الدين يجعلك أكثر إنسانية

الدين يجعلك أكثر إنسانية

الدين يجعلك أكثر إنسانية

 العرب اليوم -

الدين يجعلك أكثر إنسانية

بقلم - سحر الجعارة

عندما دعا الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون»، قبل عامين، لمحاربة «النزعة الإسلامية الراديكالية» الساعية إلى «إقامة نظام موازٍ» فى فرنسا.. كنا أولى الناس بفهم التدابير التى اتخذها ليحول دون ذلك.. مثل فرض إشراف مشدد على المدارس الخاصة الدينية: المدارس يجب أن «تدرب مواطنين وليس مؤمنين»!.

هذا ما يفهمه الغرب الآن بعد موجات متعاقبة من الإرهاب.. فالصورة الذهنية التى تشكلت لدى المواطن فى الغرب عن العرب المسلمين مكتسبة من شبح «أسامة بن لادن»، من أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار مركز التجارة العالمى، مهما قلت إنها «مؤامرة استخباراتية» لشن الحرب الكونية على الإرهاب كمظلة لإسقاط الأنظمة العربية تحتها.. فالمواطن هناك تعامى عما جرى فى سجن «أبوغريب» وسقوط بغداد فى 2003، ولم ير إلا صور جثامين الجنود العائدة من حرب مفتوحة تفرقت فيها دماء العرب بين كهوف أفغانستان وبغداد.

«الهجوم على سلمان رشدى اعتداء على المجتمع الليبرالى ذاته».. هذا العنوان لصحيفة «الديلى تلجراف» البريطانية، يوضح لنا أن القضية ليست «كفر أو إيمان»، بل هى قضية الحرية بمفهومها الواسع وتعزيز قيم التحرر والمساواة وترسيخ قيم العلمانية فى التعليم والحياة العامة.

المفترض أننا من أكثر الدول التى عانت من تيار «الإسلام السياسى»، صحيح أننا لم نصل إلى حد الاقتتال مثل ما حدث فى شوارع «الرقة»، لكننا عشنا عاماً تحت حكم «الإخوان» نقاوم الفاشية الدينية ونتعرض لهجمات ميليشيات «المغير».. وبعد أن نجونا لم نرفع لافتة «العلمانية هى الحل»، لم نكرس آليات التحرر من الخطاب الرجعى المتلحف بالدين، ولا فعلنا قيم المساواة والتحرر.. لا يزال المواطن المصرى يعتبر العلمانية مرادفاً للكفر (العلمانية تعنى فصل الدين عن الدولة)!.

ما قلته ليس دعوة لقبول «آيات شيطانية» ولا لقتل كاتبها كذلك.. إنها دعوة لإعمال العقل وطرح التساؤلات والبحث عن إجابات موضوعية: إذا كان العالم المتقدم لا يفكر فى حماية مقدساتنا الدينية، ولو على سبيل المجاملة، حدث هذا فى كاريكاتير «شارلى إيبدو» المسىء للرسول، عليه الصلاة والسلام: «المقدس» الذى تعبده ويحتل عقلك ليس مقدساً فى بلدان كثيرة، والمسكوت عنه فى وطنك مستباح ومعترف به فى أوطان أخرى.. أوطان لا تقتل إنساناً بجريمة رسم ترى «أنت» أنه مسىء.. نعم أتحدث عن أمريكا والغرب الكافر.. فهناك تكون الحرية أحياناً هى «الحقيقة»، وأحياناً تكون «وجهة نظر».. قطعاً أنت لا تصدق أن الأديان الإبراهيمية تحتمل أن تكون «وجهة نظر»، ولا أن الرسل يمكن المساس بقدسيتهم، ولا الروح ولا الخالق مجال للمناقشة.. هم لا يضعون دساتيرهم وقوانينهم على مقاس «مقدساتك»، بل بحسب مقاييس علمية تخضع للعقل وحده.

لا تتخيل أنهم فى المقابل يحمون مقدساتهم، خلال 2016-2017 قدم النجم الأمريكى الشهير «مورجان فريمان» سلسلة أفلام وثائقية حول المفاهيم الأساسية والوجودية لأكبر الأديان على سطح الأرض، مركزاً على السماوية منها (الإسلامية، والمسيحية، واليهودية)، إلى جانب استعراضه لمفاهيم دينية تاريخية تعود إلى مصر القديمة والهندوس والبوذية.. وعُرض على محطة «ناشيونال جيوجرافيك».. نعم تستطيع أن تطرح أسئلة حول ماهية الروح، كيف ترى معظم الأديان الحياة بعد الموت؟ وما فكرة الحضارات المختلفة عن الخلق؟.. تستطيع أن تسأل من هو الله؟ كيف تستدل على وجوده؟.. إلى آخر الأسئلة الوجودية.. دون أن تُعتقل أو تُعلق على المشنقة.. هذه هى «الحرية» كما يؤمنون بها ويمارسونها.

فى أمريكا والغرب «بلاد الكفار» لا توجد تهمة تسمى ازدراء الذات الإلهية ولا الأديان، ولا يوجد عندهم كتائب «حسبة دينية».. واعتراضك على قواعدهم ونمط حياتهم يدخلك فوراً دائرة «الإسلاموفوبيا».. لو تصورت أن هذا «اضطهاد للمسلمين»، فتذكر أن أمريكا (ذات الأغلبية المسيحية) نشرت فى عام 2003 رواية «شفرة دافينشى»، وهى رواية تتناول علاقة السيد المسيح «عليه السلام» بـ«مريم المجدلية».. وفى عام 2006 تحولت الرواية إلى فيلم روائى أمريكى.

الآن، العالم ليس ملزماً بالدفاع عن مقدساتك، ولن يقبل عبارات من عينة: الإرهاب لا دين له، والفكر لا يقابل إلا بالفكر.. عليك الآن أن تنقى تراثك الدينى من كراهية الآخر والقتل «الجهاد» وسبى النساء وأكل لحم الأسير والاستعلاء الدينى ووصم الآخرين: خذ من الدين ما يجعلك أكثر إنسانية.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين يجعلك أكثر إنسانية الدين يجعلك أكثر إنسانية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab