بقلم : عبد المنعم سعيد
هزمت إسرائيل عندما توقفت جميع أركان سياستها الدفاعية عن الفعل فى ميدان الحرب. أولا - توقفت إستراتيجية الحرب السريعة عن العمل، وطال زمن القتال إلى ما زاد على 15 شهرا وهو ما لم يحدث فى أى من الحروب السابقة. وثانيا - إن نقل الحرب إلى قطاع غزة منذ الأيام الأولي، نقَل الحرب أيضا إلى داخل إسرائيل التى بات عليها الدفاع عن مدنها وسواحلها. وثالثا - إن طول الزمن واتساع القتال جعلا قدرتها على إبقاء عمليات التعبئة قائمة ذات تأثير سلبى على الطاقة الاقتصادية الإسرائيلية. ورابعا - إن الدولة التى كانت تعيش فى سعادة سجلتها فى ترتيب عالمى لأصحاب السعد؛ أخذت نفسها إلى حالة من التعاسة دفعت بشعبها إلى الخارج. وخامسا - إن الفخر الإسرائيلى بالقدرة على الحرب وحدها انكشفت عندما تدافعت الأساطيل والأسلحة والمعونات ليس من الولايات المتحدة وحدها التى قدمت القدر الأكبر من حاملات الطائرات ومليارات الدولارات، وإنما جاءت من ألمانيا وبريطانيا وباقى الدول الأوروبية. وعندما قدمت واشنطن إلى إسرائيل أحدث تكنولوجياتها فى الدفاع ضد الصواريخ - ثاد - فإنها أرسلت معها قواتها لإدارتها. تحييد إيران فى الحرب لم يكن إسرائيليا وإنما كان أمريكيا بامتياز. وسادسا - إن المفاجأة لإسرائيل لم تكن فقط فى 7 أكتوبر وإنما تعددت المفاجآت الخاصة بالأنفاق، والأهم بالتكنولوجيات العسكرية للصواريخ والمسيرات.
لم تخرج إسرائيل من الحرب سليمة معافاة، وإنما فوق كل ما قيل كان هناك أكبر انهيار لسمعتها بالعالم كقوة تكنولوجية كبرى، كممثل لحالة من الظلم والاضطهاد التاريخي، وأصبحت متهمة أمام محكمة العدل الدولية، وقادتها أصبحوا مطالبين للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتحولت أمام العالم وشباب الجامعات خاصة من ضحية نتيجة الظلم التاريخى إلى ظالمة وقاتلة لشعب أعزل. اكتسبت معاداة السامية - بمعنى اليهود - دفعة كبرى فى جميع الدوائر العالمية، ولم يبق فى صفها إلا المتعصبون والمتشددون والكارهون للفلسطينيين والعرب والمسلمين؛ أى العنصريون الذين ينقلبون إلى أعداء وكارهين لكل من يختلف معهم.