معرفة من الذي ارتكب جريمة مستشفى المعمداني بقطاع غزة مسألة شديدة السهولة والبساطة.
إسرائيل؟ الجهاد الإسلامي؟ طرف ثالث؟ قوى من كوكب فضائي؟ كل ذلك في عالم اليوم ميسّر ومتاح.
نحن في الظروف الاعتيادية نقع شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، من أقصى كوكب الأرض إلى أدناه تحت العيون الراصدة لسلسلة متعدّدة ومتنوعة من أقمار التجسّس المتقدّمة.
هذه الأقمار ترصد أكبر وأدق تحركات المواد والبشر، وترصد تقلّب الريح والأعاصير، وحركة البحار والأنهار والزلازل والبراكين، وترصد بدقة كل ما يمكن تسجيل حركته أو حرارته فوق الأرض وتحتها.
هذا في الظروف الطبيعية الخالية من أي صراعات مسلحة حالية أو محتملة.
في حالة الحرب الحالية أو المحتملة، تخضع منطقة الصراعات إلى نشاط رصد وتجسّس فائق الدقة وعملية رصد 24 ساعة على 24 ساعة، ويتم تحليل كل حركة فيها من أهم أجهزة الاستخبارات العالمية.
في حالة حرب غزة، فإن الحرب بالفعل قائمة، وتقع في منطقة جيواستراتيجية تتعلق باهتمام القوى الكبرى المهتمة بالمنطقة.
وفي حالة حرب غزة، هناك اثنتان من كبرى حاملات الطائرات الحديثة في العالم في شرق البحر المتوسط، مزودتان بأكبر شبكات رصد وتجسّس وتشويش إلكتروني في العالم.
وفي حالة حرب غزة، القريبة عدة كيلومترات من دولة قبرص، تقع أكبر محطة تنصّت وتجسّس بريطانية في العالم، قادرة على رصد واختراق أي محادثة هاتفية سلكية أو لا سلكية تجرى في شرق المتوسط.
المحطة البريطانية هي التي استعانت بها المحكمة الخاصة الدولية لقتلة رفيق الحريري؛ إذ استعانت بالتسجيلات الهاتفية الكاملة المتبادلة في بيروت قبل وأثناء وعقب جريمة الاغتيال.
أما نظام الأقمار الصناعية الفرنسي العالمي في المنطقة، فهو الذي رصد عملية تفجير مرفأ بيروت الشهير، إلا أنه لم يسلّم أي جهة نتائج صور الأقمار الصناعية.
في مثل هذه الجرائم المركبة التي تعتبر ضد الإنسانية، يتم تشكيل لجان تحقيق فنية تقنية متخصصة كي تجدّد بالدليل القاطع الإجابة عن سؤال من فعلها؟
في حالة جريمة مستشفى المعمداني، تم اعتماد الرواية الإسرائيلية التي تقوم على الادعاء بأن الجريمة تمت «بصاروخ فلسطيني فاشل ضل طريقه».
وادّعت إسرائيل أنها تأكدت من ذلك بالرجوع إلى عمليات الرصد الراداري المتوفرة لديها من دون أن تقدّم أي دليل مادي تقني لهذا الادعاء.
أما الرئيس الأمريكي، فأكد الرواية الإسرائيلية للجريمة ثقة منه، حسب قوله، بمعلومات وزارة الدفاع الأمريكية.
وحدها بريطانيا التي قالت إنها لا تريد أن تتعجل في الحكم، وسوف تقوم بمراجعة ما لديها من معلومات.
هنا السؤال: إذا كانت إسرائيل غير مسؤولة عن جريمة صاروخ مستشفى المعمداني، فكيف تفسّر مسؤوليتها عن أكثر من عشرة آلاف طن من الصواريخ والقنابل التي ألقتها على المدنيين العُزّل من أهلنا في غزة، وذلك حسب بيانات المتحدث العسكري الإسرائيلي؟!
يا عالم احترموا عقولنا!!