لبنان وفلسطين والأصولية الجهادية

لبنان وفلسطين.. والأصولية الجهادية؟

لبنان وفلسطين.. والأصولية الجهادية؟

 العرب اليوم -

لبنان وفلسطين والأصولية الجهادية

حسن البطل

واحد "قفش" على الفيسبوك هذه المفارقة: لبنان دولة بلا رئيس، وفلسطين رئيس بلا دولة! في ظاهر الأمر أن "القفشة" هذه موفقة من حيث المفارقة.
أما الحقيقة؟ لبنان وفلسطين بلدا حرب حتى قبل حروب اهتراء هذا "الربيع العربي".
البلدان والشعبان جرّبا شكلي الحرب: أهلية ووطنية.. والآن، تتراجع الأولى لصالح الثانية، حيث هناك في لبنان ما يشبه "وحدة وطنية" تدعم الجيش في معركته مع الجهاديين الأصوليين! وفي فلسطين "وحدة وطنية" خلف مقاومة في غزة تقودها فصائل إسلامية.
كان لنا شعار إبّان الحرب الأهلية اللبنانية، وهو: "لبنان وفلسطين تظلان معاً" فهل نقول إن هذين البلدين والشعبين سيشكلان سدّاً أمام استشراء الحركات الأصولية الجهادية؟
.. وهل أن "اتفاق القاهرة" العام 1968 بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية به وجه شبه ما يتوافق وفصائل المقاومة الفلسطينية على شروط هدنة نالت موافقة مصرية. قبل كامب ديفيد وبعده فإن لمصر رؤية في الصراع مع إسرائيل.
أرى أن المسألة أبعد من مفارقات وتشابهات واختلافات، إذ إنه في لبنان بالذات طوت م.ت.ف صفحة الحروب العربية ـ الفلسطينية.
الأهم من هذا، أنها تعلّمت في لبنان إدارة الصراع السياسي مستفيدة من مفارقات ديمقراطية عربية فريدة، حتى لو كانت طوائفية؛ وتعلمت في فلسطين إدارة صراع إرادات سياسي، مستفيدة من مفارقات ما يراه العالم (غير ما نرى نحن) ديمقراطية يهودية فريدة في المنطقة، لكنها، مع ذلك، آخر قوة احتلال من جانب دولة وجيش لشعب يطلب حق تقرير المصير.
بماذا يشترك اللبنانيون والفلسطينيون؟ أولاً في لسانهم "الفالت" في نقدهم لأساسيات الكيان اللبناني، كما لموضوعة الكيان الدولاني الفلسطيني.
بماذا يشترك النظام اللبناني والنظام الفلسطيني؟ ربما بدرجات مختلفة من الديمقراطية تبعاً لاختلافات تشكيل الشعبين، التي تتمظهر، مثلاً، بالأزمات الوزارية والسياسية ذات الاشتراكات الإقليمية والدولية، ومنها مفارقة ماثلة: لبنان دولة بلا رئيس، وفلسطين رئيس دولة بلا دولة. لم يقاوم أي شعب كما قاوم اللبنانيون والفلسطينيون الاحتلال الإسرائيلي.
للمقارنة، إذا نظرنا للأحوال الجارية لدول عربية تعاني حروباً طوائفية وعرقية ودينية، سنرى أنها كان ذات نظم استبدادية (العراق، سورية، ليبيا، اليمن) والشعب هناك كان يخاف النظام وسطوته الأمنية ويعاني قمعه.
في المقابل، الفلسطينيون واللبنانيون لا يخافون نظامهم، ولا يكفّون عن نقد سلبياته، بل أساسياته: هل الكيان اللبناني أزلي؟ هل من ضرورة لكيان فلسطيني؟
تجري في لبنان وفلسطين انتخابات، ويتم احترام نتائجها، خلافاً مثلاً لما جرى في الجزائر بعد فوز الإسلاميين في انتخابات 1991 (السخافة: في آخر انتخابات عراقية فاز صدام حسين بنسبة 100%)؟
صحيح أن لبنان أكثر تنوعاً في شعبه طوائفياً من شعب فلسطين، لكن لم يحصل أن قبل نظام عربي بفوز الإسلاميين في انتخابات كما جرى في فلسطين 2006. برلمان لبنان أكثر تنوعاً من برلمان فلسطين.
مهما قيل في نقد م.ت.ف فصائلياً ووطنياً، لكنها كانت تجربة فريدة في حركات التحرر الوطني، من حيث ممارسة ديمقراطية معينة، في إطار "وحدة وطنية" خضعت لاهتزازات سبقت الامتحان القاسي بعد الانشقاق الإسلاموي في غزة.
إن تعدد مشارب واتجاهات الرأي في الشعبين اللبناني والفلسطيني أمر صحي، حتى لو كان الخلاف اللبناني، قبل ثورات "الربيع العربي" عميقاً حتى التشكيك بالكيان، والخلاف الفلسطيني أساسيا حتى لو كان حول التشكيك بالدولة الوطنية، أو بجدوى المقاومة المسلحة إلى المقاومة الشعبية.. أو بجمع هذه إلى تلك إلى المقاومة السياسية.
المفارقة بين لبنان وفلسطين أن للشعب اللبناني، على تعدد طوائفه، ما يشبه "ثقافة حياة" تجمعه رغم خلافاته الطوائفية، لكن الشعب الفلسطيني أكثر انسجاماً، دون أن تتكون لديه، حتى الآن، "ثقافة حياة" تتعدى واقعه الصعب في أنه يخوض "معركة وجود".
أيضاً، أخذ "حزب الله" يفقد شيئاً من اعتباره كحزب احتكر وانتصر في معركة تحرير لبنان من الاحتلال، إلى حزب طائفة، لكنه يقف الآن داعماً للجيش اللبناني، كما معارضيه من الطوائف الأخرى، لكن في فلسطين لا يحتكر فصيل بذاته المقاومة للاحتلال (الانتفاضة الثانية).
الآن، تستعيد حماس شيئاً من اعتبارها مقاومة وطنية، ولو كانت إسلامية الاتجاه، بعد أن فقدت شيئاً من اعتبارها كحركة فائزة في انتخابات ديمقراطية.. والمطلوب هو أن تكون معارضة في إطار م.ت.ف.
معركة عرسال في جرود البقاع بين الجيش والأصوليين هي ثاني معركة يخوضها الجيش مدعوماً من الشعب وطوائفه بعد أهم معركة خاضها منذ تأسيسه، وكانت ضد "فتح ـ الإسلام" المشبوهة في مخيم نهر البارد، حيث وقفت الفصائل الفلسطينية بعيدة عن الانخراط فيها، والآن، تقف القوى والطوائف والأحزاب اللبنانية خلف جيشها في مواجهة الأصوليين الذين يهددون آخر ديمقراطية عربية في لبنان.
سبق للبنان أن تجاوز "معمودية" الحرب الأهلية دون أن ينقسم، وتجاوز "معمودية" الحرب الأهلية، ثم انقسم حول حزب الله.
في الخلاصة: لا يبدو أن لنجاحات الحركات الأصولية الجهادية في غير بلد عربي نصيباً في لبنان وفلسطين لأسباب ذكرتها، وأخرى غابت عن فطنتي.
لعلّ المفارقة اللطيفة بين لبنان وفلسطين هي أن الأولى شهدت رؤساء جمهوريات في الملمات كانوا قادة جيش (فؤاد شهاب، إميل لحود، ميشال سليمان) لكن لفلسطين رئيسا مدنيا لدولة ـ بلا دولة بعد رئيس منظمة كان قائداً مؤسساً للكفاح الفلسطيني.
هل فلسطين ولبنان سيشكلان سداً أمام امتداد الحركات الأصولية الجهادية المجنونة؟ هذا هو سؤال كبير.

 

arabstoday

GMT 05:02 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 04:56 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميع يخطب ود الأميركيين!

GMT 04:53 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 04:51 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موسم النزول إلى الوحل

GMT 04:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 04:46 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف العالمي لحل الدولتين لإقامة «الفلسطينية»

GMT 04:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 04:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وفلسطين والأصولية الجهادية لبنان وفلسطين والأصولية الجهادية



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 العرب اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:14 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مسؤولية حزب الله

GMT 02:44 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "أوسكار" يقتل ثمانية أشخاص في كوبا

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 05:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 14:32 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نعيم قاسم يؤكد أن برنامجه هو متابعة نهج سلفه حسن نصرالله

GMT 12:13 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يعتقل أكثر من 100 فلسطيني في شمال غزة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab