عن رعايا الطوائف في الانتخابات البلدية

عن رعايا الطوائف في الانتخابات البلدية

عن رعايا الطوائف في الانتخابات البلدية

 العرب اليوم -

عن رعايا الطوائف في الانتخابات البلدية

بقلم : طلال سلمان

وأخيراً أعطت السلطة «الرعايا» اللبنانيين ما يشغلهم عن واقع الدولة البلا رأس، والمجلس الذي لا يجلس نوابه فيه إلا للدقائق الكافية لالتقاط صورهم في فراغه، والحكومة التي لا يلتئم عقد وزرائها إلا ليتعاركوا، ثم تنشط مساعي المصالحة (والمصالح) في جمعهم مرة أخرى..

وهكذا سيُسمح للرعايا، على اختلاف انتماءاتهم وفي مختلف أنحاء البلاد، بأن يمارسوا هوايتهم المفضلة: إثبات حضورهم بشطب الآخر أو تحجيمه بل تقزيمه، سواء أكان جاراً دأب على تحدّيهم، أو «خصماً» عائلياً من قديم الزمان ولأسباب عفّى عليها الزمن، ولكن الفرصة الآن مؤاتية للانتقام، ولو متأخراً..

تُرفع الشعارات المفخمة المستعارة من حروب عتيقة... ويمكنك أن تلمح أطياف بعض الراحلين الكبار في شعارات المعركة المستحدثة: جمل مقتطفة من خطب لجمال عبد الناصر، استعادة لكميل شمعون في ثياب الصيد، صور لبشير الجميل باللباس الحربي وقد عقد ساعديه فوق صدره، صور للإمام المغيب موسى الصدر محاطة بشعارات حركة «أمل» وقائدها ـ الرئيس، صور للكبار من القادة الشهداء في المقاومة عبر مواجهة الاحتلال ثم الحرب الإسرائيلية، صور للجنرال عون يقف خطيباً بثيابه العسكرية في القصر الجمهوري ببعبدا ويمناه مربوطة إلى كتفه، وصور عديدة ـ في بيروت أساساً كما في بعض البقاع والشمال ـ للرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد..

أما المرشحون فصورهم كثيرة وبالألوان، وفي أوضاع مختلفة طولاً وعرضاً، وقد احتلت المرشحات حيزاً لافتاً ليس في العاصمة وحدها بل كذلك في بعض المناطق، وهكذا تزيّنت لوائح محددة بصور ملوّنة لسيدات أنيقات وفي عيونهن نظرات تحدٍ.
هناك مناطق مغلقة لن يفيد التنافس فيها إلا في تأكيد الحضور، معنوياً.. فالتحالف بين «الناخبين الكبار» يضيّق من فرص الشباب الطامحين إلى التغيير، ثم إن «المرشحين المذهبين» يكادون يمدون أيديهم، عبر الصور، برزم الدولارات..

معظم «المعارك» ستتم تحت شعار إثبات الوجود... والتحالف بين «الناخبين الكبار» يلغي فرصة الشباب الطامحين إلى التغيير. وفي البقاع، على سبيل المثال، بغربه وشرقه وشماله، سوف تتفرد زحلة بمعركة بين الوجاهات التقليدية ذات التاريخ مدعّمة بحزبيات ناشئة، وبين فرسان المال والأعمال والقانون الذين يتقنون تفسيره بحسب مقتضيات الحال لتأمين الربح..

إجمالاً، تكشف «المقدّمات» لمعركة المجالس البلدية والاختيارية تراجعاً فاضحاً في «الوعي الانتخابي»، وعودة النزعات العائلية والعشائرية إلى صدارة «الصراع» متجاوزة الأحزاب (إلا التي ولدتها مسلسلات الحرب الأهلية العربية ـ الدولية) وكذلك المنظمات السياسية، قديمها والجديد.

كأن لم يتغير شيء عبر السنين... فلسوف يعود «الناخبون» إلى قواعدهم العائلية صاغرين، بل لعلهم لم يغادروها فعلاً، وإن تظاهروا بأنهم قد صاروا الآن على غير ما كانوا عليه؟!

وطالما ان الأحزاب، بمجملها، طائفية المنبت والتوجه، بمعزل عن الشعارات، فلماذا يلام الرعايا على التزامهم بمصلحة الطائفة أو بكرامتها (!!).. خصوصاً وأنها تدر عليهم المنافع والمكاسب؟

... خصوصاً وأن الأحزاب باتت، بمجملها، شريكة في السلطة، ويمكنها أن «توظف» بعض أنصارها، وأن تؤمن لهم المنافع بقوة نفوذها وحصرية تمثيلها لهذه الطائفة أو تلك.

& & &
لقد أُفسد العمل السياسي في لبنان: سقطت الأحزاب والتجمعات والهيئات الجامعة وصولاً إلى النقابات، ولعلها أُسقطت بغير كبير جهد.

صار لبنان مجموعة من الجزر الطائفية والمذهبية، مغلقة على ذاتها، وسقطت شعارات الديموقراطية وحرية العمل السياسي تحت سنابك خيول الطوائف والمذاهب..

ومن أسف فإن دولاً عربية عديدة باتت تتخذ من «النموذج اللبناني» قدوة، فانتعشت فيها (أو أُنعشت) المشاعر الطائفية والحمّى المذهبية، وحيث لا طوائف حلت العنصرية محل الوطنية، وصارت «الانتخابات» لعبة سلطوية بين الأقوى في طائفته، أو في بيئته العنصرية المغلقة.

اندثرت القومية، أو العروبة، بعدما تعرضت لحروب شرسة لتغليب النزعة الكيانية مغلّفة بالطائفية أو المذهبية حيناً، أو العنصرية حيناً آخر (عرب، كرد، تركمان، سريان وصولاً إلى الإيزيديين والصابئة الخ...)
صار لبنان، بنظامه الطوائفي قدوة ومثلاً يحتذى في إعادة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها.

..مع ذلك، نتمنى أن تتم الانتخابات البلدية بهدوء، ومن دون ضحايا.. في ما عدا الوحدة الوطنية، وفرصة التقدم خطوة ـ ولو محدودة ـ على طريق الغد!

وغالباً ما يكون الائتلاف المفروض ديكتاتورية مقنعة بصندوق في أعلاه فتحة لتمرير الطائفية باسم الديموقراطية!

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن رعايا الطوائف في الانتخابات البلدية عن رعايا الطوائف في الانتخابات البلدية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab