سورية ولبنان والخليج بانتظار طويل للمشير

سورية ولبنان والخليج بانتظار طويل... للمشير

سورية ولبنان والخليج بانتظار طويل... للمشير

 العرب اليوم -

سورية ولبنان والخليج بانتظار طويل للمشير

جورج سمعان

الحضور العربي في حفلة تنصيب المشير عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر أمس حمل أكثر من دلالة ورسالة. الحضور الخليجي والأردني والفلسطيني يؤشر إلى بلورة تحالف إقليمي لا بد من أن يفرض حضوره وموقفه، ويدفع بجميع المعنيين بأزمة المنطقة الى مراجعة حساباتهم وسياساتهم. لن تعود الدول العربية مدعوة، كما كانت في السنوات الأخيرة، إلى الاختيار بين قطبين: تركيا وإيران. الصيغة الاقتصادية لهذا التحالف واضحة لا تحتاج إلى تظهير. مع بداية «الربيع العربي» دُعي الأردن إلى مجلس التعاون. ولم يكن المغرب بعيداً أيضاً، وإن باعدت الجغرافيا بينه وبين أهل الخليج. ومنذ إطاحة الرئيس محمد مرسي وحكم «الإخوان» قبل نحو سنة، التزمت السعودية والكويت والإمارات دعم الاقتصاد المصري. وبادر الملك عبدالله بن عبدالعزيز غداة إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية بدعوة أصدقاء مصر وأشقائها إلى مؤتمر للمانحين. ما سيتبلور في الأيام المقبلة هو الصيغة السياسية والعسكرية لهذا التحالف الجديد. إذ يأمل كثيرون، أو يستعجلون، أن يؤسس لمرحلة تتيح لهذه الدول العربية امكانات لملء الفراغ الذي يخلفه الانكفاء الأميركي عن المنطقة وشؤونها، وتسمح بتعديل ميزان القوى في مواجهة التمدد الإيراني الواسع وما يطرحه من تحديات، وتسمح بمواجهة تداعيات اتفاق نهائي محتمل بين الجمهورية الإسلامية والدول الست الكبرى في شأن مستقبل ملفها النووي.
قيام مثل هذا التحالف ليس نذير مواجهات أو توسيع حروب قائمة هنا وهناك. إنه تعبير عن شعور هؤلاء الذين اجتمعوا في القاهرة أمس بأن أمن دول المنطقة وحدة مترابطة. بل هو حاجة ملحّة في عالم عربي يواجه مشكلات أكثر خطورة من تلك التي واجهتها أوروبا عندما انهار الاتحاد اليوغوسلافي وكاد أن يشعل حروباً مفتوحة وواسعة. وهو حاجة ملحّة في مرحلة بات الهم الدولي ينحصر بمواجهة أو مطاردة مجموعات الإرهاب المتمثل في «القاعدة» وأخواتها. لم يعد في رأس السياسة الأميركية مثلاً بناء شرق أوسط جديد وديموقراطي. الهم الأول والأساس محاربة التطرف، وليس الانخراط الجدي لإنهاء الأزمات الخطيرة في ليبيا واليمن وسورية والعراق ولبنان، وفلسطين بالطبع. وها هو سفير أميركا السابق لدى دمشق روبرت فورد ينتقد تردد إدارة الرئيس باراك أوباما حيال الأزمة السورية، مما زاد الأخطار التي تواجه الولايات المتحدة. لم يغرد وحده. وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون اقتفت أثر وزير الدفاع السابق ليون بانيتا ومدير وكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بترايوسن والمسؤول السابق عن الملف السوري فريدريك هوف. وأعلنت افتراقها عن سياسة الرئيس أوباما لرفضه تسليح معارضي الرئيس بشار الأسد.
قيام تحالف بين القاهرة وأهل الخليج سيكون الخطوة الأولى لعودتها إلى أداء دورها التاريخي في العالم العربي... إذا نجح النظام الجديد في إعادة جمع المصريين. ما يعول عليه أهل هذا التحالف هو أن تساهم مصر سريعاً في إنهاء الحرب الطائفية بين أهل المنطقة، والحرب الباردة بين الدول الكبرى، خصوصاً في الساحة السورية. إذ عمق مشهد الانتخابات الرئاسية في سورية صورة عالم عربي معرضٍ للتقسيم والفدرلة والتدخلات الخارجية الفجة. وهي صورة ليست بعيدة مما يجري في كل من ليبيا واليمن والعراق وحتى لبنان... بلدان تمعن مكوناتها في إعلاء الطائفية والمذهبية والقبلية والجهوية وغيرها من الصفات الطاردة لفكرة الدولة الوطنية. خروج مصر من عزلتها سيحدث تغييراً في الخريطة السياسية الإقليمية. وسيفرض عاجلاً أو آجلاً على جميع المعنيين بأحوال الإقليم إعادة النظر في استراتيجياتهم. ستعود الدولة العربية الكبرى التي يمنحها تاريخها وحجمها الديموغرافي وموقعها الجغرافي الوسيط بين المشرق العربي ومغربه، شرعية أن تطرح «المشروع العربي»، وأن تدعو إليــــه بـقيـة «الأشقـــاء»، وتــفــرض على الشركاء في المنطقة أن يعيدوا تـقـويم حـسابـاتهم ومصالحهم.
وبقدر ما ينجح أهل الخليج في مساعدة مصر على الشفاء سريعاً من انقساماتها وما خلفته «الثورتان» من تدهور على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بقدر ما يعجلون في تقويم ميزان القوى في المنطقة، ويفرضون على الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين التخلي عن سياسة التحفظ والشكوك حيال النظام الجديد في القاهرة. ليس المطلوب دفع إدارة الرئيس أوباما إلى التخلي عن حوارها مع إيران، بقدر ما المطلوب ألا تندفع بعيداً في التعويل عليها قوة إقليمية وحيدة قادرة على تسهيل انسحابها من «الشرق الأوسط الكبير» من أجل التفرغ لمواجهة الصين في المحيط الهادئ. لا يمكن أميركا والدول الصناعية أن تتجاهل مصالحها في خليج ينتج ثلث النفط العالمي، وتراهن فقط على تفاهم مع إيران التي يشكل احتياطيها واحتياط العراق من النفط ثلثي احتياط دول مجلس التعاون... وإلا كيف سيترجم الرئيس أوباما «تطلعه إلى العمل مع الرئيس الفائز (السيسي) من أجل دفع الشراكة الاستراتيجية والمصالح المشتركة» بين بلاده ومصر؟
حتى الآن لم يتناول الحوار بين الولايات المتحدة وإيران دور الأخيرة وحضورها السياسي والعسكري في المنطقة العربية. هذا على الأقل ما تقوله دوائر معنية بالحوار، وإن عزا بعضهم ذلك إلى رفض إيراني لرغبة أميركية في فتح هذا الملف أيضاً. لكن الثابت أن واشنطن شجعت وتشجع دول مجلس التعاون على الحوار مع جارتها في المقلب الثاني من الخليج. ولكن يبدو أن مثل هذا الحوار بين الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية لم تتهيأ له بعد أجواء النجاح. ولعل قيام تحالف جديد بين القاهرة وأهل الخليج يدفع طهران إلى إعادة تقويم حساباتها. ترددت هذه حتى الآن في ملاقاة الرياض إلى منتصف الطريق. ولم يترجم الرئيس حسن روحاني نياته الحسنة واستعداده لتطبيع العلاقات مع جيرانه السعوديين، على رغم أن هؤلاء قدموا إشارات إيجابية كثيرة تناولت الملف السوري تحديداً. لقد هددت حكومة المملكة بمعاقبة المتوجهين إلى القتال في بلاد الشام. وأدرجت «داعش» و «جبهة النصرة» على لائحة الإرهاب. وكان بعض الدوائر المتشددة في إيران، وحليفها نوري المالكي، يأخذ على المملكة دعمها المتطرفين وتسهيل تجنيدهم للقتال في العراق وسورية، الأمر الذي يفاقم الصراع المذهبي!
يتردد الرئيس روحاني في الانخراط بحوار جدي مع السعودية سيقوده إلى تقديم تنازلات، فيما يواجه حملة شرسة على جبهتي حواره مع الستة الكبار ومع الولايات المتحدة يقودها خصومه المحافظون الذين يملكون وحدهم مفاتيح «الانتشار» الإيراني في الساحات العربية. وعموماً لا تبدي إيران استعداداً، لأن مثل هذا الحوار سيفرض عليها تفاهمات في ملفات كثيرة، من اليمن إلى البحرين فلبنان مروراً بالعراق وسورية. بل إن الأحداث والتطورات في هذه البلدان تشير إلى تصلبها وتشددها: في اليمن اشتعلت الحرب بين الجيش والميليشيات الحوثية. وفي العراق تتوسع دائرة الحرب بين بغداد والمحافظات السنّية، فيما المالكي، مرشح طهران المفضل، يصر على التجديد ولاية ثالثة ليعامل معاملة الرئيس الأسد! وجاء التجديد للأخير ولاية ثالثة ليقضي على أي بارقة أمل بتسوية سياسية في المدى المنظور. ولعل خير تعبير عن موقفها الثابت في الساحة السورية - موضوع الخلاف الكبير مع السعودية - ما أعلنه السيد حسن نصر الله الأمين العام لـ «حزب الله» الذي قال إن «الثمرة الأساسية» للانتخابات الرئاسية هي أن الحل لا يستند، لا إلى «جنيف 1» ولا إلى «جنيف 2»، بل «يبدأ وينتهي مع الرئيس الأسد»! وقياساً على هذا الموقف، يمكن أن تكون دعوته اللبنانيين إلى قطع الطريق على المثالثة بانتخاب «الشخصية القوية التي لها حيثية وطنية ومسيحية»، دعوةً إلى انتظار طويل طويل... إذا كان الحل «يبدأ وينتهي مع الشخصية القوية» وحدها لا غير!
وفي انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع الداخلية في مصر، واتضاح صورة التحالف العربي الجديد، سيكون على ساحات الحرب الباردة بين إيران ودول مجلس التعاون أن تنتظر تحرك القاهرة بقيادة المشير السيسي وعودتها إلى المسرح الإقليمي. فلا تسوية سياسية في الأفق السوري. وربما كان على اللبنانيين أن يعتادوا العيش بلا رأس متحلّين بصبر الرئيس تمام سلام على ولادة حكومته. أما العراقيون، فخلافهم على رأس الوزارة قائم ما دام ان الخلاف على هوية البلاد مقيم هو الآخر. وليس على اليمنيين سوى التعايش مع «دويلة الحوثيين»... إلا إذا كانت زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الى طهران حملت جديداً!

 

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية ولبنان والخليج بانتظار طويل للمشير سورية ولبنان والخليج بانتظار طويل للمشير



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab