نقاش وطنيّ حول لبنان
أخر الأخبار

نقاش وطنيّ حول... لبنان؟!

نقاش وطنيّ حول... لبنان؟!

 العرب اليوم -

نقاش وطنيّ حول لبنان

حازم صاغيّة

يُفترض بالشعوب، كي تبقى شعوباً، أن تجمع بينها قواسم مشتركة ما، أو أن تجهد في بناء مثل هذه القواسم بقيادة طرف من أطرافها الأشدّ تنبّهاً لها. فإذا لم يتوافر ذلك، ولم يظهر ما يوحي بتوافره، لا عاجلاً ولا آجلاً، وُضع على الطاولة موضوع التفكير في فضّ الشعب وإعادة النظر في التشارك الوطنيّ. هذه المسألة الوجوديّة إن لم تستحقّ إثارة نقاش وطنيّ واسع، فما من مسألة أخرى تستحقّ أن تثير نقاشاً كهذا. وقد مرّ لبنان في تاريخه القصير في كثير من عمليّات المدّ والجزر في ما خصّ التحوّل إلى شعب، وتخلّلت هذا المسار لحظات كثيرة سادها التشكيك بواقع التشارك الوطنيّ. إلاّ أنّه لم يتعرّض مرّة إلى هذا الانشطار النوعيّ والكامل في خيارات أبنائه. فهناك طرف، أقلّيّ في آخر المطاف، يُلزم باقي الشعب، بقوّة استيلائه على السلاح، بسياسات، بل بنمط حياة، لا تريدها أكثريّة هذا الشعب. وهذا ما يمتدّ من التصوّر الإجماليّ للبلد كبلد «مقاوم» إلى ما شاء الله، مع ما يتفرّع عن ذلك اقتصاديّاً وفي طرق الحياة والمعيشة، وصولاً إلى أمن المطار ونتائج الامتحانات الرسميّة، ناهيك عن جواز الانخراط في صراع دمويّ يجري خارج الحدود الوطنيّة. ففي كلّ كبيرة وصغيرة بتنا نقع اليوم على هذا الافتراق النوعيّ بين «الشعبين»، والذي باتت أكلافه تتعاظم في إيقاع يوميّ. هكذا لم يعد قليلين اللبنانيّون الذين غدوا يقولون، وقد تخلّصوا من كلّ المحرّمات المفروضة عليهم بصورة أو أخرى، إنّ أكلاف المقاومة باتت أكبر من أكلاف أيّ احتلال. وفي حالة كهذه يكون من المشروع جدّاً الشكّ بمعنى استمرار الوطن الذي تُفرض عليه «وطنيّته»، أي رابطته الجامعة، بقوّة امتلاك أدوات العنف لا غير؟! لقد ارتبطت نشأة هذا الكيان في 1920 بكثير من الفولكلور وكثير من التمييز، وهو ما تميل الأيديولوجيا السائدة حتّى 1975 إلى إغفاله وتجاهله. لكنّها ارتبطت أيضاً بكثير من الحرّيّة التي ميّزت هذه البقعة المتوسطيّة الصغرى عن منطقتها التي أوقعها سوء حظّها في الطغيان والاستبداد. وهذه الحرّيّة هي المبرّر الأوّل، إن لم يكن الوحيد، لبقاء الوطن وطناً، ولسعي الشعب لأن يتكرّس شعباً. فإذا استمرّ هذا الواقع الذي يفرض على أكثريّة اللبنانيّين خيارات لم يختاروها، من أعلى مستويات وجودهم الاجتماعيّ إلى أدناها، صار من حقّهم، بل من واجبهم، إعادة النظر في هذه الحياة القسريّة. ذاك أنّ الأوطان والشعوب ليست أوثاناً مطروحة للعبادة، فإن لم تُلبّ الوطنيّة شروط ازدهار أبنائها وتقدّمهم، والحرّيّةُ واقعة في القلب من هذين الازدهار والتقدّم، بات العقد الاجتماعيّ المُلزم ساقطاً ومنحلاًّ. وأغلب الظنّ أنّ القوّة، مهما عتتْ، لا تستطيع أن تبقي الميت على قيد الحياة! أمّا العادات التي ساهمت في جعلنا «لبنانيّين»، فقادرة، هي أيضاً، أن تنقلب إلى نقيضها، وأن تحمل كلاَّ من هؤلاء اللبنانيّين المفترضين على البحث عن وسيلته لخلاصه.

arabstoday

GMT 13:34 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

رسائل في جيب الملك

GMT 06:10 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

بديع المقرئين

GMT 06:07 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

كيف تميزت السعودية سياسياً؟

GMT 06:05 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

لبنان: برنامجا استكمال الهزيمة أو ضبطها

GMT 06:03 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

أوروبا والألسنة الحداد

GMT 06:00 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

الرياض عاصمة العالم... مرة أخرى

GMT 05:53 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

السعودية صانعة السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقاش وطنيّ حول لبنان نقاش وطنيّ حول لبنان



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:23 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

عن قمة باريس للذكاء الاصطناعي

GMT 02:39 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

سماع دوي أصوات انفجارات في العاصمة كييف

GMT 17:11 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

وفاة الممثل والكاتب السورى هانى السعدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab