«ثلاثية» جديدة لاحتواء إيران ومواجهة الإرهاب

«ثلاثية» جديدة لاحتواء إيران ومواجهة الإرهاب؟

«ثلاثية» جديدة لاحتواء إيران ومواجهة الإرهاب؟

 العرب اليوم -

«ثلاثية» جديدة لاحتواء إيران ومواجهة الإرهاب

جورج سمعان

الرئيسان المصري والتركي سمعا من المملكة العربية السعودية أصداء المناورات البحرية لإيران في الخليج. ولكن، من المبكر أن يلتقيا معاً. يمكن الرياض أن تشكل عامل تنسيق في المرحلة الحالية بين كل الأطراف التي يقلقها التوسع الإيراني، وما قد يترتب على اتفاقها مع الولايات المتحدة بعد الاتفاق على تسوية ملفها النووي، والتي يقلقها أيـــضاً انتشار حركات الإرهاب «الداعشي» و«الــــقاعدي»، من العراق وسورية إلى اليمن وسيناء وليبيا. الـــرئيس عبدالفتاح السيسي جدد عشية زيارته المملكة التزامه أمن الخليج. عدّه «خطاً أحمر». ونبه إلى أن الأمن القومي لمصر يمر عبر دول الخليج. جاء يحمل مشروعه لترجمة هذا الالتزام: إنشاء قوة عربية بمن حضر إذا تعذر الإجماع في القمة العربية قريباً. أي من مصر والسعودية والإمارات العربية المتـــحدة والـــكويت. ويـــأمل الرئــيس رجب طيب أردوغان، في زيارتـــه اليوم، بإعادة الحرارة إلى العلاقات بين تركيا والسعـــودية. فـــهو أيضاً يرغـــب في مقاربة الحرب على الإرهــــاب بما يحقق له من مصالح. مثــلما يــرغب فـــي إقامة تنسيق إقليمي يحد من طموحات طـــهران وسعــيها إلى إقرار واعتراف دوليين بنفوذها في الإقليم وبمكاسب يمكن أن يعوضها ما تقدم من تنازلات في برنامجها النووي.

المناورات البحرية لـ «الحرس الثوري» في الخليج تندرج في سياسة التصعيد التي تنهجها إيران كلما اقترب موعد الحسم في مفاوضاتها مع الدول الخمس الكبرى وألمانيا. تجلى ذلك في إصرارها على دور ميليشيات «الحشد الشعبي» في الحرب على «الدولة الإسلامية» في العراق. وانتشارها في مزيد من المواقع من دون أي اعتبار للتغييرات الديموغرافية الناتجة من ذلك. وتجلى أيضاً في قيادتها المباشرة للحملة العسكرية التي تخاض في جبهتي الشمال والجنوب السوريين بغية تحقيق مكاسب ميدانية تعزز ميل بعض القوى المعنية إلى إعادة تأهيل النظام وإشراك رأسه في أي تسوية سياسية. ومن تجليات ذلك اندفاع الحوثيين في اليمن واحتلالهم صنعاء ومحافظات عدة، والتمهيد لوضع أقدامهم على باب المندب.

تحمل المناورات أكثر من رسالة إلى الداخل والخارج. تتوخى أن تطغى تصريحات القادة العسكريين وما تحمل من تلويح بقدرات هائلة للجمهورية في مواجهة خصومها، على ما قد تحمله بنود الاتفاق المتوقع مع الدول الست من تنازلات في البرنامج النووي. علماً أن بعض المتشددين لا يزال يعتقد بأن التمسك بهذا البرنامج يتيح لها حماية الانتشار والنفوذ اللذين تحققا في المنطقة العربية، ويقيها أية تراجعات قد تترك آثاراً وتداعيات شعبية غير محمودة. ويغيب عن بال هؤلاء أن استمرار تدهور أسعار الطاقة وكثير من العقوبات سيؤدي بدروه إلى مثل هذه التداعيات. لذلك، قد لا تجد القيادة الإيرانية مفراً من تجرع «كاس السم»، كما فعل الخميني لوقف الحرب مع العراق. من هنا، إصرار المرشد خامنئي على اتفاق يسقط كل العقوبات أو يعلقها في مقابل تجميد البرنامج النووي. وترغب أيضاً في توجيه رسالة إلى جميع الذين لا يزالون يلوحون بالخيار العسكري إذا انهارت المفاوضات هذا الشهر. تريد تنبيههم إلى أنها حاضرة وجاهزة هي أيضاً للخيار العسكري. كما أن التلويح بالقدرة على إغلاق مضيق هرمز لن يقلق السوق النفطية. فالإغلاق قد يكون سهلاً من الناحية العسكرية. لكن آثاره ستطاول الجمهورية الإسلامية مثلما ستطاول خصومها. علماً أن ثمة محاذير وعواقب خطيرة لمغامرة كهذه. فلا الولايات المتحدة ولا الغرب ولا المجتمع الدولي يمكن أن تسكت على إقفال ممرات الطاقة. مثل هذا الأمر لم يحدث في ذروة حروب الخليج الثلاث في العقود الماضية، فلماذا يبدو بهذه السهولة اليوم؟

لكن ضجيج المناورات في الخليج، ودخان المعارك التي تخوضها إيران وحلفاؤها في كل المنطقة لا يخفيان حقيقة أن هذا الاندفاع الذي واكب التقدم في المفاوضات النووية، لم يحقق حتى الآن غاياته. بداية الحرب على «داعش» في العراق لم تكن بلا ثمن. تنحية نوري المالكي كانت البداية. وتحرير الموصل وباقي المدن العراقية من قبضة «أبي بكر البغدادي» لن يكون بلا ثمن تقدمه بغداد، ومن خلفها طهران. ثمن للكرد في المناطق المتنازع عليها، وحصة مضمونة من الموازنة المركزية. وثمن لأهل السنّة الذين ينتظر الجميع انخراطهم في الحرب على التنظيم، فيما هم ينتظرون تصحيح تمثيلهم السياسي وحصتهم في القرار السياسي والاقتصادي والعسكري. علماً أن زعماء العشائر لم تعد لهم، في ظل سطوة «الخليفة»، السلطة التي كانت لهم أيام «أبي مصعب الزرقاوي». أما الجهود العسكرية والمالية التي تبذلها طهران في سورية فلم تبدل في الواقع الميداني على الأرض، لا في ريف حلب ولا في القنيطرة ودرعا. كما أن المساعي لتسويق مشروع بقاء الرئيس بشار الأسد، أو ترسيخ فكرة التعامل معه ضرورة لنجاح الحرب على الإرهاب، لا تجد لها صدى فعلياً أو قبولاً في الأوساط الأميركية والأوروبية. والوضع في اليمن ليس أفضل حالاً. «الهجمة المضادة» التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي كبحت جماح الحوثيين. وبات التأييد الداخلي والخليجي والدولي الذي يتمتع به الرئيس الشرعي في عدن سلاحاً جاهزاً لتقويض الكثير مما حققه «أنصار الله».

مقابل هذه التحديات التي تواجه إيران، لا تبدو أوضاع خصومها أفضل حالاً. الرئيس السيسي يحذر من «أن المنطقة العربية في خطر وفي أضعف حالاتها. وأن الجسد العربي مثقل بالجروح». لذلك، يبحث اليوم عن سبل لتفعيل الـــعمل العربي المشترك. أو عن هيكل يمكن أن يشكل رافعة لإعادة الروح إلى ما بقي من الجامعة. لم تفلح دعوته المجتمع الدولي إلى الانخراط في مواجهة الإرهاب في ليبيا. ولن تفلح دعـــوته في تحـــقيق إجماع عربي. لا يبقى أمامه سوى اللجوء إلى «قوة عربية بمن حضر». لا يحتاج إلى قوات بمقدار حاجته إلى غطاء سياسي ومالي لقواته في مواجهة تحديات الداخل وحركات التطرف على الحدود الغربية. يريد «تحالفاً» عربياً مع السعـــودية والأردن والإمـــارات والكويت، على غرار التـــحالف الدولي - العربي في بلاد الشام. وإذا التقت مواقف هذه الدول على سبل التعامل مع الأزمتين الليبية واليمنية ومــع النـــفوذ الإيراني، فإن مثل هذا التلاقي في الأزمة السورية ليس متوافراً، كما حاله بين هذه الدول وتركيا. في أي حال لم تكن مــصر ودول الخليج تحـــتاج إلى ما يؤكد حقيقة تاريخية مفادها أن الأمن الوطني لأهـــل الخليج جزء لا يتجزأ من الأمـــن القومي لمصر. لم يكن الطرفان يحتاجان إلى اختبار هذه الحقيقة في ضوء التطورات التي شهدتها المنطقة، من «العواصف» الداخلية، إلى تنامي ظاهرة الإرهاب وتقدم النفوذ الإيراني.

لعل المستجد في هذه الحقيقة أن دول الخليج ربما كانت في حاجة إلى إعادة الانخراط في تفاهم الحد الأدنى مع تركيا كثقل ديموغرافي وعسكري واقتصادي فاعل في أكثر من ساحة عربية، يعوضها خروج العراق وسورية من الحسابات الاستراتيجية العربية لإعادة التوازن مع الحضور الإيراني. والواقع أن الطرفين، العربي والتركي، يحتاج أحدهما إلى الآخر. فقدت السعودية سورية التي كانت تشكل الضلع الثالث والفاعل مع مصر لقيادة العمل العربي المشترك، والحفاظ على الاستقرار في الإقليم. مثلما فقدتها تركيا بوابة إلى بلاد الشام ومدخلاً إلى شمال شبه الجزيرة العربية. لكن هذه الحاجة المتبادلة لا تلغي اختلافات كثيرة بين الطرفين حيال عدد من القضايا وعلى رأسها قضية «الإخوان المسلمين»، والموقف من النظام المصري وسبل معالجة الأوضاع في ليبيا وغيرهما من القضايا، إضافة إلى توجس العرب من طموحات أردوغان «العثمانية»، وسعيه إلى تقديم نفسه نموذجاً إسلامياً مثالياً يصلح لعموم دول المنطقة.

لن يكون سهلاً أن تدير السعودية سياسة تقوم على ترسيخ التحالف مع مصر وإعادة الحرارة وبناء علاقات متينة مع تركيا. فالصراع القائم بين القاهرة وأنقرة يحتاج إلى جهود جبارة لإطفاء حريقه. لكن الرياض التي عرفت لعقود كيف تهندس العلاقات بين مصر وسورية على رغم تصادم سياساتهما في كثير من الملفات، يمكنها أن تكرر التجربة بين السيسي وأردوغان. ظل اللقاء الثلاثي بين السعودية ومصر وسورية يعمل لعقود على رغم التعارض بين الدولتين الأخيرتين في الموقف من قضيتي فلسطين ولبنان، منذ «جبهة الصمود والتصدي»، إلى حروب اللبنانيين. ومن الحرب العراقية - الإيرانية إلى العلاقات مع نظام صدام حسين... والعلاقات مع تركيا قبل صعود حزب العدالة والتنــــمية. ولائحة الخلافات كانت طويلة، لكنها لم تفسد ود هذا اللقاء. والقيادة الجديدة في الرياض بدت على مستوى التحدي في ردها على الخطوات الأخيرة لإيران. فقد راهنت الأخيرة ربما على انشغال هذه القيادة بترتيب الوضع الداخلي بعد رحيل الملك عبدالله، وسعت إلى إرباكها في اليمن ومياه الخليج. يمكن الرياض أن تجـــمع بين القطبين السنّيين الكبيرين في المنطـــقة على رغم ما بينهما من فـــروقات... إذا كان هدف الدول الثلاث الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في أية تغييرات سيخلفها الاتفـــاق المتوقع بين إيران والولايات المتحدة، وما قد تسفر عنه الحرب على الإرهاب التي لا يبدو أن أميركا راغبة في الرمي بثقلها لتغيير المعادلة على الأرض. بل هناك دوائر في واشنطن وعواصم غربية عدة ترى إلى الصراع المذهبي في الإقليم حرباً داخلية بين المسلمين، فلماذا تتدخل؟ يأتي التدخل بعد أن يرتفع صوت المتصارعين على أنقاض ما يبقى من خريطة المنطقة!

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ثلاثية» جديدة لاحتواء إيران ومواجهة الإرهاب «ثلاثية» جديدة لاحتواء إيران ومواجهة الإرهاب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab