عرسال والحدود كيف طعنت الحكومة الجيش

عرسال والحدود: كيف طعنت الحكومة الجيش؟

عرسال والحدود: كيف طعنت الحكومة الجيش؟

 العرب اليوم -

عرسال والحدود كيف طعنت الحكومة الجيش

علي الأمين

ليس من لبناني مؤمن بالدولة ومؤسساتها وبوحدة الشعب يمكن ان يقبل بأن يستهدف الجيش من ايّ طرف فكيف اذا كان جهة خارجية؟ والتضحيات التي قدمتها المؤسسة العسكرية من شهداء وجرحى تدمي القلب وذلك لا يقلل من الالم على اي ضحية مدنية لبنانية او غير لبنانية سقطت ظلماً خلال المعارك التي شهدتها عرسال في اليومين الماضيين. لكن السؤال في خضم هذا المشهد الخطير على الحدود الشرقية ليس في مدى الحزن او مبدأ التضامن مع الجيش، بل في كيفية التضامن مع المؤسسة العسكرية.
في البداية يجب الاشارة الى ان المؤسسة العسكرية ليست الا اداة للسلطة السياسية في البلد، فليس في لبنان – الدولة سلطة مستقلة اسمها الجيش، وهو ايضا ليس حزبا او تيارا يتبنى عقيدة عسكرية ورؤية سياسية منفصلة عن الدولة. بل هو تعبير وانبثاق عنا نحن اللبنانيين في مواجهة الخطر الذي يهدد الوطن والدولة بما فيها من مواطنين ومؤسسات وارض.
لكن كيف نتضامن مع الجيش؟ بل قبل ذلك لماذا نُدعى وندعو الى التضامن مع الجيش؟
كل المسؤولين في الدولة وكل المرجعيات السياسية والدينية اعلنت وقوفها إلى جانب الجيش في مواجهة العدوان عليه، لكن الجيش، وفيما هو يتحمل ثمن العدوان المسلح، يدفع منذ سنوات طويلة من جنوده وضباطه ضحايا ودماً ثمن الانقسام على مستوى السلطة السياسة. والانقسام حول تحديد العدو والصديق، وحول دوره ، والمؤسسات الامنية، وهل هو قوة عسكرية محتكرة للسلاح ام ان له اقران او شركاء في السلاح من خارج الدولة؟
الاكتفاء باطلاق المواقف المؤيدة للمؤسسة العسكرية اليوم مطلوب لكنه ليس كافيا إذا لم يترافق مع خطوات سياسية تقع على عاتق الحكومة اللبنانية. فهذه الحكومة ليس لها رأي واضح وحاسم في كيفية التعامل مع الشأن السوري وقضية الحدود الشرقية والشمالية بكل ما يتصل بها امنيا وسياسيا. وإلا فكيف تقيّم الحكومة اللبنانية انتقال المسلحين اللبنانيين من لبنان الى سورية وبالعكس؟ هل هو عمل مشروع يتطلب الدعم والعون من قبلها ام هو عمل غير مشروع يتطلب المنع؟ ذلك ان هذا الامر لا يحتمل المراوغة او التسويف السياسي، والهروب الى الامام، لأن ابقاء الامر معلقا وحده كفيل بجعل الاوضاع الامنية والعسكرية متفجرة ومتفاقمة.
فإذا كانت الحكومة اللبنانية تغطي التدخل العسكري في الشأن السوري، بالتالي عليها ان تتوقع ردود فعل من القبيل نفسه، ويجب ان تصارح اللبنانيين بأن لبنان بات طرفا في النزاع السوري، وعليهم ان يتعاملوا في اوضاعهم على هذا الاساس. واذا كانت الحكومة تعتبر ان التدخل العسكري في الشأن السوري غير مشروع فهذا يتطلب خطوات سياسية وقانونية حاسمة لجهة منع انتقال المسلحين اللبنانيين وبشكل حازم عبر الحدود نحو سورية. وهذا ليس له علاقة بموقف اركان الحكومة ولا القوى السياسية من النزاع القائم في سورية، بل له علاقة بسيادة الدولة ومرجعيتها الدستورية والقانونية، وبالتالي بوضوح دور المؤسسة العسكرية وحماية ظهرها وعدم تركه مكشوفا أمام الطعنات الآتية من كل حدب وصوب واولها طعنات السلطة السياسية.
اخطر ما يتعرض له الجيش اليوم محاولة تحميله وحده مسؤولية مواجهة المأزق الذي سببته السلطة السياسية بدرجة كبيرة، بانقسامها وميوعة موقفها من التعامل مع الازمة السورية. اي هروب هذه السلطة من مواجهة مسؤولياتها السيادية، مكتفية بإعلان التضامن معه، علما ان المؤسسة العسكرية وجنودها المتروكين بلا سند سياسي راسخ وقوي، باتت نهبا للمزايدات السياسية والمواقف الطائفية الموسمية. تلك التي تحدد معيار تضامنها مع الجيش انطلاقا من الحسابات الطائفية والمذهبية اولاً واخيراً. لذا التضامن المطلوب من السلطة مع الجيش يكمن في ان تصدق الحكومة انها هي صاحبة القرار، وان سياسة الهروب الى الامام وعدم اتخاذ موقف سيادي من اي سلاح، خارج سلطتها او امرتها، سيستدرج لبنان الى مزيد من المآزق الامنية والعسكرية، وسيرسخ الانقسام المذهبي وسيزيد من الشروخات الوطنية.
معركة مواجهة الارهاب والتكفير لا يمكن الانتصار فيها عسكريا اذا لم تكن السياسة سندا وموجها على قاعدة حماية لبنان بكل مواطنيه ومن دون تمييز. ولا يمكن الانتصار فيها طالما ان هناك تدخلا لبنانيا عسكريا في الازمة السورية. قد تنتهي حوادث عرسال، لكنها ستكون نهاية جولة، وما دام موقف الحكومة اللبنانية مائعا تجاه فلتان الحدود مع سورية، فذلك وحده كفيل بالتمهيد لجولات جديدة من الحروب العبثية المدمرة مرفقة بمزيد من الطعنات في ظهر الجيش.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عرسال والحدود كيف طعنت الحكومة الجيش عرسال والحدود كيف طعنت الحكومة الجيش



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab