جدّية أميركا مع إيران… سؤال 2019

جدّية أميركا مع إيران… سؤال 2019

جدّية أميركا مع إيران… سؤال 2019

 العرب اليوم -

جدّية أميركا مع إيران… سؤال 2019

بقلم - خير الله خير الله

سيتوقف الكثير على ما إذا كانت إدارة ترامب جدية في الذهاب إلى النهاية في وضع النظام الإيراني في حجمه الحقيقي عن طريق العقوبات التي فرضتها على إيران والتي بدأ تطبيقها تدريجيا في نوفمبر الماضي.

إيران كرست ودودها في العراق من خلال الميليشيات المذهبية
في وقت تشرف فيه السنة 2018 على نهايتها، يظهر أنّ حال الضياع تعمّ العالم أكثر فأكثر. لم تعد هناك قواعد تتحكّم لا بما يدور داخل الدول نفسها ولا بالعلاقات في ما بين الدول. لكنّ الأخطر من ذلك كلّه، على الصعيد الإقليمي، هو ظهور مدى قدرة الميليشيات المذهبية على التحكّم بمصير دول عربية معيّنة في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني.

في العام 2017 تكرّس وجود الميليشيات المذهبية التي تدور في فلك إيران في غير دولة عربية. في العراق وسوريا ولبنان واليمن. يمثّل العراق مثلا صارخا على الانطلاقة الجديدة للمشروع التوسّعي الإيراني، وذلك في ضوء الاجتياح الأميركي للبلد في العام 2003، في عهد جورج بوش الابن، وتسليمه العراق على صحن من فضّة إلى إيران. فاق الفشل الأميركي في العراق كلّ تصوّر، نظرا إلى أن إدارة بوش الابن لم تكن تمتلك تصورا سياسيا واستراتيجيا واضحا لمرحلة ما بعد إسقاط نظام صدام حسين من جهة، والنتائج التي ستترتب على حلّ الجيش العراقي من جهة أخرى. لا يزال التصرّف الأميركي تجاه العراق لغزا لا يجد من يشرح خباياه.

لم يعد سرّا أن هذه الميليشيات الإيرانية تقف عثرة أمام اكتمال تشكيل الحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدي. لم يعد من خيار آخر أمام عبدالمهدي سوى اختيار فالح الفياض وزيرا للداخلية على الرغم من كلّ ما يمثله الرجل على صعيد نقل التجربة الإيرانية إلى العراق. ففالح الفيّاض هو زعيم ميليشيات “الحشد الشعبي”. ليس “الحشد” سوى مجموعة من الميليشيات المذهبية تعمل لدى إيران. لعبت هذه الميليشيات دورها في كلّ ما من شأنه ترسيخ الشرخ المذهبي في العراق، وصولا إلى فرض الفيّاض وزيرا للداخلية.

 كيف يمكن لزعيم مجموعة من الميليشيات ارتكبت كلّ أنواع التطهير، من منطلق شيعي- سنّي، أن يكون وزيرا للداخلية؟ عندما يعترض مقتدى الصدر على توزير زعيم مجموعة من الميليشيات يصبح الرجل على حقّ. تصبح مغفورة له كلّ خطاياه بما في ذلك تلك التي ارتكبها في مرحلة معيّنة كان فيها في الحضن الإيراني.

 يبدو ردّ فعل مقتدى الصدر الذي تقدّم حزبه الأحزاب الأخرى في الانتخابات الأخيرة ردا سليما. هناك رجل دين عراقي ينتمي إلى عائلة عربية شيعية بارزة استفاقت عراقيته، أي شعوره الوطني. تحوّل إلى ما يشبه حصنا أخيرا يقف في وجه تعميم تجربة “الحرس الثوري” الإيرانية كي لا تكون في العراق سلطة أخرى غير تلك التي تمثلها مؤسسات الدولة.

 لا يزال في العراق من يرفض أن تكون الدولة فيه تدار من طهران. رفض حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق المنطق الإيراني. أعلن بطريقة أو بأخرى أن العراق ستُراعى مصالحه أوّلا عندما يتعلّق الأمر بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران. دفع العبادي ثمن موقفه من إيران، ولا يزال إلى الآن يدفع هذا الثمن في بلد تسللت فيه طهران إلى الداخل السنّي واستطاعت إيصال مـوال لها هو محمد ريكان الحلبوسي إلى موقع رئيس مجلس النوّاب.

في غياب الاعتراض على ما تقوم به، تعتقد إيران أنّ في استطاعتها الذهاب إلى ما لا نهاية في إخضاع العراق حيث سيسهل نقل تجربتها بوجود أحزاب على رأسها شخصيات من نوع معيّن. إنّها شخصيات قاتلت مع إيران ضدّ العراق في الحرب التي دارت بين 1980 و1988 وانتهت بشبه انتصار عراقي خلق حقدا إيرانيا لا حدود له على كلّ ما هو عربي وعراقي.

أجريت الانتخابات العراقية في الثاني عشر من مايو- أيّار الماضي. لا تزال الحياة السياسية معطلة في البلد. لا يزال العراق يبحث عن هوية له منذ عملت إيران كلّ شيء ابتداء من العام 2003 كي لا تعود له هوية واضحة باستثناء هوية الجرم الذي يدور في فلك “الجمهورية الإسلامية” التي أسسها آية الله الخميني قبل تسعة وثلاثين عاما.

يمثل العراق الصورة الأقرب إلى الواقع الذي يعيشه عدد من دول المنطقة. ما مصير اليمن بعد عمل مبعوث الأمم المتحدة كلّ ما يستطيع كي يثبت سلطة الأمر الواقع التي فرضها الحوثيون (أنصار الله) في صنعاء؟ لا يمتلك الحوثيون أيّ تصوّر لما يمكن أن تكون عليه دولة شبه حديثة فيها أطفال ومراهقون يذهبون إلى المدارس كي يتعلّموا ويتثقفوا وينهضوا ببلدهم بعيدا عن الشعارات التي تعبّر عن الفراغ والجهل والتي تنتمي إلى ثقافة الموت ونشر البؤس والمرض والجوع.

لا حاجة إلى الحديث عن سوريا ولبنان وما يعاني منه البَلَدان بسبب تصرفات إيران وميليشياتها. ففي لبنان لا حكومة إلى الآن على الرغم من مضي سبعة أشهر على إجراء الانتخابات وعلى الرغم من كلّ الجهود التي يبذلها الرئيس المكلّف سعد الحريري من أجل أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية. لا تزال العقدة واضحة كلّ الوضوح وهي تكشف رغبة إيرانية، عبر “حزب الله”، من أجل اختراق السنّة في لبنان عبر وزير محسوب على النهج الإيراني… على غرار ما حصل في العراق حيث صار رئيس مجلس النواب السنّي إيراني الهوى!

هناك في الوقت ذاته ترجمة على الأرض لما تسعى إليه إيران عبر ميليشياتها المذهبية التي تلعب دورها في تغيير طبيعة المجتمع السوري.

ستكون السنة 2019 سنة حاسمة في مجال معرفة ما إذا كانت إيران ستبقى تمتلك حرية استخدام ميليشياتها لتحقيق مآربها في أنحاء مختلفة من المنطقة العربية وجوارها.

ثمّة عالم في حال ضياع خصوصا بعد كلّ ما شهدته بريطانيا وفرنسا لأسباب مرتبطة بالوضع الداخلي خاصة بكلّ من البلدين.

هناك غياب أوروبي عن الشرق الأوسط والخليج عموما. يفسّر هذا الغياب وجود أزمة داخلية بريطانية ناتجة عن الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي في صيف العام 2016، فيما أزمة فرنسا من نوع آخر مرتبط في جانب منه برفض الشعب الفقير أي إصلاحات تنجم عنها زيادة في الضرائب. لكنّ ذلك لا يمنع التساؤل ما الذي ستفعله إدارة دونالد ترامب التي قررت وضع حدّ للمشروع التوسّعي الإيراني؟

من الملفت أن هذه الإدارة التي تواجه، بدورها، صعوبات وتعقيدات على الصعيد الداخلي، بسبب تصرفات الرئيس الأميركي نفسه وتاريخه، تعرف إيران جيّدا. لديها وصف دقيق للخطر الذي يمثله النظام الإيراني منذ قيامه في العام 1979 ولجوئه إلى احتجاز دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران طوال 444 يوما.

سيتوقف الكثير على ما إذا كانت إدارة ترامب جدّية في الذهاب إلى النهاية في وضع النظام الإيراني في حجمه الحقيقي عن طريق العقوبات التي فرضتها على إيران، والتي بدأ تطبيقها تدريجيا في نوفمبر- تشرين الثاني الماضي. هل الولايات المتحدة جدّية مع إيران أم لا؟ ذلك هو السؤال الكبير في 2019…

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدّية أميركا مع إيران… سؤال 2019 جدّية أميركا مع إيران… سؤال 2019



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab