«تخصيب» الإنفلاش الإيراني

«تخصيب» الإنفلاش الإيراني

«تخصيب» الإنفلاش الإيراني

 العرب اليوم -

«تخصيب» الإنفلاش الإيراني

وليد شقير

في كل مرة تستعرض إيران قوتها في المنطقة تلجأ الى تضخيمها من جهة، والى تحييد الأنظار عن الهدف الحقيقي من وراء هذين الاستعراض والتضخيم من جهة ثانية.

ومن دون التقليل من تنامي قدراتها العسكرية والتكنولوجية والصاروخية، كما ظهر في مناورات «الرسول الأعظم»، التي نفّذها «الحرس الثوري» عند مضيق هرمز وبحر عُمان والخليج العربي أول من أمس وأمس، فإن قائد «الحرس» اللواء محمد علي جعفري تحدث عن امتلاك قواته «قدرات منقطعة النظير لا نرغب باختبارها إلا إذا اقتضت الضرورة». وزاد عليه قائد قواته البحرية بأن «العدو لا يعرف إلا القليل مما لدينا من قدرات» في سياق التدريب خلال المناورة على تدمير القوة البحرية الأميركية.

يلخص القادة الإيرانيون بكلامهم قدراتهم بأنها تمكنهم من تهديد أمن المضيق الذي يربط بين مياه الخليج وخليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي كمنفذ لدول خليجية نفطية، تعبره يومياً من 20 الى 30 ناقلة نفط، تحمل 40 في المئة من النفط المصدّر عبر البحر الى سائر أنحاء العالم. وهو مبرر كاف لتدمير أي قوة تهدد أمن تدفق النفط كمسألة استراتيجية تبقى من أولويات الدول الكبرى وفي طليعتها أميركا، حتى في ذروة انكفائها من المنطقة وسياسة باراك أوباما الاستدارة نحو المحيط الهادي في بناء النفوذ والتحول الذي طرأ على أهداف واشنطن البعيدة المدى في القرن الحالي.

التضخيم يكمن هنا في الإيحاء بالقدرة على السيطرة على تلك المنطقة، فيما هي قدرة على التهديد والإيذاء والتخريب لشل شريان دولي حيوي للعالم، أما تحييد الأنظار عن الهدف فيكمن في توجيه التهديد لأميركا، بحجة القول إن هذه القدرات هي لإرساء الاستقرار والأمن وحماية أمن المنطقة والدفاع عن مضيق هرمز مع دعوة دول الخليج والمنطقة الى الاتحاد والانسجام.

وكما في كل مرة تبرر فيها طهران توسيع انفلاشها الإقليمي الذي يستهدف دول الخليج العربي، تضفي على هذا التوسع شعارات مواجهة «الشيطان الأكبر»، الذي تتفاوض معه على تحديد نسبة تخصيبها اليورانيوم والرقابة على برنامجها النووي ومن ثم نفوذها الإقليمي، لإعطاء «شرعية» لانفلاشها هذا. تماماً مثلما تفعل حين تنفذ عبر الجبهة اللبنانية و «حزب الله» عمليات ضد إسرائيل لتضفي «شرعية» على خوضها الحرب في سورية الى جانب نظام بشار الأسد، التي باتت مصدر نمو العداء لها في البحر العربي السنّي.

«المحاكاة» التي توختها مناورات اليومين الماضيين لـ «العدو الأميركي»، تحاكي سياسياً أموراً أخرى: الوجود البحري الغربي، الفرنسي والأميركي في مياه المنطقة في سياق محاربة «داعش» والإرهاب مع التصريحات عن إمكان زيادة عدد الجنود الأميركيين على الأرض في العراق، حديث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن الحاجة الى قوات عربية تتولى محاربة الإرهاب في ليبيا ولاحقاً في غيرها ربما، وأخيراً الخطة المقابلة عند دول مجلس التعاون الخليجي لمعاكسة انقلاب الحوثيين في اليمن، بدعم شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، بعد أن اكتشفت واشنطن متأخرة ان طهران وراء هذا الانقلاب، على رغم معرفتها بوجود قادة إيرانيين في محافظة صعدة يديرون التفاوض بين الحوثيين وسائر القوى السياسية اليمنية، يعاونهم خبراء يقال انهم من «حزب الله» أيضاً، في مجالي التحركات العسكرية والمناورات السياسية.

مقابل تسليم المفاوض الإيراني بخفض تخصيب اليورانيوم في محادثاته مع دول «5+1»، يسعى «الحرس الثوري» الى مزيد من التخصيب لانفلاشه الاقليمي. فطهران تدرك ان الهدف الأول والأخير لرفع العقوبات الاقتصادية عنها، من وراء خوضها المفاوضات، لن يتحقق كاملاً في حال وصلت هذه الى نهايتها السعيدة سواء في مرحلتها الأولى الشهر المقبل، أم أواخر شهر حزيران (يونيو) المقبل. فهي لن تفضي الى رفع كامل العقوبات لأن جزءاً منها مرتبط بالكونغرس وليس بالإدارة وحدها، والجزء الآخر بدورها الاقليمي لا بملفها النووي فقط، حيث بعض العقوبات أميركي والآخر أممي (مجلس الأمن). وبالتالي ليس مجافياً للمنطق القول إن المناورات تحاكي المفاوضات أيضاً في إطار الضغوط المتبادلة التي باتت اسرائيل تشترك فيها عبر الأكثرية الجمهورية في الكونغرس. فإسرائيل تسعى إلى أن يشمل التفاوض أمنها حيال القوة الصاروخية الإيرانية.

جل ما تقوله مناورات ايران إن الأمن الاقليمي يتحدد في ضوء الأثمان التي ستحصل عليها في عملية تقاسم النفوذ في المنطقة، بعد هذا القدر من نجاحها في «تصدير» قواتها وخبرائها وميليشياتها.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تخصيب» الإنفلاش الإيراني «تخصيب» الإنفلاش الإيراني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab