«تكوين»

«تكوين»

«تكوين»

 العرب اليوم -

«تكوين»

بقلم - سحر الجعارة

«قد أختلف معك فى الرأى، ولكنى مستعد أن أدفع حياتى ثمناً لحقك فى التعبير عن رأيك، (فولتير)»، هذه مقدمة لا بد منها، وعليه: كنت أتساءل كثيراً: ما سر رحيل الباحث المكفّراتى «عبدالله رشدى» من مصر إلى أمريكا؟؟. وبدأت الإجابة تتضح عندما أخذ يهاجم آراء الدكتور «على جمعة»، مفتى مصر سابقاً، التى وردت فى برنامجه الرمضانى، وكأنه إما قرر «أو تم تكليفه» بالإقامة خارج مصر بعيداً عن طائلة القانون وتصفية مَن يراه «خصماً»، أو يقوم بهذا الدور لحساب شخص أو جهة ما!!.

لكن الآراء المستنيرة التى طرحها «جمعة» لم تتأثر بغوغائية «رشدى» الذى اتضح أنه «قبضاى الدعوة» فتم استدعاؤه من أمريكا لمواجهة المؤسسة الوليدة لنشر الفكر والاستنارة والمعرفة «تكوين» وما إن وصل أرض المطار حتى أثار الغبار والأتربة وأطلق رياحه حتى أعمانا وضاقت الصدور من لهجة التهديد والوعيد وكأنه على وشك الدخول فى «مصارعة - مناظرة» للإطاحة برموز تكوين، وهى «مهمة مدفوعة الأجر» مستعرضاً عضلات الفتونة والبلطجة لا الحوار، لأن الحوار لغة لا يفهمها!.

وفى بلد لا يفرّق شعبه بين «الفكر والمعرفة والثقافة».. ويعانى تشويه المصطلحات: (العلمانية كفر، والليبرالية تعنى أن أمك تقلع الحجاب) يستغل «القبضاى» ملايين المتابعين له على السوشيال ميديا لتشويه معنى التنوير ووجه «تكوين».

تربطنى بـ«تكوين» صداقة فكرية وعلاقة إنسانية ببعض أعضاء مجلس أمنائها، لكننى حتى الآن أتطلع لدورها القادم فى تثقيف شعب حُرِم الثقافة وتم تغييبه وتغريبه عمداً، وتشوه وعيه الدينى حتى أصبح البعض يقدّس الفقهاء والسفهاء وذوى الهوى والمصالح.. لقد تمكن الإسلام السياسى من العمود الفقرى للبلد.

وبقى الرهان على «الثورة العقلية» للقضاء على التطرف وتجفيف منابع الإرهاب، وهذا يحتاج إلى «فرسان» يتقدمون المسيرة، ولكن هؤلاء لا نقدمهم «قرباناً» لتيار التكفيريين ولا نضحى بهم فى معركة غير متكافئة بين جيش مدجج بالمال ومحصن ضد الإصلاح والتغيير.

فإذا سلّمنا بأن التنوير هو ثورة عقلية بالأساس، وتخليص للإنسان من هيمنة ووصاية رجال الدين (أى دين)، فهذا يُدخلك مباشرة فى صراع محسوم لصالح المؤسسات الدينية صاحبة اليد الطولى فى التشريع، والذين بيدهم أداة ساحقة للتنويريين أنفسهم، وأعنى بها المادة (98 و) من قانون العقوبات، المعروفة اصطلاحاً بقانون ازدراء الأديان، فكيف يثور العقل فى وجه الخرافات والمعجزات التى تم تكريسها وتعظيمها حتى أصبح رجل الدين نفسه «شبه مقدس»؟

أنا لن أتحدث -اليوم- عن أشخاص، فما يعنينى أولاً «الفكرة» ودعمها للوصول إلى أهدافها، وقد وُلدت «تكوين» لحسن الحظ فى «حضن الدولة»، فرعاية الدولة لها هامة جداً أولاً لتمكينها من أدوات «الوصول إلى الناس» وأهمها الإعلام، كذلك تقديم الدعم اللوجيستى لفعالياتها (مثل تدشين حفل الافتتاح فى المتحف).. والأهم من ذلك كله أن يكون صوت هذه المؤسسة مسموعاً لدى الدولة إذا ما ناقشت قانون ازدراء الأديان أو خانة الديانة فى البطاقة (هذه قضايا مجتمعية مدنية وليست دينية).. إذا ما تحدثت عن حرية التعبير فى الرأى والإبداع فى السينما والمسرح: هذا البلد حوكم فيه الشاعر «حلمى سالم» على قصيدته الشهيرة «شرفة ليلى مراد» التى نُشرت بمجلة «إبداع» الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب عام 2007، وأغلقت المجلة، كان يحارب فيها أنصار الظلام المعادين للإبداع الذين فسروا قصائده الشعرية تفسيرات بعيدة تماماً عن الإبداع، بقوانين خاصة بهم، أدخلت قصائده فى تفسيرات دينية لإثبات تهمة الخروج من الإيمان، وبرغم ذلك خرج منتصراً من كل الاتهامات التى توجَّه له بالكفر.. وحوكمت أستاذة جامعة لأنها أعطت قصيدة أخرى للطلبة (ملحوظة هذه رؤيتى لدور تكوين من قراءة أهدافها).. إذن «الحرية بلا حصانة» وأنا أعتبر مثل هؤلاء الآن حراس الحرية فى مصر.. وإن تمكنوا فى بعض العواصم العربية، فهذا ما أتمناه.

لكن التيار الكاره للحياة، المحب لدولارات اليوتيوب بالفضائح والتشويش على كل بداية مبشرة، قرروا محاسبة فرسان مصر «الدكتور يوسف زيدان، إسلام بحيرى، إبراهيم عيسى) بطريقة محاكم التفتيش والشق عن القلوب والتفتيش فى النوايا (تحت قيادة رشدى وعبدالمنعم فؤاد) وبدأوا مبكراً حملة التكفير وهو «تحريض مباشر على القتل» تم على شاشات إخبارية - عربية دون أن يحاسبهم أحدٌ كالعادة. لم أشأ أن أنظر فى التنوير ولا فى حرية العقيدة وأنا هنا لا أدافع عن شخص بعينه، فنحن ندافع عن الفكرة وندعمها ونثق فى القائمين عليها ونناشد الدولة مزيداً من الدعم.. أما الموقف الرسمى والشعبى من حرية العقيدة المنصوص عليها فى القرآن فأكتب عنه العدد القادم.

مبروك لمصر ثورة عقولها ومن خلفهم ملايين الشباب والنساء والمثقفين والبسطاء الذين يؤمنون بالعقل المصرى والضمير الوطنى والوعى الدينى.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تكوين» «تكوين»



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab