لبنان تصعيد خارج السياق

لبنان: تصعيد خارج السياق

لبنان: تصعيد خارج السياق

 العرب اليوم -

لبنان تصعيد خارج السياق

وليد شقير

يمر الوضع في لبنان بمفارقة عجيبة غريبة هذه الأيام، فيشهد تصعيداً لأزمته السياسية بمنحى يوحي بأنه منفصل عما يجري في المنطقة.

فالأزمة السياسية المتعلقة بالشغور الرئاسي الذي هو أصل التأزم الراهن، تتجه نحو درجة من السخونة، بعناوين تبدو للوهلة الأولى أنها داخلية صرفة، وأنها خارج سياق ذلك الارتباط المعروف، لما يدور على أرض البلد الصغير بالصراع الإقليمي، وبخيارات الرئيس الإقليمية وبمواقفه حيال المحاور القائمة، وبانتظار التسويات الخارجية التي تفك أسر الرئاسة فيها كورقة يمسك بها فريق الى أن يحين موعد الإفراج عنها.

وفي وقت شهد التفاوض على النووي الإيراني اتفاقاً على خفض تخصيب اليورانيوم، يشهد لبنان ارتفاعاً في درجة «تخصيب» المشاعر الطائفية حول الصلاحيات وآليات ممارسة السلطة، في شكل غير مسبوق. وفي وقت يجري الحديث بين الدول الكبرى على الإبقاء على حظر توريد الأسلحة الى إيران ومنع تصديرها للأسلحة، فإن فرقاء لبنانيين يستلون أسلحة من النوع الذي قضى إنهاء الحرب الأهلية في لبنان منذ عام 1990، بالإقلاع عنها وبتجريد من يستخدمونها منها. والحديث هنا عن أسلحة التعبئة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، والتي لا أفق لها لأن لا مجال لإيصال هذه التعبئة الى درجة استخدام الأسلحة النارية لتحقيق غايتها.

بل ان ما يدل على أن التأزم الأخير الذي يشهده لبنان هذه الأيام بفعل رفع تيار أساسي ووازن فيه، مثل العماد ميشال عون شعار «استعادة حقوق المسيحيين المسروقة»، هو خارج السياق الطبيعي لما يجري في الإقليم، هو أن همّ قادة المنطقة والقادة اللبنانيين كيفية تجنب الانزلاق الى الفتنة المذهبية السنية الشيعية، فإذا بالتعبئة المسيحية - الإسلامية تطل برأسها، لتعيد لبنان الى نقطة الصفر، فوق ما يتحمله السنّة والشيعة معاً.

ومع أن مناصري عون يستظلون الجنون «الداعشي» والإرهاب التكفيري الذي يطاول المسيحيين في سورية والعراق ترهيباً وتهجيراً، ربطاً بما يجري في المنطقة، لممارسة التعبئة التي يمارسونها، فإنهم يتجاهلون ضرر ممارسات الإرهاب وثقله على السنّة والشيعة معاً في أرجاء المنطقة، وفي عقر دول الخليج، فيجهضون بذلك أي أحقية لهم في إثارة ما يعتبرونه مظالم تقع عليهم نتيجة لعدم التسليم بالرئاسة لمن يمثلهم. لن تتوقف الطوائف اللبنانية قاطبة عن تضخيم مظالمها، وتظهيرها بحكم النظام الطائفي الذي يحكم لبنان، ومن ضمنها الطائفة المسيحية.

من الطبيعي أن يشمل هذا التضخيم الذي بات جزءاً روتينياً من الحياة السياسية اللبنانية، الطائفة المسيحية، تارة تحت شعار الخصوصية، وأخرى بحجة التوازن وثالثة باسم المشاركة، وفي الآونة الأخيرة، وفي معرض طرح حقوق المسيحيين، أثيرت حجة «الداعشية» ضد المسيحيين في المكان الخاطئ، بهدف تضخيم الظلامة التي تلحق بهم. فاتهام رئيس الحكومة اللبنانية تمام صائب سلام، أحد رموز الاعتدال والانفتاح والحداثة والوسطية، بالممارسة السياسية «الداعشية»، كفيل وحده بجعل هذه التعبئة لا تستقيم.

كل ذلك يجعل التصعيد الذي يتحكم بالمشهد اللبناني خارج السياق الإقليمي والدولي ويضعه في خانة العبثية. وإذا كان مطلب قوى كثيرة، لا سيما خصوم «حزب الله»، هو تحييد لبنان عن الصراع في سورية والمحاور الإقليمية، وبالتالي دعوة الحزب الى الانسحاب من الحريق السوري، لتجنيبه مفاعيل ربطه بها، لم يلق التجاوب، فإن محاولة إلباس فرقاء داخليين ثوب «الداعشية»، هو محاولة غير واقعية لإعادة ربط لبنان بأزمات المنطقة، يتخوف منها المسيحيون قبل غيرهم لأنه يصعب إقناعهم بأن تمام سلام أو سعد الحريري يمكن وصمهما بهذه الصفة، حتى لو اقتضت التعبئة الإعلامية ذلك. وحتى الجمهور المتعاطف مع طموح عون لما يقول إنه استعادة للحقوق سيتردد بالاقتناع لإدراكه أن حليف عون نفسه، «حزب الله»، يستعين برمزية سلام والحريري من أجل مواجهة «الداعشية»، وحتى ما هو أقل منها خطراً على لبنان.

arabstoday

GMT 04:06 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

صاحب الزاوية

GMT 04:04 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الدخيل وشفافية الذكاء الاصطناعي

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

«ديب سيك» كلحظة جيوسياسية

GMT 04:00 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

حرب ترمب الاقتصادية

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

«رؤية 2030»... أنموذج فريد

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الرياض تحتضن دمشق

GMT 03:55 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

مواجهة التهجير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان تصعيد خارج السياق لبنان تصعيد خارج السياق



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab