بقلم : عماد الدين أديب
عرفت الأمير طلال بن عبدالعزيز (رحمه الله) منذ 37 عاماً.
كان أول لقاء بيننا فى منزل أحد الأصدقاء المشتركين فى لندن، ومنذ ذلك التاريخ لم ينقطع الاتصال والتواصل بيننا.
وأستطيع أن أقول بصدق وأمانة إن الأمير الراحل لم يكن شخصية عامة، بل كان شخصية استثنائية فى فكره، ورؤاه السياسية، وفى انفتاحه الفكرى والاجتماعى، ومواقفه السياسية الخاصة المتجاوزة لما هو معتاد وتقليدى فى زمن كانت فيه بلاده -وقتها- شديدة المحافظة والتقليدية.
الأمير طلال بن عبدالعزيز، الذى رحل بعد مرض شديد عن عمر يتجاوز الـ86 عاماً، هو الابن الـ18 من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وكانت له مكانة مميزة لدى والده، لأنه كان يرى فيه «حيوية متدفقة وعشقاً للسياسة وذكاءً فطرياً فوق العادة».
كان أهم ما فى مدرسة تفكير الأمير طلال أنه «صاحب عقل جدلى نقدى وتحليلى»، ولا يقبل أن يوافق على الأمور كما هى «مقولبة»، دون أن يقتنع.
وكان كل ملوك المملكة من «فيصل» إلى «خالد» ومن «فهد» إلى «عبدالله وسلمان»، يقبلون منه ما لا يمكن القبول به من غيره، وكان يعامَل من قِبل الملك سلمان «رغم أنه مليك البلاد»، على أنه الأخ الأكبر والشقيق الذى يجب أن يكون له كل الاحترام والتقدير بصرف النظر عن المناصب.
كان الداعم دائماً لكل ما يقول أو يفعل للأمير طلال هو صدق النية فى ما يقول، وثقافته السياسية العميقة ونهمه الشديد لتفاصيل الملفات التى يفتحها ويتحدث عنها.
كان الرجل يقول دائماً: إخوانى جميعهم يعرفون أننى ليس لى أى مطمع فى أى سلطة أو منصب، أنا فقط أريد أن أرى بلادى فى أحسن حال.
أعجبتنى عبارة كنت أسمعها منه دائماً «حلمى هو أن أعيش حتى أرى الإصلاح الشامل فى بلادنا».
رحل الأمير طلال، وكثير من مطالبه وأحلامه السياسية والاجتماعية، خاصة فى مجالات المرأة والأسرة والمجتمع بدأت فى التحقق.
رحم الله هذا الرجل النادر، وتعازينا للعائلة المالكة السعودية، ولشعب المملكة، وأحفاده، ولأبنائه، وعلى رأسهم أشهر أبنائه الأمير الوليد.