سورية من الزلزال السياسي إلى الزلزال الطبيعي

سورية... من الزلزال السياسي إلى الزلزال الطبيعي

سورية... من الزلزال السياسي إلى الزلزال الطبيعي

 العرب اليوم -

سورية من الزلزال السياسي إلى الزلزال الطبيعي

بقلم - خير الله خير الله

يعتبر الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا والشمال السوري حدثاً غير عادي في منطقة لا تحتاج شعوبها إلى مزيد من المآسي والعذابات. ستتمكن تركيا من تدبير أمورها. يعود ذلك إلى أسباب عدة في مقدّمتها أنّها ليست معزولة عن العالم، إضافة إلى أنّ اقتصادها، يستطيع تحمّل النتائج المترتبة على الزلزال.

تستطيع ذلك على الرغم من كلّ ما ارتكبه رجب طيب اردوغان وفكره المرتبط بفكر تنظيم الإخوان المسلمين في حقّ الاقتصاد وتركيا والأتراك من جهة وطموحه إلى تصفية حساباته مع مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركيّة الحديثة من جهة أخرى.

في المقابل، يبدو السوريون الذين يعيشون في جانبي الحدود وفي مناطق سورية قسم منها تحت سيطرة النظام وأخرى خارج هذه السيطرة الضحية الأولى للزلزال، خصوصا في ضوء غياب دولة سورية بات يختزلها نظام معزول عن العالم. يرفض النظام حتّى الاعتراف بالواقع. الواقع أن البلد واقع تحت خمسة احتلالات وأنّه مرفوض من الشعب السوري في معظمه، خصوصاً من الأكثريّة السنّية ومن أكثرية الدروز ومن قسم لا بأس به من العلويين.

ليس الزلزال الطبيعي الذي تعرّضت له سورية، والذي يجد فيه النظام فرصة للحصول على مساعدات خارجيّة، سوى امتداد لزلزال سياسي بدأ عملياً في العام 1949.

وقتذاك، كان الانقلاب العسكري الذي نفّذه حسني الزعيم مع ما يعنيه ذلك من خروج للجيش عن مهمته الأساسيّة، أي الدفاع عن الوطن بدل التدخل في الشأن السياسي وحياة المواطن.

سارت سورية، بخطوات حثيثة، في طريق الانهيار من داخل.

في تسع سنوات، بين 1949 و1958 ذهبت إلى مكان غريب هو الوحدة مع مصر وذلك بتأثير من صعود نجم جمال عبدالناصر الذي أمّم قناة السويس في العام 1956 وراح يتحدّث عن انتصارات على «الاستعمار وأعوان الاستعمار وأذنابه» في حين أنّ تأميم القناة لم يكن سوى خطوة صبت في نهاية المطاف في تغيير طبيعة المدن المصريّة، في مقدّمتها القاهرة والإسكندرية والإسماعيليّة، في اتجاه ترييفها... بعد خروج الجاليات الأجنبيّة منها.

في الوقت ذاته، استغلت أميركا، في عهد الجنرال دوايت إيزنهاور، حرب السويس التي كانت وراءها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لإجبار الدول الثلاث على أخذ حجمها الحقيقي وإفهامها أنّها لا تستطيع شنّ حرب من خلف ظهر أميركا ومن دون إذن أميركي.

أسست دولة الوحدة المصريّة - السوريّة التي استمرت ثلاث سنوات، بين 1958 و1961، لقيام النظام الأمني السوري المستمرّ إلى اليوم، وهو نظام مرّ بمراحل عدّة بمجرّد سقوط التجربة الديموقراطيّة القصيرة بين 1961 و1963 حين عاد إلى الواجهة رجال حضاريون من أمثال ناظم القدسي.

جاء حزب البعث، عبر الانقلاب العسكري الذي نفذه في الثامن من مارس 1963 ليستكمل عملية القضاء على سورية وتكريس وجود نظام أمني أسّسه الضابط عبدالحميد السراج إبان الوحدة مع مصر.

كانت وحدة لا تمتلك أي مقومات للاستمرار باستثناء الربط بين التخلفين المصري والسوري.

كانا تخلفين في كلّ المجالات تحت شعارات الاشتراكيّة والتأميم والعداء للغرب... وشعارات الاستعداد للحرب مع إسرائيل، وهي شعارات توجت بهزيمة 1967 التي لا تزال المنطقة تعاني، إلى اليوم، من ذيولها.

مرّ نظام البعث في سورية نفسه بمراحل عدّة.

كانت المرحلة الأولى في 23 فبراير من العام 1966 حين استولى ضباط علويون، أبرزهم صلاح جديد ومحمد عمران وحافظ الأسد، على السلطة... وصولاً إلى خريف العام 1970 حين تفرّد حافظ الأسد بالسلطة. وضع حافظ الأسد صلاح جديد في السجن ثم أرسل من يقتل محمد عمران في طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني.

حوّل حافظ الأسد سورية إلى لاعب إقليمي مهمّ. صحيح أنّه لعب الدور الأساسي في إدخال إيران، ممثلة بـ«الحرس الثوري»، إلى لبنان في العام 1982، لكنّ الصحيح أيضاً انه نجح في إقامة نوع من التوازن في طريقة التعاطي معها، خلافاً لنجله بشّار الأسد الذي خلفه في العام 2000، فاتحاً الباب على مصراعيه نحو سيطرة إيرانيّة كاملة على النظام السوري.

زادت هذه السيطرة بعد سقوط روسيا في الحضن الإيراني نتيجة الحرب الأوكرانيّة...

ما يجمع بين كلّ العهود السوريّة، منذ العام 1949، باستثناء عهد الانفصال بين 1961 و1963، يتمثل في عملية تفريغ سورية من الكفاءات وتغيير طبيعة المجتمع فيها.

جاء الزلزال الطبيعي الذي ضرب الشمال السوري ليكمل الزلزال السياسي المستمر منذ 74 عاما... منذ انقلاب حسني الزعيم!

يعطي استمرار الزلزال السياسي السوري كلّ هذا الوقت فكرة عن طاقة السوريين على الصمود.

يعطي فكرة عن الثروة الكبيرة التي لا تنضب والتي اسمها سورية... سورية التي لم تعرف كيف المحافظة على نفسها وعلى خيرة الناس فيها. هؤلاء هربوا إلى لبنان في مرحلة معيّنة ولعبوا دوراً في نهضته.

انهار لبنان بعدما تحوّل بدوره إلى مستعمرة إيرانيّة وذلك بفضل الدور الذي لعبه النظام السوري في تدميره.

كان ذلك عبر إغراقه بالسلاح في عهد حافظ الأسد الذي أراد السيطرة على الورقة الفلسطينية خدمة لطموحاته الإقليمية... وعبر سقوط بشّار الأسد تحت تأثير النفوذ الإيراني.

ذهب بشّار إلى تغطية عملية اغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير من العام 2005، من زاوية أن سورية، كما كانت في عهد والده، لا تزال لاعباً إقليميا لا يمكن تجاوزه.

يدلّ الزلزال الطبيعي الذي ضرب الشمال السوري إلى أي مدى صارت سورية مفتتة. صارت مفتتة إلى درجة يعتقد فيها النظام أن الزلزال يمثل خشبة خلاص له وأنّه سيفتح الأبواب أمام انفتاح عربي ودولي عليه.

لا يعرف النظام أنّ العالم بات يعرف أنّه ليس سوى دمية إيرانيّة... وأنّ لا طابع، غير الطابع الإنساني، لأي مساعدات يمكن أن تصل إلى الأراضي السورية!


 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية من الزلزال السياسي إلى الزلزال الطبيعي سورية من الزلزال السياسي إلى الزلزال الطبيعي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab