لبنان كنموذج «للديموقراطية العربية»

لبنان كنموذج «للديموقراطية العربية»!

لبنان كنموذج «للديموقراطية العربية»!

 العرب اليوم -

لبنان كنموذج «للديموقراطية العربية»

طلال سلمان

ليس لبنان وحده الذي سوف يشهد ـ نظرياً ـ تغييراً في رأس السلطة، عبر معركة انتخابية ديموقراطية (!!)، خلال الأيام القليلة المقبلة (والتي قد تصير أسابيع أو شهوراً، والله أعلم..)، بل يمكن القول إنها لحظة التغيير، في المواعيد المقررة، رسمياً، في العديد من الأقطار العربية بأشكال من الديموقراطية لم يعرفها العالم، بشرقه وغربه من قبل...
من الجزائر إلى العراق، مروراً بلبنان وسوريا، تجري انتخابات رئاسية لن تغيّر، فعلياً، في جوهر النظام القائم، مع استثناء مصر في انتظار أن تتكامل صورة النظام الجديد عبر شخص الرئيس المختلف نوعاً عن سابقيه، وعن أقرانه الذين سيتزامن وصولهم إلى سدة السلطة ـ أو تثبيتهم فيها ـ مع وصوله وإن اختلفت ظروف مصر ما بعد «الميدان» ـ الأول والثاني والثالث ـ عنها في سائر الدول العربية المعنية (وغير المعنية أيضاً..).
ذلك أن «الميدان» الذي فرض التغيير في مصر، مرة ثم ثانية فثالثة ـ ما زال حاضراً فيها بقوة، بقدر حضوره في فعل التغيير على امتداد الأربعين شهراً الفاصلة بين إسقاط الطغيان مرتين وقيام «العهد الجديد» الذي يفترض أن يقطع مع الماضي ليدخل بمصر المستقبل.
أما الجزائر فقد شهدت تمديداً ـ بالانتخاب المباشر ـ لرئيس عاجز عن الوقوف وعن الكلام، هو الرابع منذ أن تولى «مرشح الجيش» سدة الرئاسة، مع التوكيد على أن الجيش هو الناخب الأعظم إن لم نقل «الأوحد».
وفي سوريا التي تعيش في إسار الحرب فيها وعليها، فنتيجة الانتخاب الرئاسي معلنة سلفاً، وإن اختلفت شكلياتها بعد إلغاء «الاستفتاء» الذي بات من الماضي بكل أثقاله... وهذه النتيجة معروفة ومحسومة بغض النظر عن أعداد الذين سيتمكنون من المشاركة فيها، لأسباب أمنية واضحة... ولا مجال لما سوف يحصل عليه الرئيس القائم بالأمر، منذ أربعة عشر عاماً، وما سيحصل عليه كل من المنافسين اللذين أعلن أنهما سيستمران في «معركة» لا أمل لهما بالربح فيها، إلا معنوياً، وبفضل شجاعة الإقدام على هذه المغامرة المحسوبة والمطلوبة لتوكيد الالتزام بالمبادئ الديموقراطية في النظام القائم منذ أربع وأربعين سنة متصلة.
أما في العراق الذي يعيش هو الآخر في ظلال حرب أهلية بين أسلحتها المذهبية والعنصرية، فإن الانتخابات التي لما تعلن نتائجها رسمياً بعد لتحديد شخصية رئيس الحكومة الجديد، (وإن كانت المؤشرات تدل أن القائم بالأمر لن يتغيّر وإن تغيّرت التحالفات)، قد فاقمت من الانقسام الخطير على مستوى «مكوّنات الشعب»، سواء على المستوى المذهبي (شيعة وسنة) أو على المستوى العنصري (عرباً وأكراداً.. فضلاً عن القوميات الأخرى كالتركمان في كركوك..).
... ونعود إلى لبنان الذي يتخذ بعض إخوانه العرب من «ديموقراطيته» نموذجاً يحتذى، وربما يسعى بعضهم إلى «لبننة» بلاده سعياً إلى مثل الديموقراطية التي ينعم بها اللبنانيون في المستنقع الطوائفي الذي يستنبت الحياة السياسية المحلية تحت رعاية دولية معززة بكوفية عربية (وعقال مذهّب الآن)..
من زمان فقد اللبنانيون عادة التعامل مع الانتخابات كلعبة ديموقراطية.
صارت الانتخابات فرصة للصراع الطوائفي الذي يستبطن المصالح و«الدول». ومع أن الرئاسة الأولى حق مطلق للطائفة المارونية بالذات، فالأصوات الموصلة إلى السدة مسيحية ـ إسلامية في برلمان يقوم على المناصفة الطائفية. والطوائف دهاليز تتسع «للدول» جميعاً، وكثيراً ما تلاقت دول عدة في دهليز واحد... وهكذا فاللبنانيون في انتظار أن يتسع الدهليز الرئاسي الجديد لكل من السعودية وإيران (ومن ضمنها سوريا) تحت «الرعاية الأميركية» المبرأة من الطائفية والمذهبية (!!) والتي تتعامل مع المرشحين للموقع السيادي الأول برحابة صدر تستدعي التشاور مع أولياء الأمور في العواصم جميعاً، وأساساً مع باريس والفاتيكان... ومع اكتمال عقد المشاورات واجتياز الدهليز، يهتف اللبنانيون هتافهم الشهير، تاريخياً، «ما بقاش بدها.. قوموا لنهني»!
... ويبدو أن علينا انتظار أن تتكامل «اللعبة الديموقراطية» عبر المسار التالي: من بيروت إلى طهران عبر الرياض فإلى واشنطن عبر باريس رجوعاً إلى قلعة الديموقراطية في ساحة النجمة في قلب بيروت حيث يعلن على اللبنانيين اسم رئيسهم الجديد، بوصفه الممثل الشرعي الوحيد للإرادة الشعبية.
ويحدثونك عن التغيير..
قل، مستعيناً بإيمانك: إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
وأغلب الظن أن اللبنانيين الذين يعتبرون أنهم اخترعوا الديموقراطية يوم اخترعوا الحرف، ينعمون بقرارهم المستقل في ظلال الإرادة الدولية التي لا ترفض لهم طلباً وإلا خرجوا منها وعليها فخربوا العالم.

 

 

arabstoday

GMT 07:10 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 07:09 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 07:08 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 07:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 06:56 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 06:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 06:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان كنموذج «للديموقراطية العربية» لبنان كنموذج «للديموقراطية العربية»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
 العرب اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
 العرب اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab