فرنسا في مأزق النيجر

فرنسا في مأزق النيجر

فرنسا في مأزق النيجر

 العرب اليوم -

فرنسا في مأزق النيجر

بقلم - خيرالله خيرالله

سيظلّ السؤال الذي سيطرح نفسه، هل تسمح فرنسا بنجاح الانقلاب العسكري في النيجر للخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه؟   في النهاية، ليس الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر والذي اطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم، وهو عربي، سوى ضربة أخرى تتلقاها السياسة الأفريقية لفرنسا.  

تخسر فرنسا حلفاءها في القارة السمراء تباعاً. قبل النيجر، حيث رفع المتظاهرون في العاصمة نيامي أعلاماً روسيّة واطلقوا هتافات معادية للسياسة الفرنسيّة واقتحموا السفارة الفرنسية في نيامي، خسرت باريس مالي وبوركينا فاسو في العامين 2021 و2022.

ليس سرّا أنّ فرنسا انكفأت عسكرياً في اتجاه النيجر بعد كلّ ما تعرّضت له في مالي وبوركينا فاسو.

ما نشهده حالياً هو، في الواقع، فشل ليس بعده فشل لسياسة يقودها ايمانويل ماكرون الذي يتصرّف بطريقة توحي بأنّه من السياسيين الهواة الذين لا يعرفون، في العمق، الملفات التي يتعاطون بها.

ستكون النيجر خسارة كبيرة لفرنسا التي لديها قوات في هذا البلد، إضافة إلى أنّه بمثابة قاعدة استخباراتية في غاية الأهمية بالنسبة إليها. ليس معروفاً ما السياسة التي سيتبعها الجنرال عبدالرحمن تشياني قائد الحرس الرئاسي، الذي أعلن توليه السلطة. يعتقد مراقبو الوضع النيجيري أن تشياني رجل غامض ليس مستبعداً أن يكون معادياً للغرب عموماً.

كلّ ما يمكن قوله إن النيجر دخل مرحلة المجهول، بل يمكن الذهاب إلى وضع ما جرى في نيامي في اطار السعي الروسي إلى تأكيد أن فلاديمير بوتين لم يخسر الحرب الأوكرانيّة وأنّه لا يزال قادرا على الردّ وإيذاء الغرب في انحاء مختلفة من العالم، بما في ذلك افريقيا.

ليس صدفة ظهور يفغيني بريغوجين قائد مجموعة «فاغنر» في كواليس القمة الروسيّة - الأفريقية التي انعقدت في سانت بطرسبورغ خلال احداث النيجر، وقوله إن «شعب النيجر يخوض حرب تحرّر من الاستعمار».

ما حصل في النيجر، البلد الفقير الذي فيه مناجم يورانيوم، ضربة للولايات المتحدة أيضاً ولإدارة جو بايدن تحديداً. في ديسمبر 2022، انعقدت في واشنطن قمة أفريقيّة - أميركيّة. حرص بايدن على جلوس الرئيس النيجري بازوم إلى يمينه.

أعطى إشارة إلى وجود تقدير أميركي لبلد افريقي ينتخب فيه الرئيس ديموقراطياً. وفرت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة مساعدات للنيجر حيث اقامت قاعدة جويّة، فيما عززت فرنسا وجودها العسكري في منطقة في غاية الأهمّية هي منطقة الساحل الأفريقي.

على الرغم من الإصرار الأميركي على غياب الدليل على تدخل روسي مباشر، أو عبر مجموعة «فاغنر» في النيجر، ليس ما يشير إلى أن التطورات التي شهدها هذا البلد حصلت بالصدفة.

كان بريغوجين حاضراً في قمة سانت بطرسبورغ وشوهد يصافح أحد المسؤولين في جمهورية افريقيا الوسطى، حيث هناك وجود عسكري لـ«فاغنر».

هناك وجود لهذه المجموعة العسكريّة الروسيّة في مالي وافريقيا الوسطى أيضاً. ليس مستبعداً أن يصبح لـ«فاغنر» وجود في النيجر مستقبلاً بحجة أن على النظام الجديد الذي ترفض فرنسا الاعتراف به الدفاع عن نفسه.

هناك من دون شكّ موجة معادية لفرنسا ركبها كبار الضباط في النيجر. هؤلاء متعطشون إلى السلطة. لذلك سارعوا إلى تجميد الحياة السياسيّة، بما في ذلك النشاطات الحزبيّة.

لم تستطع فرنسا المحافظة على وجودها ونفوذها في المنطقة، كذلك لم تستوعب الولايات المتحدة ابعاد النشاط الذي تمارسه «فاغنر» في منطقة الساحل التي تحولت إلى منطقة تمارس فيها المنظمات الإرهابية مثل «داعش» نشاطاً واسعاً.

اكتفت الإدارة الأميركيّة، إلى الآن، بالتنديد بالانقلاب العسكري في النيجر. هل تستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك؟

تكمن مشكلة السياسة الفرنسيّة في عجز باريس عن اتخاذ موقف واضح وصريح حيال ما يدور في منطقة الساحل الافريقي التي كان مفترضاً أن تكون ملعباً خاصاً بها.

لم تتوقف فرنسا لحظة واحدة، على سبيل المثال وليس الحصر، عند الموقف الجزائري من قضيّة الصحراء المغربيّة والأسباب التي تدعو النظام الجزائري إلى متابعة حرب الاستنزاف التي يشنّها على المغرب.

ثمة تذبذب فرنسي ليس بعده تذبذب مع إصرار مسبق على تجاهل الدور الذي يلعبه النظام الجزائري في تكريس حال من عدم الاستقرار في كلّ الساحل الافريقي عن طريق دعم أداة مثل جبهة «بوليساريو» كان يريد فرضها على القمّة الروسيّة - الافريقيّة.

رفضت موسكو ذلك. لم يكن في استطاعة فلاديمير بوتين تحمّل مقاطعة المغرب للقمة. تمثّل المغرب برئيس الوزراء عزيز اخنوش الذي حضر إلى سانت بطرسبورغ.

يدلّ الموقف الفرنسي من موضوع الصحراء المغربيّة على تذبذب ليس بعده تذبذب. إن دلّ هذا الموقف على شيء، فهو يدلّ على رغبة في الخضوع للابتزاز الجزائري تماماً مثلما هناك رغبة فرنسيّة في الخضوع للابتزاز الذي تمارسه «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ايران على الصعيد اللبناني.

تراجعت فرنسا في لبنان واضطرت إلى تغيير سياستها. ليس ما يمنع تراجعها، يوما ما، في شمال افريقيا ومنطقة الساحل الممتدة من موريتانيا إلى جنوب السودان والتعاون مع القوى الساعية إلى الاستقرار بدل السقوط في الفخّ الجزائري.

في النهاية، تدفع فرنسا في النيجر ثمن سياسة تقوم على التذاكي. يمنعها هذا التذاكي من اتخاذ موقف مع الحقّ في ما يخصّ الصحراء المغربيّة.

يسمح مثل هذا التذاكي المترافق مع مقدار كبير من التذبذب لروسيا في السعي إلى إثبات أنّها ما زالت تلعب دوراً في افريقيا. تبدو روسيا مصرّة على هذا الدور، الذي لا افق له، على الرغم من غرقها في الوحول الأوكرانيّة. يظل الحدث النيجري مثلاً صارخاً على ذلك وعلى غياب الرؤية السياسيّة لدى دولة مستعدة للخضوع للابتزاز...

ما حدث في النيجر أبعد من انقلاب. إنه انعكاس للفشل الفرنسي من جهة وإصرار روسي على عدم القبول بالهزيمة الأوكرانيّة والنتائج المترتبة عليها من جهة أخرى!

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا في مأزق النيجر فرنسا في مأزق النيجر



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab