدادها للقبول بهدنة طويلة الأمد... مثل هذا الأمر "فصّله" الآباء المؤسسون للحركة، إذ عرضوا عشراً من السنين، أسوة بصلح الحديبية، وأظهروا استعداداً لتجديدها بعشر ثانية وربما ثالثة، وفقاً لمقتضيات الحال ... رغم نفي حماس اليوم، وبرغم تواضع مطالبها وشروطها للهدنة، إلا أن "قابلية" الحركة لإبرام هدنة طويلة الأمد، تبدو عالية جداً، وهو أمر منطقي لحركة عرضت على عدوها هدنة عشر سنوات ولم يكن قد مضى على انطلاقتها الجهادية المسلحة سوى بضع سنوات فقط ... الهدنة تكرس الاعتراف بحماس كلاعب "رسمي" و"معترف به" على الساحة الفلسطينية، لذلك كانت مطلوبة من قبل ... والهدنة تكرس حكم حماس وتضمن ديمومة سلطتها في غزة، لذلك فهي مرغوبة اليوم، حتى وإن تم التخلي عن معظم إن لم نقل جميع شروط مؤسسها وأبيها الروحي.

arabstoday

GMT 21:21 2024 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أمير الدهاء

GMT 21:21 2024 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

دولة «بلوشية» ومصير القضية وطلاق ياسمين

GMT 21:21 2024 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

هذا زَمَانٌ لَمْ يَعُدْ كَزماني

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الحوثي لم يعد مشكلة سعودية

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

لماذا فرّت «جيرالد فورد»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن حماس وإسرائيل  عن غزة والهدنة عن حماس وإسرائيل  عن غزة والهدنة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab