لماذا يلعب بيبي نتانياهو لعبة «حافة الهاوية» أي التصعيد اللانهائي في الأفكار والسياسات والقتل، وتجاهل أي ضغط داخلي، أو أي نصائح أمريكية، أو قرارات دولية، أو أي رفض شعبي دولي ضد سياساته؟
لماذا يضرب الرجل أي شيء وكل شيء عرض الحائط مطبقاً لنظرية «رأيي وحدي وليذهب أي رأي آخر إلى الجحيم»؟
الإجابة المباشرة المختصرة «إطالة عمر الحرب والخطر والمواجهة هو الضمانة الوحيدة – من وجهة نظره – لإطالة عمره السياسي المأزوم جداً».
يدرك الرجل أن سيف الحساب العسير أصبح ملاصقاً لرقبته، سواء جاءت الطعنة من التحقيق الجنائي بالفساد، أو حساب التقصير في عمليات 7 أكتوبر، أو في رد الفعل الشعبي الذي يطالب باستقالته الفورية.
3 سياسات يتبعها الرجل الآن:
1 - استمرار العمليات العسكرية دون السعي لحل سياسي شامل للصراع.
2 - دفع سكان غزة من خلال عمليات إبادة جماعية لحالة من استحالة الحياة في القطاع، سعياً إلى أن يصبح ملاذهم الأخير الممكن هو النزوح عبر معبر رفح إلى سيناء.
3 - فتح وتوسيع جهات العمليات العسكرية إلى سوريا ولبنان، والسعي لمواجهة «الحرس الثوري» الإيراني والحوثيين و«الحشد الشعبي» في آن واحد، من خلال عمليات نوعية أو اغتيالات.
آخر عمليات التصعيد غير المحسوب هو حصول مجلس الوزراء الإسرائيلي أمس الأول على موافقة على طلبه بالقيام باحتلال مضيق فيلادلفيا المعروف بمضيق صلاح الدين.
يقع محور فيلادلفيا داخل المنطقة «د» بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل عام 1979.
يمتد هذا المحور من البحر المتوسط شمالاً إلى معبر كرم أبو سالم جنوباً بطول 14 كم.
وقع عام 2005 اتفاق جديد لتنظيم تواجد القوات في منطقة المحور، يعتمد على تنسيق أمني مصري إسرائيلي لمراقبة كل أشكال التهريب، ويتيح لمصر نشر عدد من قواتها.
أمس الأول خرج نتانياهو ليقول علناً للعالم: «يتعين على إسرائيل أن تسيطر بشكل كامل على المحور لضمان نزع الأسلحة في المنطقة».
يبرر الرجل هذا المشروع العسكري الأمني بأنه لتأمين قطاع غزة والمستوطنات التي تقع في غلاف القطاع من عمليات تهريب السلاح والأفراد والمؤن عبر أنفاق، يدعي أنها ما زالت مفتوحة بين غزة وسيناء عبر الحدود المصرية.
ويدعي نتانياهو أنه لا تفسير لاستمرار توفر السلاح والذخيرة لكتائب القسام سوى أن هناك أنفاقاً سرية في تلك المنطقة.
وتقول مصادر خبيرة في عمليات تسليح القسام، إن موارد السلاح لحماس يمكن حصرها في الآتي:
تصنيع محلي في ورش داخل الأنفاق.
شراء بعض الأسلحة من تجار في الجانب الإسرائيلي.
تهريب أسلحة يأتي من خلال شواطئ غزة.
وتقوم نظرية نتانياهو المَرَضية أنه إذا كانت القوات الإسرائيلية تحاصر وتراقب غزة 24 ساعة يومياً، براً وبحراً وجواً، أكثر من 90 يوماً فمن أين يستمر إمداد السلاح لـ«كتائب القسام» و«الجهاد الإسلامي»؟
ويقول الاتفاق المكتوب الملحق بمعاهدة كامب ديفيد حول محور فيلادلفيا:
إذا أقدم نتانياهو على ذلك فهو يصيب العلاقات مع القاهرة في مقتل، ويفرغ بنود اتفاق السلام مع مصر من معناه، ويفتح أبواب جهنم مع أكبر جيش عربي على حدوده.
ويدرك نتانياهو أنه يلعب بالنار مع مصر التي تعتبر أول من قام بعمل معاهدة سلام مع إسرائيل، واحترم بنودها.
ويدرك الرجل أنه يلعب بالنار حينما يستفز الجيش المصري «الجيش رقم 14 في التصنيف العالمي»، ويستفز الرأي العام الشعبي الذي يتابع ما يحدث في غزة بغضب شديد. إنها حالة من الحماقة السياسية والجنون الأمني التي قد تؤدي إلى تهديد أي معاهدات سلمية، وتفتح الباب على جهنم بمواجهات عسكرية عبثية لا طائل لها سوى خلق حالة خطر متعمدة تطيل عمره شهوراً، وتقفل وتبدد جهوداً سلمية تم صنعها بصعوبة في سنوات طويلة.