ليس هناك أسرع من «سرعة التدهور» في المواقف الأمنية والسياسية في ملف غزة مثلما ما حدث مساء الثلاثاء الفائت.
في 3 ساعات و45 دقيقة انزلقت كرة النار من على قمة جبل غزة المشتعل بالهستيريا العسكرية لجيش الاحتلال، مما أدى إلى حدوث الآتي بالتتابع:
أولاً: أصاب صاروخ المستشفى المعمداني الذي كان يضم مرضى وحالات حرجة للغاية، وأدى إلى مقتل وإصابة قرابة الـ 500 ضحية على الفور، وحطم المستشفى، وأطاح بمسجد وكنيسة ملحقة.
ثانياً: إعلان الرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي كان متواجداً للقاء وزير الخارجية الأمريكي في العاصمة الأردنية، والذي كان يستعد للقاء الرئيس بايدن في ظهيرة اليوم التالي، عن انسحابه من اللقاء المنتظر، والذي كان سيتم بدعوة من العاهل الأردني وحضور الرئيس المصري.
ثالثاً: اجتمعت المجموعة العربية في مجلس الأمن لطلب عقد جلسة خاصة في المجلس لبحث العدوان الإجرامي على المستشفى.
رابعاً: قيام الرئيس المصري بكتابة تغريدة على موقعه الرسمي تدين العملية.
خامساً: قيام إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بإلقاء خطاب من الدوحة تعقيباً على الجريمة.
سادساً: خروج مظاهرات غاضبة في كل من بيروت، الرباط، تونس، نواكشوط، فيينا، بغداد، الكويت، القاهرة، الجزائر، باريس.
سابعاً: اندلاع مظاهرة كبرى في العاصمة الأردنية، ومحاصرة السفارة الإسرائيلية في عمّان.
ثامناً: الإعلان في عمّان عن إلغاء القمة الرباعية مع بايدن.
تاسعاً: قيام الرئيس الأمريكي بالتحرك في الطائرة الرئاسية نحو إسرائيل، وإعلان البيت الأبيض عن تعزيته لضحايا حادث المستشفى، وإعلانه عن رغبته في عقد الاجتماع الرباعي في أقرب وقت.
عاشراً: إعلان سفراء المجموعة العربية في مجلس الأمن عن رغبتهم في عقد جلسة طارئة.
حادي عشر: ادعاء المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن صاروخاً خاطئاً من حركة الجهاد الإسلامي هو المسؤول عن حادث المستشفى.
«سرعة منسوب» التدهور السياسي وانهيار ترتيبات سياسية وقمم هامة، وتهديد مخيف للوضع الأمني في فلسطين وفي المنطقة، في هذه الواقعة، هي أمر غير مسبوق في تاريخ الأزمات والصراعات.
كل شيء الآن على الهواء، العدوان، القتل، القتلة، الضحايا، ردود الأفعال، انهيار أي مشروعات سياسية، السقوط في حالة من الفوضى.
إدارة الأزمات الآن أصبحت في قمة الصعوبة؛ لأنها ببساطة مضطرة للتعامل مع قضايا مخيفة شديدة المخاطر، شديدة التسارع، في زمن قياسي لا يمنح من يدير الأزمنة الوقت اللازم للتدبر والتفكير العميق.
الأيام القليلة المقبلة سوف تشهد ما هو أخطر من أحداث تحتاج إلى سرعة أكبر في اتخاذ قرارات مصيرية تتصل بالحياة والموت.