«وليمة» نصرالله وذوبان الثلج

«وليمة» نصرالله وذوبان الثلج

«وليمة» نصرالله وذوبان الثلج

 العرب اليوم -

«وليمة» نصرالله وذوبان الثلج

وليد شقير

لم يكن صدفة أن يستبق الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله دعوته مخالفيه في الرأي حيال تورطه في الحرب في سورية، إلى الذهاب معه إلى سورية والعراق، بابتسامة واضحة، فهي أضفت على الدعوة مسحة من المزاح، لإدراكه شدة التباعد بينه وبين خصومه حيال الوليمة التي «يعزم» هؤلاء إليها.

والوليمة هذه تستند إلى نظرته الى الصراع في المنطقة، والتي ضمّنها في كلمته الإثنين الماضي دعوةً أخرى، إلى أن «تعمل الحكومات في المنطقة على تجميد الصراعات القائمة ومعالجتها». وجّه هذا الكلام إلى المملكة العربية السعودية والدول الخليجية، التي منّنها بأن من يقاتلون «داعش» في العراق يدافعون عنها ومنعوا وصول التنظيم إليها، وطالبها بأن «ابحثوا عن أسباب فشلكم في اليمن، حيث هناك ثورة شعبية حقيقية» يقودها «أنصار الله»، الحوثيون، وهو قال حرفياً: «لا تريدون أن تقرأوا يا جماعة الخليج، أليس لديكم من يقرأ لكم؟».

ولأن السيّد يرى أن مصير لبنان والعالم «يُصنع في المنطقة... والمطلوب أن تقارب الدول الخليجية ملفات المنطقة بطريقة مختلفة»، أسقط قراءته هو على مواطنيه اللبنانيين فدعاهم إلى «الوليمة» التي اضطر للانغماس فيها. هو لم يكتفِ بإسقاط تلك المقاربة على تيار «المستقبل»، بل ذهب إلى دغدغة «شعوره بالمسؤولية» مع حلفائه، بأنْ حرّضهم على التصرف مثل «القوى الكبرى والدول المحترمة والجيوش القوية في العالم» بالذهاب «إلى أي مكان نواجه فيه تهديد الإرهاب». وهنا بيت القصيد، فـ «الوليمة» الفعلية عندما يحل الربيع و «يذوب الثلج»، هي في إلحاق الهزيمة «بسهولة» بالتهديد الإرهابي على الجبال في جرود عرسال. وكل المقاربة، التي أراد منها السيد نصرالله القول إن مواجهة التحالف الدولي مع «داعش» فاشلة، هدفت إلى إقناع الشركاء بتغطيتهم المعركة المقبلة التي يخطط لها، والتي من أجلها دعاهم للذهاب سوية إلى سورية. بلغ في إغرائه هؤلاء حد القول إن لا عودة إلى الوصاية السورية.

مع الهدوء الذي خاطب به نصرالله «المستقبل»، واستجابته مناشدة زعيمه الرئيس سعد الحريري الحزب وضع استراتيجية توحد اللبنانيين «في مواجهة التطرف»، فإنه أسقط من هذه الاستجابة، العبارة التي أكمل بها الحريري مناشدته بدعوته إلى التوحد في مواجهة «تداعيات الحروب المحيطة»، معتبراً أن «الرهان على إنقاذ النظام السوري يستند إلى انتصارات وهمية»، وأن «ربط الجولان بالجنوب جنون».

ليست المرة الأولى التي يعتبر فيها الأمين العام للحزب أنه في مصاف «الدول الكبرى»، وهو سبق أن اعتبر أن لبنان (قاصداً الحزب) تحول قوة عظمى إثر حرب تموز (يوليو) 2006، وليست المرة الأولى التي يتوهم فيها أن الحل السياسي آت إلى سورية، إذ مضت 3 سنوات وهو يبشر به ويطالب اللبنانيين والعرب الرافضين استمرار النظام، تضامناً مع الشعب السوري، بأن «يلحّقوا حالهم» في تسوية لم تأت، وهو مرة أخرى يتبنى اقتناع بعض حكام إيران بأنها دولة عظمى تقارع الدولة الأميركية العظمى. ولأنه ربط مصير الحزب ومعه لبنان بخطة انفلاش ايران الإقليمي، أعطى درساً عن أن «النأي بالنفس غير واقعي».

تأخر الحزب قبل أن يسلّم بأن خصومه السياسيين في «المستقبل» وحلفائه، يقفون في وجه الإرهاب الداعشي، لأن خطابه التعبوي كان يحتاج إلى وصمهم بأنهم «بيئة حاضنة» له.

وهو اقتنع بذلك لأن هؤلاء الخصوم وقفوا ضد «تحويل المعارضين السوريين لبنان ساحة لتصفية الحساب» (بيان الحريري قبل 4 أشهر) مع الحزب عبر السيارات المفخخة واقتحام عرسال في آب (أغسطس) الماضي، وساهموا في تغطية أجهزة الدولة لمواجهة انتقال هذا الإرهاب إلى لبنان، بعد أن حصد الحزب الخيبة إزاء توقعه نهاية قريبة للحرب في سورية. لكنه يسعى إلى تحويل التوافق في مواجهة الإرهاب إلى أرضية لمماشاة سياسته في الإقليم. وبحجة أن هذه المواجهة «دفاع عن الإسلام لا عن محور»، يريد من معارضي هذا المحور أن ينضموا إلى مشاريعه للمنطقة، التي «انعجنت وتُخبز من جديد». أما خصومه فأخرجوا أنفسهم من أي تورط منذ موقف الحريري ضد حملة «الائتلاف الوطني السوري» على الجيش.

«وليمة» ما بعد ذوبان الثلج، التي اعتبرها نصرالله «استحقاقاً يتطلب قراراً بالتنسيق مع الجيش السوري والحكومة السورية»، هي دعوة الى تغطية لبنانية رسمية وعسكرية لإلحاق لبنان بالحرب، وعلى الأراضي السورية، بحجة أن «من يريد أن يقرر مصير لبنان يجب أن يكون حاضراً في المنطقة».

كيف يمكن أن يقتنع من يسمع الدعوة إلى الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية من دون انتظار ما يجري في الخارج، إذا كان الحزب يخاطب اللبنانيين من الخارج؟

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وليمة» نصرالله وذوبان الثلج «وليمة» نصرالله وذوبان الثلج



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab