بقلم : عبد اللطيف المناوي
عادت من جديد قضية تهجير الفلسطينيين إلى دول عربية، ومنها مصر والأردن، وذلك بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تزامنا مع بدء اتفاق تهدئة فى غزة. إلا أن الموقف المصرى والأردنى الرسمى والشعبى على السواء كان حاسمًا برفض المقترح، الذى يبدو وكأنه حل موسمى يظهر مع كل أزمة.
والحقيقة لا أعرف على وجه التحديد لماذا يعود هذا المقترح فى كل مرة، ولماذا يدرج اسم مصر لاستضافة دائمة للأشقاء الفلسطينيين؟ لا أعرف لماذا يُطرح مقترح (الوطن البديل) بعد رفضه من إدارة الرئيس السيسى حاليًا، ورفض إدارات مبارك والسادات له من قبل. لا أعرف إن كان هذا عيبا فى الذاكرة الأمريكية والإسرائيلية، أم أن إصرار تل أبيب تحت قيادة نتنياهو وضغطه المستمر عليه، بالغ الشدة والتأثير بهذا الحد.
المدهش أنه فى كل مرة يُطرح يُقابل برفض قاطع، ثم يُطرح فى مرة أخرى بعد سنوات، ويُقابل بذات الرفض القاطع!.
فى هذه المرة، إصرار شعب غزة على العودة إلى أرضهم يدعم موقفهم، وبالتالى يدعم الموقف المصرى الرافض للرغبة الإسرائيلية فى تصفية القضية الفلسطينية. فبعد القصف اليومى المستمر على القطاع لمدة أكثر من عام، يسطر الفلسطينيون ملحمة كبرى فى قدرتهم على السير آلاف الكيلومترات للعودة إلى أرضهم، التى يدركون تمامًا أنها تحولت إلى أطلال. فتمسكهم بالأرض هذه المرة هو رسالة مهمة للعالم، إذ استفادوا من خطأ الخضوع للرغبة الإسرائيلية فى طردهم عن أرضهم، وترويعهم فى شتات مخيمات بلاد أخرى.
الرسالة المصرية الواضحة أنه لا بديل عن الحلول السلمية العادلة الدائمة، ورفض تصفية القضية على حساب تهجير أصحاب الأرض، هو أيضا رسالة مهمة للعالم، بأن يتحرك، فلا أمل فى حل (الوطن البديل)، ولا أمل فى أن تتغير المواقف والثوابت. فالفلسطينيون أصحاب حق وأصحاب أرض. والإدارة المصرية صاحبة حق وصاحبة سيادة ورأى بالغ الأهمية، باعتبارها الدولة المركزية والمحورية فى المنطقة.
رسالتنا جميعًا للعالم واضحة، أنه لا مجال إلا عودة الأرض لأصحابها، وعدم تغيير ديموغرافية المنطقة من جديد، ما يعرضها لنكبة أخرى، أراها أشد من نكبة 48.
التقديرات تشير إلى أن أكثر من 300 ألف غزاوى عادوا إلى أرضهم. وجدوها، ولم يجدوا الجدران والبيوت. لم يجدوا متعلقاتهم وأغراضهم. ومن وجدها لملمها محروقة أو ممزقة، وهو ما تريده إسرائيل. وجدوا الأرض ووجدوا الذكريات، ووجدوا شعوبًا تمد لهم يد العون برفض تصفية قضيتهم، وبدعمهم على القيام من جديد لبناء بيوت وذكريات، لعلها تغلق جرحًا تسعى آل الحرب والتدمير دائمًا على فتحه والعبث به.
المناورة الجديدة مرفوضة، طالما الشعب الفلسطينى يريد الحفاظ على أرضه، بالشكل الذى ينبغى عليه أن يفرضه على أحزاب أو قوى اعتادت على الحسابات الخاطئة. المناورة مرفوضة طالما قالت مصر: لا.