دردشة  هكذا

دردشة ... هكذا

دردشة ... هكذا

 العرب اليوم -

دردشة  هكذا

بقلم - حسن البطل

عيناه أكثر بريقاً من ذي قبل. القادم من تحت عباءة الموت يشعر أن النور أشد ضياء، والأكسجين أكثر وفرة في الهواء.
فجأة، قال: امسكني.. ففعلت، لأنه، قبل قليل، حكى لي كيف كان يستغيث بأقرب ممرض أو مريض في مستشفاه: «امسكني» فتحضنه من الخلف ذراعان قويتان تدعمان ذراعيه، عندما تطبقان على قفصه الصدري.
يسعل الصديق، ويبصق «نفثة» نصف سوداء من صدره. هذا هو «بلغم» راكمه في صدره 34 عاماً. والآن، يتخلص منه.
بعد أسبوعين من «عناية فائقة»، يراها مستحقها عذاباً فائقاً، حكى له أطباؤه ماذا فعلوا، وهو حكى لي: ثلاث عمليات في القلب، للشريان الأبهر، للصمام، ولعضلة القلب، التي ضغطت عليها «خثرة» دموية في حجم البيضة. أخرجوا له قلبه من قفصه الصدري، ثم أعادوه. ست ساعات لم يحسّ بشيء. أسبوعان من جحيم «العناية الفائقة».. وشهور طويلة سيحتاج إلى أي واحد يقوم بإمساكه بذراعيه.. حتى «يعطس» بسلام.
تذكرت كل تلك العبارات التشكرية، التي يزجيها لك أقرب إنسان عندما تعطس. تذكرت، أيضاً، كلمات فلسفية عن غرائب فسيولوجية في تركيب هذا الجسم الإنساني الفريد:
فتحتا الهواء والغذاء متقاربتان في وجه الإنسان، وبينهما ذلك الأخدود الصغير: «أخدود الموت»، لأن المخلوق يبدأ رحلة الموت من ساعة ولادته. يحتاج هواءً، يحتاج غذاءً.. يحتاج احتراقاً للهواء وللغذاء.
أيضاً، فتحتا التكاثر وطرد الفضلات متقاربتان.. وبينهما ذلك العرق «عرق الشهوة». 
فتح الصديق أزرار قميصه. أثر فاضح لشق من أسفل العنق إلى ما فوق السرّة بقليل، مع ثقوب جانبية.
قال لي أن أعرف ما أعرفه: هناك غضروف يصل عظام القفص الصدري. في العملية الجراحية للقلب المفتوح، أو للرئة، لا بدّ من قصّه. إنه لن يلتحم مرة ثانية تماماً، إذا كنت في منتصف العمر. يقومون بربطه. عندما تريد أن تعطس، تتذكر ماذا يقول أبوك لأمك (أو بالعكس). ربما العطاس يذكر بشهقة خروج الروح من الجسد. لذلك إذا عطست سمعت من «يتشكّر» لله.
استأذنته أن أدخن سيجارتي، فلم يمانع. لم ينصحني بشيء، لأنه سمع النصيحة، قرأها، عاشها مع موت أصدقاء له بسرطان الرئة أو بالسكتة القلبية. لم يتعظ.. إلا عندما صارت حياته في الميزان.
راح ذلك الصديق القادم من الموت إلى حياة أخرى خاتمتها الموت، يحدثني عن قراراته الجديدة، عن تأملاته. قال: هل تعلم ما هو «الموت الأرحم»؟ وقال: إنه الموت جوعاً. بعد أيام وأسابيع يدخل الجسد غيبوبة، وتأخذ الروح انقشاعة ضياء تزداد رحابة.
قال: هل تعلم ما هو «الموت الأشنع». وقال: إنه الموت عطشاً الذي يلي مرحلة الجِواد (بكسر الجيم).. كثيرون من الذين شارفوا على الهلاك عطشاً تحدثوا عن الجحيم. أما الذين شارفوا على الموت جوعاً، فإن بعضهم يحتاج إلى عملية تغذية.. قسرية، ربما لأنه يسافر إلى الحلم، إلى موت وردي، يتخلص فيه من براثن الجسد ومن قيوده.
سألته: أتسمح لي بسيجارة أخرى، فسمح على مضض. حدثته عن أندرياس القبرصي، الذي كان «يتنفس» هواء دخان أربع علب يومياً. وكيف التقيته صدفة، فلم أجد سيجارة بين أصابعه أو بين شفتيه. فتح أزرار قميصه وأراني، وقال: إن لديه رئة واحدة، بل ثلاثة أرباع الرئة الواحدة، وأما الثانية فقد استهلكتها سجائر 40 عاماً.
قبل أن أنصرف سألت صديقي: هل تحتاج إلى «عطسة». قال: لا. شكراً. كلانا ضحك ضحكته التي تختلف.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دردشة  هكذا دردشة  هكذا



النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:11 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز صيحات العبايات المصممة على طراز المعطف لشتاء 2024
 العرب اليوم - أبرز صيحات العبايات المصممة على طراز المعطف لشتاء 2024

GMT 16:47 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الوجهات السياحية التي تعدّ الأكثر أمانًا في العالم
 العرب اليوم - أفضل الوجهات السياحية التي تعدّ الأكثر أمانًا في العالم

GMT 15:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أبو الغيط يدعو إسرائيل إلى الانسحاب الفوري من لبنان
 العرب اليوم - أبو الغيط يدعو إسرائيل إلى الانسحاب الفوري من لبنان

GMT 07:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

آثار التدخين تظل في عظام الشخص حتى بعد موته بـ 100 سنة
 العرب اليوم - آثار التدخين تظل في عظام الشخص حتى بعد موته بـ 100 سنة

GMT 16:12 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سلاف فواخرجي تعتذر عن مسلسل حكاوي المدينة مع حورية فرغلي
 العرب اليوم - سلاف فواخرجي تعتذر عن مسلسل حكاوي المدينة مع حورية فرغلي

GMT 01:24 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

عقار من سم العنكبوت لعلاج تلف النوبة القلبية

GMT 07:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

آثار التدخين تظل في عظام الشخص حتى بعد موته بـ 100 سنة

GMT 03:23 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يستهدف قوات إسرائيلية في عدة مناطق جنوبي لبنان

GMT 07:09 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رمضان يشوّق جمهوره بعمل مع محمد منير

GMT 16:54 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد اللواء 401 في قطاع غزة

GMT 23:41 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

دار الأوبرا في سيدني تتألق ترحيبا بالملك تشارلز

GMT 10:58 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ملعب إنتر ميامي يستضيف افتتاح في كأس العالم للأندية 2025

GMT 13:39 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يخسر 7% في أسبوع بسبب الصين وتوترات الشرق الأوسط

GMT 09:08 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الروسي يعلن تحرير بلدة في "دونيتسك"

GMT 18:50 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يقصف قاعدة عسكرية شرقي صفد في شمال إسرائيل

GMT 01:53 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

عواصف شمسية قد تعطل الإنترنت في العالم لأسابيع

GMT 05:09 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 5,8 درجات في شرق اندونيسيا

GMT 16:49 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل فجرت بلدات بأكملها في جنوب لبنان

GMT 08:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إلهام شاهين توضح وضع فيلمها بعد حريق ديكوراته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab