من زيارة طهران «المعلقة» إلى زيارة الرياض «الناجحة»

من زيارة طهران «المعلقة» إلى زيارة الرياض «الناجحة»

من زيارة طهران «المعلقة» إلى زيارة الرياض «الناجحة»

 العرب اليوم -

من زيارة طهران «المعلقة» إلى زيارة الرياض «الناجحة»

عريب الرنتاوي

من كَشَفَ عن فحوى المحادثات التي أجراها خالد مشعل مع القيادة السعودية، هو “مغرد سعودي”، ينسب نفسه إلى من يسمون “الأمراء الأحرار”، اسمه الحركي “جمال بن”، وهو في مسعاه هذا، يسعى لاحتلال مكانة متقدمة على شبكة “تويتر”، سبقه إليها المغرد الأشهر “مجتهد”، لكن يبدو أن صدقية “بن جمال”، لا تساعده على أن يصبح مصدراً مهماً وموثوقاً للأخبار “الخاصة” عن مواقف المملكة وسياساتها، كما تشير بعض التقديرات.

بيد أن بعض وسائل الإعلام، المحسوبة على “التحالف السعودي”، آثرت أن توجه أصابع الاتهام للمعسكر الآخر، المحسوب على “المقاومة والممانعة”، والهدف كما قال سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس في غزة، هو تشويه زيارة مشعل الناجحة للمملكة والتشويش عليها ... أميل للظن، وليس كل الظن إثم، أن حكاية “المرتزقة السبعمائة” مفبركة، فلا السعودية بحاجة لـ “700 مقاتل”، ولديها خزان يمتد بامتداد العالم الإسلامي من “المجاهدين غب الطلب”، ولا حماس بصدد تسيير قوافل “القساميين” من غزة إلى عدن، بالنظر لما سيثيره ذلك من تداعيات، دع عنك العوائق اللوجستية والعملية لتنفيذ قرار من هذا النوع.

لكنني، ومن باب أن ليس كل الظن إثم، أحسب أن الشطر من التسريبات،والمتعلق بطلب مساعدات مالية لحكومة حماس في غزة (بصرف النظر عن قيمة المبلغ المطلوب)، يمكن أن يكون صحيحاً، فالحركة تواجه في غزة، مأزقاً مالياً واقتصادياً صعباً، والسعودية اشتهرت بكونها دولة “مانحة” لحلفائها وأصدقائها، وبأقدار متفاوتة، تبعاً لتفاوت التقديرات والحسابات السياسية المتغيرة في كل مرحلة من المراحل.

على أية حال، ليست هذه التسريبات هي موضوع حديثنا لهذا اليوم، العلاقات السعودية – الحمساوية على اتساعها، هي أكثر ما يهمنا، نظراً لارتباطها وتداخلها مع شبكة علاقات حماس الإقليمية، وبسبب ما تكشف عنه من توجهات وأولويات تهيمن على تفكير الحركة ومواقفها، في هذه اللحظة بالذات، ودعونا نعود قليلاً للوراء.

قبل “عاصفة الحزم”، كانت الأنباء تتحدث عن زيارة وشيكة سيقوم بها قادة حماس لإيران ... يومها قيل إن خلافاً حول “رتوش” الزيارة وبروتكولاتها، هو ما يعيق تنفيذها ... مشعل طلب موعداً مسبقاً مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، والإيرانيون آثروا ترك المبادرة للجهة المضيفة، إذ حسب الناطقين باسمهم، ليس من اللائق أن يملي الضيف على المضيف، برنامج زيارته، وهكذا توقفت أنباء الزيارة عند هذه النقطة.

طبعاً، لم يكن طلب مشعل اللقاء مع المرشد خامنئي عبثاً أو تطفلاً، فهو التقاه من قبل، وأي زيارة لطهران لا يتضمن برنامج عملها اجتماعاً بـ “القائد”، تعني تراجعاً في مكانة حماس ورئيس مكتبها السياسي لدى إيران ومرجعيتها ... وهذا أمر لا يريده مشعل ولا تقبل به حماس ... سيما وأن كثيرٍ من النقد و”الاتهام” قد وجّه إلى مشعل شخصياً بخذلان حلفائه القدامى والقفز من سفينتهم، ظناً منه أنها في على وشك غرق أكيد ... في المقابل، لم يكن “التبرير” الإيراني لعدم إبرام موعد بين الرجلين في محله، فقد قضت الأعراف الدبلوماسية و”البروتوكول” بأن يجري مسبقاً تحديد مواعيد الزائر وأجندة زيارته ... إيران، كانت تريد سبر أغوار مشعل وصحبه قبل اللقاء مع المرشد، فإن كانت الأجواء إيجابية، وإن قدمت قيادة حماس، ما يشي بـ “صدق التوبة والعودة”، سيُتمم اللقاء، ومن دون ذلك، ستبقى المحادثات دون سقف “الولي الفقيه”.

“عاصفة الحزم”، ومن قبلها التغيير الذي أعقب رحيل الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز في السعودية، وفرا لحماس فرصة للإفلات من تجربة “عودة الابن الضال” ... الملك سلمان والقيادة السعودية الجديدة، أظهرا انفتاحاً على جماعات الإخوان المسلمين، التي سبق للسعودية أن أدرجت بعض فروعها على لائحتها السوداء للمنظمات الإرهابية ... و”عاصفة الحزم” حظيت بتأييدٍ عملي من حماس، مثّل خروجاً على ما تدّعيه الحركة من “عدم تدخل” أو انحياز في الصراعات العربية البينية ... بالمناسبة السلطة الفلسطينية برئاسة محمد عباس، اتخذت الموقف ذاته، في توافق نادر بين طرفي الانقسام الفلسطيني حول قضية محددة، وبالضد مما تدّعيه السلطة أيضاً، من “عدم تدخل” أو انحياز في الصراعات العربية البينية.

على أية حال، لم تكن زيارة مشعل للسعودية مفاجأة، ولم تكن “التخريجة” التي جاءت بها، مفاجئة أيضاً، فلطالما استغلت مواسم الحج والعمرة، لغايات وأهداف من هذا النوع ... إنها “دبلوماسية الحج والعمرة” إن جاز التعبير ... أحاديث الاتصالات والمشاورات والترتيبات للزيارة، بين الدوحة “مقر مشعل” والرياض، وغالباً بوساطة قطرية، تطايرت قبل الزيارة بعدة أسابيع، فكان حدوثها من باب “تحصيل الحاصل”.

الزيارة من منظور حماس، تعني اصطفافاً في معسكر “عاصفة الحزم” حتى وإن كذب “جمال بن” في تغريداته ... ولن يقلل من هذا الأمر، أية تصريحات ستتحدث عن “علاقات متوازنة ومع الجميع” تسعى حماس في نسجها ... توقيت الزيارة، وتأييد عاصفة الحزم، يضعان حماس في مواجهة مع إيران وحلفائها، وهذا أمر من شأن حماس وحدها، أن تقرر به، وأن تتحمل استتباعاً نتائجه وتداعياته.

والزيارة التي لا يمكن عزلها عن جهود قطر للوساطة بين السعودية والإخوان عموماً، وحماس خصوصاً، تأتي في سياق تزايد الحديث عن “تهدئة طويلة الأمد” بين حماس وإسرائيل من جهة، ومناخات انفراج نسبية بين القاهرة وحماس من جهة ثانية ... صحيح أن عبد الرحيم علي، رئيس تحرير صحيفة البوابة المصرية، التي يقال أنها مقربة من المخابرات المصرية، تحدث عن فشل جهود الوساطة السعودية بين مصر وحماس، لكن الصحيح أن تقرير الصحيفة ذاتها، لم يغلق الباب في وجه استمرار المحاولات، بل تحدث عن جولة جديدة منها، سيما بعد أن أعطت زيارة مشعل للمملكة أكلها، وحصلت الرياض على ما أردته من تأكيدات وضمانات من قبل حماس، خصوصاً لجهة علاقاتها مع إيران وحلفائها.

أما الزيارة من منظور سعودي، فهي تندرج في سياق “استراتيجية الاعتماد على الذات”، بعد الإحساس العميق بالخيبة والخذلان من “الحليف الأكبر” في واشنطن، وهو إحساس لم يشفَّ أحدٌ عنه بأفضل مما فعل الأمير بندر بن سلطان في مقالته المنشورة في “إيلاف” والتي ترددت أصداؤها في مختلف أرجاء العالم ... وهذه الاستراتيجية تعتمد تجميع عناصر القوة والاقتدار، وإعادة بناء التحالفات والصداقات، بدءاً من الانفتاح على موسكو وانتهاء بتجديد التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين.

السعودية تريد حماس والإخوان في حربها المفتوحة على “التمدد الإيراني” ... وحماس، المقبلة على “تهدئة” والساعية للخروج من شرنقة الحصار في غزة، بحاجة للسعودية أكثر من حاجتها لإيران ... ووحدها الأيام المقبلة، بما تختزنه من تطورات، وربما مفاجآت، ستوضح النتائج التي ستؤول إليها سياسة “التنقل بين المحاور واللعب عليها”، بل وقد تتضح معها مصائر “نهج المقاومة والممانعة”.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من زيارة طهران «المعلقة» إلى زيارة الرياض «الناجحة» من زيارة طهران «المعلقة» إلى زيارة الرياض «الناجحة»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab