شراكة العدوَّين وغياب العرب

شراكة العدوَّين وغياب العرب..

شراكة العدوَّين وغياب العرب..

 العرب اليوم -

شراكة العدوَّين وغياب العرب

طلال سلمان

هي «حرب» فريدة في بابها هذه التي نشهد رحاها تدور فوق الأرض العربية بين «عدوّين» تجمعهما الخصومة في حلف مؤكد ضد «عدو» مشترك لكليهما.
فأما دعاة «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وبعيداً عن وحشيتهم وعن قيافتهم الجاهلية، فهم بالقصد والغرض أعداء لكل من قال بالعروبة والوطنية كانتماء قومي وهوية سياسية جامعة لأبناء هذه الأرض بالتاريخ الواحد لأهلها فيها... وبالتالي يندفع مقاتلو «داعش» إلى قتال هؤلاء الأعداء، حيثما وجدوهم، ككفار ومشركين بالله ومن أهل الردة إلخ..
أما الغرب الأميركي بكل أذرعه الأخطبوطية فعداؤه للعروبة ثابت وهو طالما قاتلها وقاتلته لمنع «العرب» من إنجاز مشروعهم السياسي في «التوحد» خلف هدف التكامل العربي، استناداً إلى التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة، وبما يحفظ للأمة حقوقها ويمكنها من بناء غدها الأفضل.
... وها هي حرب الطرفين تتركز على هدف مشترك يتمثل في هوية هذه الأمة، بماضيها وحاضرها ومستقبلها... فـ«داعش» يلغي «العرب» مركزاً جهاده على «دولة العراق والشام»، من دون سائر الأقطار المتاخمة بل المتداخلة بشرياً وجغرافياً ومن ثم اقتصادياً معهما... بينما الغرب الأميركي يركز جهده على حماية الأقليات، والكرد أساساً، وإبرازهم وكأنهم وحدهم المستهدفون بحرب «داعش»، وهكذا يفصلهم عن الأكثرية من أهلهم في هذه البلاد وقد كانوا أهلها عبر التاريخ، مصنفاً باقي الأهالي «سنّة» و«شيعة»، ملغياً أي رابط وطني أو قومي يجمعهم فيوحدهم مع سائر إخوانهم داخل بلاد العراق والشام ثم في الأقطار الأخرى في مواجهة هذه الحرب على الهوية الجامعة، أي العروبة كانتماء فكري ـ سياسي إلى مشروع توحيدي لشعوبهم التي قسمها الاستعمار في دول مختصمة على حدود لم تكن في أي يوم حدوداً.. وإن كانت الأنظمة التي حكمت بعد «الاستقلال» قد كافحت لإدامتها وتثبيتها متجاوزة عوامل الوحدة التي تربط أهلها بالمصالح وأسباب الحياة قبل الجدل النظري حول الإيديولوجيا الجامعة.
وليست مصادفة أن تتركز التصريحات السياسية والتغطيات الصحافية الغزيرة على دور الأكراد، في مناطق الأكراد، داخل العراق كما داخل سوريا، من دون أي ذكر لأشقائهم من المواطنين العراقيين والسوريين الذين تلتهمهم نيران «داعش» كما نيران طائرات التحالف الدولي في آن معاً.
وليست مصادفة أيضاً أن يختفي الاسم العربي (السوري) لبلدة «عين العرب» ويحل محلها الاسم الكردي (كوباني)، ويصير مصيرها مرتبطاً بالقرار التركي وليس بقرار وطنها السوري.
ومع التقدير للدور الباسل الذي يلعبه الأكراد في مواجهة «داعش» (والأطماع التركية التي وجدت في هذه الحرب فرصتها الذهبية لمشروعها التوسعي الإمبراطوري في الهيمنة على هذه الأرض التي عجز أهلها عن حمايتها)..
مع التقدير لهذا الدور فنار «داعش» تحرق العراق ومعه سوريا بالعرب والكرد والسريان والكلدان والإزيديين وسائر الأعراق والطوائف وأساساً السنة والشيعة من أهل هذين البلدين العربيين اللذين يستهدفهما «داعش» ويمزقهما التحالف الدولي، في ظل تواطؤ تركي معلن.
في الحرب مصلحة للطرفين اللذين يحتربان فلا يهزم أحدهما الآخر، بل يشترك الأميركيون ومن معهم، و«الداعشيون» في تدمير بلدين عربيين لم ينجح نظامهما في امتحان الجدارة بحماية الأرض والشعب، التاريخ والجغرافيا، فتبدت البلاد مفتوحة لمن يأخذها.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

GMT 06:08 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

الحل في ليبيا بإخلائها من الميليشيات

GMT 06:05 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

مشهد لا يتسق مع تاريخ فرنسا القريب

GMT 06:01 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شراكة العدوَّين وغياب العرب شراكة العدوَّين وغياب العرب



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:44 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

قائمة تضم 14 فاكهة توفر أعلى وأقل كمية من السكر

GMT 11:08 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

عقار "الفياغرا" قد يساعد في الوقاية من الخرف

GMT 22:15 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إطلاق دفعة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجولان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab