الحلف الاطلسي وذريعة ابو بكر البغدادي

الحلف الاطلسي وذريعة ابو بكر البغدادي

الحلف الاطلسي وذريعة ابو بكر البغدادي

 العرب اليوم -

الحلف الاطلسي وذريعة ابو بكر البغدادي

علي الأمين

في ثقافة تمجيد العنف والقتل والإلغاء التي تحكم حياتنا السياسية، تتحول البندقية الى ايقونة، السلاح يوفر القوة، وهذه القوة هي السبيل للقبض على السلطة ووسيلة لفرض الهيمنة والغاء الآخر المختلف، بالقضاء عليه او بالغاء حقه بالاختلاف والتعبير عنه. من هذه الثقافة التي تهيمن وتسيطر وتقرر في اجتماعنا السياسي العربي والاسلامي، تمدد العنف وتقدم كوسيلة وحيدة متاحة، في ظل غياب اي وسائل اخرى تتيح مجالا للتغيير السياسي او الاجتماعي.

عندما تسد نوافذ الحياة والعيش ضمن قواعد القانون والمساواة على المجتمع، يجد العنف مناخا ملائما ليتقدم ويتسيّد المشهد. على ان هذا وان كان متأتيا من عناصر خارجية تتمثل في الصراعات الدولية والاقليمية على الجغرافيا العربية، فان هناك عناصر ذاتية لا يمكن التنصل منها برمي كرة النار على شياطين الخارج، وثمة شيطان يكمن في ثقافة الفرقة الناجية التي تحكمت وسيطرت على كل حركات الاسلام السياسي من دون استثناء، تمظهرت في الايديولوجيا، في السلوك في النظرة الى المسلم الآخر.

الفرقة الناجية في التطبيق السياسي الاسلامي الممارس ليست شيئاً غير عقيدة شعب الله المختار التي ابتدعها اليهود وتتجلى في السلوك وفي العلاقة مع بقية الأديان. لكنها لدى الاسلاميين عموماً تتم صناعتها وتربية النشء على ادبياتها وثقافتها، ومهما تغنى هؤلاء بأمة الاسلام، فانه حين تخلو كل فئة منهم الى ذاتها او مريديها تنتشي بثقافتها الفئوية وترذل كل ما عداها. ولان الاسلاميين على العموم لا يريدون الفصل بين معتقداتهم المذهبية والدينية وبين ايديولوجياتهم الحزبية يضفون القداسة الى آرائهم السياسية وعلى سلوكهم الاجتماعي، ليولد الالغاء والتكفير والصراعات التي تحول الطرف الآخر الى شيطان أكبر اين منها شياطين الدول العظمى واسرائيل.

على هذا المسرح من التكفير والالغاء في الجغرافيا العراقية – السورية ومع انهيار منظومات فكرية وسياسية قومية ودينية، اجتمع "الحلف الاطلسي" في مقاطعة ويلز وقرر تشكيل ائتلاف لمواجهة "داعش". بالتأكيد ليس هذا الاجتماع الاستثنائي هو في سبيل مواجهة خليفة المسلمين الجديد ابو بكر البغدادي ولا تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام القابل للاستثمار في كل الاتجاهات هي اكبر من ذلك بكثير. لا يحتاج هذا التنظيم الارهابي الى هذا المستوى من الاستعداد والحشد الدوليين لانهائه او ضبطه. على ان ذلك لا يمنع من القول ان وجود التنظيم هو ترميز عنيف للاختلال في العلاقات الاقليمية بين ايران والسعودية وتركيا ومصر واسرائيل، والسياسات الاميركية التي وصفت بالمربكة والمنكفئة في العراق وسورية خلال السنوات القليلة الماضية، فخضعت في دوائر القرار الاميركي لدراسة وتحليل ووصلت الى نتائج. والتحدي الاميركي في المنطقة اليوم يكمن في اعادة صوغ العلاقات الاقليمية ورعايتها بعد خروج الادوار الاقليمية التقليدية في المنطقة عن مسارها خلال السنوات السابقة.

الملف النووي الايراني لم يزل على نار حامية، ويشكل الائتلاف الدولي المشار اليه ضد داعش اختبارًا اساسيًا لايران ولمسار هذا الملف. العلاقة التي قامت مع الاخوان المسلمين احدثت شروخا في علاقة واشنطن مع السعودية، ومع صعود وسقوط تجربة حكم الاخوان المسلمين في مصر، اطلقت دينامية جديدة للدور التركي لم تكن معهودة في محيطها العربي من قبل. ويشكل تحدي بناء السلطة في العراق اول اختبار لهذا الائتلاف.

اتاح تنظيم داعش قدرة استثمار لمختلف الاطراف الاقليمية من اجل حجز مكان لها في المعادلة الاقليمية المرتقبة، اما الولايات المتحدة فقد اتاح لها نوعا من الاستخدام الدائري لهذه الظاهرة وعلى 360 درجة، بحيث ان مختلف الاطراف الاقليمية وتوابعها باتت مقتنعة بأهمية الدور الاميركي المحوري في لجم هذه الظاهرة او انهائها، ومن يعترض فبسبب ضآلة هذا التدخل وليس لمبدأ التدخل.

المعركة طويلة لاستئصال داعش، قالها الرئيس الاميركي باراك اوباما. ليس هذا القول هو لقوة "خليفة المسلمين" وما يمتلكه من طاقات، بل لأن عملية انهاء داعش او تقليم اظافرها يرتبط بمدى الاستجابة الاقليمية لمسار هذه العملية ومتطلباتها ولقواعدها الجديدة غير الواضحة بعد. والمعطى الاساسي في اي معادلة هو ضمان امن اسرائيل وشروط حمايتها، والمعطى الثاني ان الرئيس الاميركي يريد مقاتلين عربًا وسنّة بالدرجة الاولى ولن يغامر بأي جندي اميركي في مواجهة هذا التنظيم ورسم الخريطة الاقليمية الجديدة انطلاقا من العراق. والثالث ان هذا الائتلاف الدولي يحتاج الى تمويل عربي ولن تكون الخزينة الاميركية هذه المرة مفتوحة للمجهود الحربي الاميركي والدولي في قتال داعش.

ثمة معادلة اقليمية جديدة ترسم في الشرق الاوسط مفتاحها الحرب على داعش.

 

 

 

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلف الاطلسي وذريعة ابو بكر البغدادي الحلف الاطلسي وذريعة ابو بكر البغدادي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab