«قيد التأسيس»

«قيد التأسيس»

«قيد التأسيس»

 العرب اليوم -

«قيد التأسيس»

عريب الرنتاوي

ترددت هذه العبارة: “تحت/قيد التأسيس”، عدة مرات على مسامعي خلال الأيام القليلة الفائتة، هذا حزب تحت التأسيس، وذاك تيار قيد التأسيس، وثالث “حراك” في طور التأسيس..كثرة كاثرة من الأسماء والمسميات التي تنتهي بهذه العبارة أو عبارة أخرى على شاكلتها وطرازها. هذا الأمر يدلل على جملة من الظواهر أهمها: أولاً: أن جميع الأحزاب القائمة (وليس معظمها فقط) ليس مقنعاً، أو ما عاد مقنعاً لقطاع من الناشطين أو الطامحين لأن يكونوا كذلك، وإلا لما اضطر هؤلاء لتجشم عناء المجازفة بتشكيل أحزاب وتيارات وحراكات، ودائماً “قيد التأسيس”. ثانياً: أن قانون الأحزاب الساري لعام 2012، ليس قانوناً صديقاً للأحزاب السياسية، فإجراءت تأسيس وترخيص الأحزاب السياسية بموجب هذا القانون، صعبة إلى الحد الذي سيجعل من هذه الأحزاب والتيارات، تقضي عمراً مديداً وهي “قيد التأسيس”، فأنى لمجموعة شبابية أن تجمع من حولها 500 عضو مؤسس من خمس محافظات، من بينهم خمسين امرأة، هذا جهد لا تتوفر عليه أحزاب قائمة (نشك أنها تضم 500 عضو، بمن فيها بعض الأحزاب التاريخية)..الأمر الذي يوجب إعادة النظر في هذا القانون، الذي يعتبر بكل المقاييس انتكاسة للوراء (عشرين عاماً) حتى بالنسبة لقانون 1992. ثالثاً: أننا مجتمع لم يتقن بعد، أبجديات العمل الجماعي والتشاركي، مجتمع من الأفراد الذين تنتظم قطاعاً واسعاً منهم، العلاقات القرابية وروابط الدم، نكره العمل الجماعي والجمعي، ونفضل عليه العمل بمأثورنا الشعبي “العب وحدك تيجي راضي”..فلا أحسب أن كل من هم “قيد التأسيس” يتوفرون على رؤى سياسية وإيديولوجية وبرامجية (ربما بعضهم)، لا نظير لها في أوساط 23 حزبا سياسيا مسجلا، هذا..وهذه ظاهرة عميقة في بنياننا وثقافتنا الاجتماعية، وتجربة الـ”61 قائمة انتخابية” المتنافسة على 27 مقعدا نيابيا، هي نموذج دال على ما نقول ونذهب إليه. رابعاً: في النظر لهذه الظاهرة، من زاوية “نصف الكأس الملآن”، نقول أنها تعكس توقاً وتطلعاً للعمل الحزبي والسياسي، يتزايد باطراد، ويجرف إلى صفوفه فئات جديدة من المجتمع، لم يُعهد عنها، ميلها للعمل الوطني العام، وبالذات للعمل السياسي والحزبي، وهذه واحدة من تداعيات ربيع العرب وثمار الحراك الشبابي والشعبي الأردني طوال العامين الفائتين، وهي تعبير عن حالة “طلاق بائن” بين هذه الفئات وثقافة الخوف التي هيمنت عليها لسنوات وعقود طوال. لم يمض وقت طويل على إقرار قانون للأحزاب السياسية، لكن الحاجة لتعديل القانون تبدو شديدة الإلحاح..شريطة أن يتوفر التعديل على تسهيل عملية إنشاء وتكوين الأحزاب (علم وخبر)، وبخمسين عضوا مؤسسا أو أقل (لا أكثر)، على أن تصاغ بقية بنوده ومواده بعيداً عن “عقلية الطوارئ والأحكام العرفية”، ومن على قاعدة أن العمل الحزبي “قيمة مضافة” للعمل الوطني العام، وأن الأحزاب ليست “مدانة ما لم يثبت العكس”، بل ضرورة وشرط للتحول الديمقراطي والحكومات البرلمانية، ومقدمة لا بد منها لإنتاج برلمان مغاير، قادر على القيام بأدواره الرقابية والتشريعية والتمثيلية، والأهم، قادر على إنتاج حكومات برلمانية، قولاً وفعلاً، شريطة ألا يُرتب ترخيص أي حزب سياسي أية أعباء إضافية على الخزينة، فالحزب المشارك في الانتخابات والفائز فيها، يحصل على نسبة مماثلة من الدعم المالي، وبخلاف ذلك، ندخل في باب فساد وإفساد الحياة الحزبية. نقول ذلك ونحن ندرك أن إصلاح قانون الانتخاب والعملية الانتخابية، هو القناة الأهم للنهوض بالعمل الحزبي والسياسي والبرلماني والحكومي سواء بسواء..لكن ذلك لا يمنع من المطالبة بإلغاء قانون الأحزاب، الذي يكاد يكون “ملحقاً” بقانون العقوبات، وأقترح أن يجري بحث القانونين معاً، وكرزمة واحدة، ومن النقطة التي انتهت إليها لجنة الحوار الوطني، وليس من النقطة التي آل إليها مشروعا القانونين المذكورين (قانون الأحزاب وقانون الانتخاب). قيد التأسيس عبارة يمكن احتمالها لأشهر أو أسابيع عدة، لا أكثر ولا أكثر، بيد أنها بالنسبة لكثيرين، باتت جزءا من اسم الحزب أو التيار، لا تفارقه منذ سنوات، ولا أدري متى ستتمكن هذه الجماعات من التحرر من “قيد” التأسيس كما رسمه وقرره قانون الأحزاب..ثمة دول تأسست بعد البعض من هذه التيارات والأحزاب، وصار لها مطرح على خرائط العالم، في حين أن حزباً أو تياراً سابقاً في تأسيسه، ما زال يرسف في قيود التأسيس، فهل يعقل ذلك؟!

arabstoday

GMT 01:19 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين: كثر الكلام وقل الخبز

GMT 01:12 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

أزمات الحوار الديني والاستراتيجي

GMT 01:10 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الجامعات الغربية: غزو مزدوج

GMT 01:07 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

ماذا يفعل وزراء التعليم؟

GMT 01:05 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 01:03 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

جنون من «هارفارد»

GMT 00:58 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

كان الأصح ولا يزال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«قيد التأسيس» «قيد التأسيس»



أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:03 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

السودان... العودة المنتظرة

GMT 14:29 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصف مدفعي إسرائيلي على وسط رفح الفلسطينية

GMT 04:07 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فيضانات عارمة تضرب شرق إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab